اعتدى على رجال شرطة وأهانهم وسرق كارفور.. كيف تحول الجزائري ديلور من “زومبي” إلى نجم الدوري الفرنسي؟

عدد القراءات
511
عربي بوست
تم النشر: 2020/09/24 الساعة 08:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/09/24 الساعة 08:58 بتوقيت غرينتش

فرض اللاعب  الدولي الجزائري أندي ديلور نفسه كواحد من أبرز نجوم الدوري الفرنسي لكرة القدم في بداية الموسم الجديد (2020-2021)، بحيث يعتبر اللاعب الأكثر فعالية إلى حد الآن، بتسجيله لهدفين وصنعه لاثنين آخرين، في ثلاث مباريات فقط، بعدما غاب عن مباراة واحدة بسبب تعرضه لفيروس كورونا.

وتصلح قصة حياة اللاعب ديلور لأن تكون فيلماً سينمائياً لتميزها بالعديد من الحبك الدرامية والأحداث الغريبة التي سنتعرف عليها من خلال هذا المقال المتواضع.

ولد بفرنسا من أم جزائرية وأب غجري 

ولد أندي ديلور يوم 9 أكتوبر/تشرين الأول 1991 بمدينة "سات" الفرنسية، من أم جزائرية تعود جذورها لمدينة واد رهيو بالغرب الجزائري، وأب فرنسي ذي ثقافة غجرية.

بدأ أندي ممارسة رياضة كرة القدم، في السادسة من عمره، أي في عام 1997، ضمن نادي  مدينة مسقط رأسه، "سات"، الذي استمر معه إلى غاية سنة 2008، مع فترة انقطاع في موسمي (1999- 2000) و(2002-2003) لعب خلالهما مع نادي "بوانت كورت" الصغير التابع لنفس المدينة، وذلك بسبب تأثره سلبياً بطفولة قاسية ومراهقة صعبة سأتطرق إليهما لاحقاً في سطور قادمة.

وحط  ديلور رحاله، في صيف 2008، بجزيرة كورسيكا بالبحر المتوسط لينضم لفريق الشباب لنادي أجاكسيو حيث تألق بشكل كبير في موسمه الأول (2008-2009) بتتويجه بجائزة هداف الدوري الفرنسي لأقل من 18 عاماً، برصيد 30 هدفاً.

ولفت حسه التهديفي المميز انتباه كشافي بعض الأندية الأوروبية الكبيرة على غرار بروسيا دورتموند الألماني وبوردو الفرنسي اللذين أجرى معهما تجارب فنية ناجحة، لكنه فضل الانضمام، في موسم 2009-2010، لنادي نيم بعدما وعده المدرب جان ميشال كافالي بمنصب ضمن التشكيلة الأساسية للفريق الذي كان ينافس في دوري الدرجة الثانية الفرنسية. 

وكان المدرب كافالي عند وعده في مطلع الموسم، حيث أشرك ديلور أساسياً في الدور الأول لكأس الرابطة الفرنسية المحترفة أمام نادي تروا، يوم 25 آب/أغسطس 2009، ثم يوم 30 من نفس الشهر في الجولة الأولى من الدوري أمام نادي ميتز. لكن الأداء المتواضع الذي ظهر به الشاب الجزائري في كلتا المباراتين، اضطر مدربه للاستغناء عن خدماته ضمن التشكيلة الأساسية وحوله إلى فريق الرديف الذي سجل له 12 هدفاً في دوري الدرجة الرابعة.

ولم ييأس ديلور في فرض وجوده ضمن فريق محترف فقرر العودة في صيف 2010 إلى أجاكسيو بعدما تخلى عنه نيم مقابل 100 ألف يورو فقط، فانضم مباشرة للفريق الأول للجزيرة الفرنسية، ثم بعد تألقه المميز بتسجيله سبعة أهداف في بداية الموسم، قرر النادي منحه عقداً احترافياً، في يناير/كانون الثاني، لمدة 3 سنوات ونصف، لكنه بقي معه عامين ونصف العام فقط، حيث فضل اللاعب الشاب خوض تجربة جديدة رفقة نادي تور الفرنسي بداية من صيف 2013.

تجربة فاشلة في إنجلترا وأخرى مميزة بالمكسيك 

انضم أندي ديلور لنادي تور في صفقة مجانية، لكن النادي الفرنسي باعه لنادي ويغان الإنجليزي، في العام الموالي، مقابل 4 ملايين يورو، وذلك بعد الظهور اللافت  للمهاجم الجزائري خلال موسم 2013- 2014، حيث نال جائزة أفضل هداف لدوري الدرجة الثانية الفرنسية بمجموع 24 هدفاً، كما اختارته مجلة "فرانس فوتبول" كأفضل لاعب في الدوري لنفس الموسم.

وتواصلت رحلات الذهاب والإياب بالنسبة لأندي ديلور، بحيث وبسبب فقدانه ثقة المدرب الجديد لويغان في ذلك الوقت، الاسكتلندي مالكي ماكاي، قرر العودة إلى نادي تور على سبيل الإعارة في يناير/كانون الثاني 2015، ثم رفض العودة إلى ويغان بعد نهاية فترة الإعارة فالتحق، في صيف نفس العام، بنادي "كون" الذي كان ينشط في دوري الدرجة الأولى الفرنسية، وذلك مقابل مليوني يورو.

شارك ديلور في 38 مباراة رسمية مع نادي كون في موسم 2015-2016، سجل خلالها 13 هدفاً وصنع هدفين آخرين، لكنه دخل في قبضة حديدية مع إدارة النادي بعد نهاية الموسم بسبب رفض الفريق الفرنسي تسريح لاعبه الجزائري إلى نادي تيغرس المكسيكي، حيث استمر الخلاف إلى غاية اليوم الأخير من الميركاتو الصيفي، حيث اقتنع "كون"  بالتخلي عن مهاجمه مقابل 8 ملايين يورو.

اكتفى ديلور بالمشاركة في نصف موسم فقط مع نادي تيغريس، سجل خلاله 4 أهداف وقدم تمريرة حاسمة واحدة، مساهماً بذلك في تتويج النادي بلقب الدورة الافتتاحية للدوري المكسيكي لكرة القدم، ليقرر بعدها العودة إلى فرنسا، في يناير/كانون الثاني 2017، من بوابة نادي تولوز الذي تعاقد معه لمدة أربع سنوات ونصف مقابل 6 ملايين يورو.

لعب ديلور موسماً واحداً ونصف الموسم مع تولوز، فشارك في 51 مباراة رسمية، وسجل 10 أهداف وقدم 6 تمريرات حاسمة، وهي حصيلة غير مرضية بالنسبة للاعب ينشط في الخط الهجومي، ما جعل إدارة الفريق  تتخلى عنه في يوليو/تموز 2018 لفائدة نادي مونبيلييه الفرنسي على شكل إعارة مع إلزامية شراء العقد عند نهاية الموسم بـ4.5 مليون يورو.

وبدأ أندي ديلور حياته في مونبيلييه بصنع الحدث خارج الملاعب وليس داخلها، بحيث تم الحكم عليه بشهرين حبساً غير نافذ وغرامة مالية بـ18 ألف يورو بتهمة إهانة وتهديد رجال شرطة خلال عملية مطاردة لسيارته بسبب مخالفة مرورية.

 وأفضل الآن التوقف عن الاسترسال في سرد المشوار الاحترافي لأندي ديلور والعودة إليه بعد التطرق لجزء من حياته الشخصية.

سر وشم "الدمعة" أسفل عينه 

من المؤكد أنّ  متتبعي الدوري الفرنسي أو مباريات المنتخب الجزائري قد لاحظوا وجود وشم "الدمعة" تحت العين اليمنى لأندي ديلور، وبلا شك أنّ العديد منهم قد تساءل عن  سبب  وجوده، وقد فتح الأمر الباب أمام الكثير من التأويلات. ولكي أشفي غليل فضولكم، فإني أنقل لكم سر الوشم مثلما تحدث به ديلور لصحيفة "ليكيب" الفرنسية، يوم 20 مارس/آذار 2017، حيث قال: "لا يتعلق الأمر بحدث مأساوي بعينه، ولكني بكيت كثيراً في حياتي  سواء في الأوقات الجميلة  أو الأليمة، لقد عشت أحداثاً رائعة وأيضاً أحداثاً قاسية جداً، ولذلك فأنا لا أنسى أبداً أحزاني".

أندي ديلور مع منتخب الجزائر

وروى ديلور البعض من تلك الآلام التي عاشها لما كان فتى مراهقاً، إذ وبسبب المعاناة الطويلة لوالده من مرض مزمن أدخله المستشفى، اضطر هو للعمل والتوقف عن ممارسة كرة القدم، وقد اشتغل في عمل غير عادي وغريب أشد الغرابة.

فقد استغل الفتى أندي توقف "سيرك" متنقل ببلدته ليعمل في نصب الألعاب ليكسب بعض المال ثم توطدت علاقته بالعائلة المالكة للسيرك لتمنحه فرصة المشاركة في إحدى الألعاب حيث يقوم بدور "الزومبي" المخيف.

ولما قرر أصحاب السيرك الرحيل إلى مدينة "بيربينيون" الفرنسية أخدوه معه دون علم والديه، وذلك قبل أن يتصل أندي ديلور بأبيه هاتفياً في نصف الطريق، ويطلب منه الأخير العودة فوراً إلى البيت واستئناف رياضته المفضلة. 

 وكشف أندي ديلور، لمجلة "فرانس فوتبول"  يوم  26 مارس/آذار 2019، جزءاً من مراهقته المعقدة، لما كان والده في المستشفى، قائلاً: "كنت أبلغ من العمر 15 أو 16 عاماً وهي الفترة التي نقوم بها عادة ببعض الأمور الخاطئة، وكان أبي يشعر بذلك، فكافح لكي يشفى من أجلي وأكد لي أنّنا سنصل إلى هدفنا، وبالفعل، فبعد عام واحد انضممت إلى نادي أجاكسيو قبل أن يتم طردي من الفريق ثم إعادتي إليه.. لقد  تم طردي بسبب شجار وأيضاً بسبب قيامي بسرقة لعبة من متجر (كارفور) سعرها 10 يورو فقط".

التألق مع مونبيلييه قاده إلى منتخب الجزائر 

أعود الآن إلى المحطة التي توقفت فيها عند الحديث عن المشوار الاحترافي لأندي ديلور، أي التحاقه بنادي مونبيلييه في صيف 2018، حيث لم يتأخر كثيراً في تفجير طاقته مع هذا الفريق بتسجيله لـ15 هدفاً وصناعته لـ7 أهداف أخرى في موسمه الأول (2018-2019) ثم تسجيل 12 هدفاً وصنع 3 أهداف أخرى في الموسم الماضي الذي توقف مبكراً في فرنسا، بسبب جائحة  كورونا.

وكان تألقه  في موسمه الأول مع مونبيلييه سبباً في انضمامه لمنتخب الجزائر ومشاركته في تتويج "محاربي الصحراء" بلقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم التي جرت دورتها النهائية بمصر في صيف 2019.

وكأنّ الحكايات الغريبة لا تنتهي مع أندي ديلور، على غرار قصة انضمامه لمنتخب الجزائر، ففي ربيع 2019  بدأ الحديث في الجزائر عن وجود لاعب محترف بالدوري الفرنسي  يحمل اسماً غريباً ولكنه يملك أصولاً جزائرية من والدته، وقد كافح من أجل الحصول على جواز السفر الجزائري على أمل اللعب للمنتخب الوطني.

مهارات أندي ديلور

وعلى الرغم من عدم ضمه من طرف مدرب منتخب "الخضر" للقائمة الرسمية المشاركة في نهائيات أمم إفريقيا 2019،  فإنّ ديلور ظل متشبثاً ببصيص الأمل إلى غاية تلقيه اتصالاً من الناخب الوطني، قبل أيام قليلة فقط من انطلاق الدورة، في منتصف يونيو/حزيران لتعويض اللاعب هاريس بلقبلة المبعد من القائمة لأسباب انضباطية.

وبقية القصة معروفة وهي مشاركة أندي ديلور في 5 مباريات في البطولة ومساهمته في تتويج الجزائر بلقب كأس أمم إفريقيا لكرة القدم.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
مراد حاج
صحفي وكاتب جزائري
صحفي وكاتب جزائري
تحميل المزيد