من الصعب ومن غير المعقول الحديث عن الجوانب الفنية والتكتيكية التي صاحبت مباراة برشلونة وبايرن ميونيخ ضمن الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، لماذا؟ لأنه وببساطة فإنك مهما كتبت أو شرحت لن تستطيع أن توفي فريق بايرن ميونيخ حقه بعد الانتصار الكاسح والتاريخي الذي ألحقه بخصمه، إذاً عمن سنكتب اليوم؟ برشلونة بالطبع الذي مُسح به الأرض مسحاً، أو كما يقول كاتب كرة القدم الإسباني غيليم بلاغ: "إن تراث برشلونة الذي يبعث على الفخر أصبح في سلة المهملات".
وصف ربما سيقول أحدكم إنه نابع من فم مشجع مدريدي أو شامت، إذا كنت تفكر بتلك الطريقة فأنت فعلياً تتخذ استراتيجية النعامة في الهروب من خلال دفن رأسها في الرمال عند شعورها بالخطر.
إذا كنت من مطبقي تلك الاستراتيجية فهذه التدوينة ليست لك ولتكتفِ بهذا القدر ولا بأس أن تصفني أيضاً بالمدريدي الحاقد أو الشامت أو ربما بعض السباب الذي لا يمكن ذكره هنا، إذا كنت من المشجعين العقلاء غير المتعصبين فهيا بنا ومرحباً بك لقراءة السطور القادمة.
أين الخلل؟
إجابة السؤال ليست تكتيكاً أو فنياً يا سادة، فالناظر للبيت الكتالوني يرى أن المنظومة كلها فيها خلل كبير وكبير جداً، بدءاً من الرئيس بارتوميو مروراً بالمدير الرياضي أبيدال ثم اللاعبين حتى الوصول إلى المشجع البرشلوني، لماذا؟ لأن الجميع لا زال يؤمن ويُصدق ويحلم أن برشلونة الحالي هو برشلونة عام 2009 والأعوام اللاحقة، وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه جميع عناصر المنظورة المذكورة سابقاً.
جميع عناصر المنظومة المذكورة سابقاً لا يريدون تصديق أن كرة القدم تُلعب عن طريق أشخاص مهما أجادوا وبرزوا وأبدعوا وأمتعوا من يشاهدهم سيأتي يوم نجدهم فيه قد وصلوا الحد الأقصى الذي لا ينفع معه أي اجتهاد فردي. وهذا ما نجده في إيمان البعض حتى الآن بأن ميسي هو "ميسي 2009″، أو أن من يوجه اللاعبين هو "الفيلسوف بيب" بحد نفسه، ونسوا أن ميسي ورفاقه أساطير 2009 قد وصلوا لحد المرونة الأقصى، وأن كل ما في جعبتهم قد نفد حتى وإن لم يعترفوا بذلك أو لم يرد من يشجع الفريق الاعتراف بذلك.
عودتنا كرة القدم أنه عند كل هزيمة أو خروج من بطولة لابد أن يكون هناك كبش فداء، والناظر لكبش الفداء الذي يجب أن يُضحى به هو المدرب المعجزة كيكي سيتين، والذي لمن لا يعرف كان الخيار الرابع في قائمة المدربين المرشحين لتدريب الفريق عند إقالة فالفيردي. نعم يتحمل كيكي الجزء الأكبر من الإذلال والمهانة اللذين تعرض لهما برشلونة في ليلة الجمعة السوداء، ولكن هلّا توقفت لحظة وسألت نفسك: من أتى به في المقام الأول؟
إنها الإدارة يا سادة ممثلة في الرئيس بارتوميو والمدير الرياضي إيريك أبيدال، وهما من يقع عليهما اللوم كل اللوم فيما وصل إليه الفريق من تفكك في غرفة الملابس والصراعات الجانبية التي تؤثر على تركيز الفريق ولاعبيه. وهنا لا أتحدث عن الهزيمة الساحقة فقط، فما وصل إليه الفريق هو نتاج عدة سنوات من التخبط والتضارب وملايين الدولارات تُهدر على نجوم يجلسون في دكة البدلاء وإهمال شبه متعمد لمدرسة اللاماسيا ومشروع لا يُعرف له أساس، وعلى ماذا يرتكز.
فقط انظروا إلى المشاريع الرياضية التي لدى فرق مثل: بايرن ميونيخ ومانشستر سيتي وريال مدريد وأرسنال وليون وتوتنهام وغيرها من الفرق التي تعرف ماذا تريد وكيف تحقق ما تريد. بينما فريق برشلونة يدور في الدائرة نفسها، نجوم بمليارات الدولارات وشباب موهوبون يأتون ليجلسوا في دكة البدلاء ويذهبون، بينما من يلعب هو ميسي وبيكيه وبوسكيتس وألبا.. فهل تنتظرون منهم الأداء نفسه في كل مرة أو تريدون منهم تكرار شريط برشلونة 2009؟
باختصار رؤية غائبة تماماً عن الرئيس بارتوميو الذي يبحث عن انتصارات تؤمّن له مقعده في كل انتخابات، وفريق رياضي ضعيف جداً لا يعرف ماذا يريد وكيف يحقق ما يريد، باختصار الخلل في المنظومة التي تُدير النادي حالياً وليس لاعباَ أو مدرباً، فعند غياب الرؤية الاستراتيجية الواضحة فإن اللوم يقع على من أتى بالعناصر التي يُطلب منها تنفيذ هذه الرؤية لا أكثر ولا أقل.
إذاً أين الحل؟
كمشجع لفريق برشلونة لا تفكر في استبدال لاعب أو مدرب أرجوك، فأنت هنا تكرر السيناريو نفسه وستتلقى الهزيمة نفسها لتعود وتكرر السيناريو في دائرة مفرغة، بينما الآخرون يسيرون بسرعة البرق. الحل هو مشروع رياضي متكامل شامل بإدارة جديدة ولاعبين جدد ومدرب جديد وخطة استراتيجية طويلة الأمد مع أهداف قصيرة يجب تحقيقها، ولكن بشرط بعيداً عن ميسي!
أراك تقول لي بملء فيك ماذا تقول الاستغناء عن ميسي؟ ميسي الأسطورة وأيقونة الفريق؟ شخصياً أؤيد هذا الطرح وبقوة، ولكن الكثيرين يتحاشون عمداً ذكره عند كل إخفاق وهذا منطقي نسبة لأنه ميسي وهذا وحده يكفي.
ولكن الشيء المؤكد أن هذه الهزيمة الساحقة والمذلة ستترك ندوباً في قلبه من الصعب شفاؤها في المستقبل القريب، ولكن سنة الحياة هي التجديد سواء على مستوى الأفراد أو الأفكار.
إذا هل يطرد؟ هذا مستحيل.
هل يباع؟ ممكن ولكن بشروطه الخاصة بالتأكيد.
إذاً ما العمل؟ منطقياً من الصعب التفكير في أنه من الممكن أن يختتم ميسي حياته الكروية في فريق آخر، ومن ثم حتى يخرج اللاعب بنفسه ليدلي لنا بتصريح فإنه من الصعب توقع ماذا سيحصل لمسيرته الكروية في المستقبل.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.