ضعف برشلونة، هجوم متنوع، وحارس متألق.. كيف فاز “زيدان الإيطالي” بالليغا؟

عدد القراءات
1,899
عربي بوست
تم النشر: 2020/07/17 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/07/17 الساعة 14:41 بتوقيت غرينتش
احتفالات ريال مدريد بلقب الدوري الإسباني (رويترز)

حقق ريال مدريد لقب بطولة الليغا للمرة 34 في مسيرته، بعد تفوقه بشكل واضح على غريمه برشلونة، منذ العودة من فترة التوقف الطويلة، ليفوز في 10 مباريات متتالية ويحقق اللقب تحت قيادة مدربه زين الدين زيدان، في إنجاز يحسب للجميع، خاصة أن الفريق الملكي فاز ببطولتين للدوري فقط خلال آخر 10 سنوات.

هناك حديث كبير حول التحكيم وتقنية حكم الفيديو المساعد وهذا النقاش الطويل في وسائل الإعلام، كانت هناك أسباب فنية أيضاً أدت إلى تفوق الريال وحصوله على بطولة الدوري، لذلك من الممكن الحديث عنها هنا، خاصة أن الكلام على التحكيم لا ينتهي، ولن نصل خلاله أبداً إلى نقطة تلاق أو اتفاق.

سوء مستوى برشلونة

يجب التأكيد على سوء مستوى برشلونة هذا الموسم، لقد فقد الفريق نقاطاً عديدة سواء مع فالفيردي أو كيكي سيتيين، بعد خسائر وتعادلات غير متوقعة، ونزيف من النقاط على مدار الدورين الأول والثاني، لذلك فإن مستوى وأداء الكتلان هذا الموسم يمثل علامة استفهام كبيرة، جزء منها بسبب عدم الاستقرار الإداري وتغيير المدربين، وجزء آخر نتيجة كبر سن معدلات أعمار اللاعبين وانخفاض مستوى العديد منهم.

برشلونة لم يعد مثل السابق، حتى ليونيل ميسي نفسه لم يحافظ على معدل تهديفه الكبير هذا الموسم، بالإضافة إلى عدم تأقلم غريزمان وكثرة إصابات سواريز، لكن المشكلة الحقيقية في خط دفاعه لأن البارسا استقبل 38 هدفاً حتى الآن، مقابل 23 هدفاً في شباك ريال مدريد، مما يؤكد أن الطريق نحو مرمى شتيغن أصبح سهلاً ومضموناً.

بطولة الليغا عبارة عن سباق بين جوادين، لذلك مع سوء مستوى وتراجع نتائج الحصان الأول "برشلونة"، أصبح كل شيء في صالح الحصان الآخر "ريال مدريد"، لكن أيضاً تحسن أداء كتيبة زيدان بوضوح بعد فترة التوقف الطويلة، عكس ما كان عليه الحال خلال شهري فبراير/شباط ومارس/آذار قبل جائحة كورونا.

مستوى كوروتا المميز 

هجوم ريال مدريد ليس بالقوي أو المخيف هذا الموسم، حتى صناعة الفرص لم تعد مثل السابق، خاصة عندما يلعب الفريق برباعي في الوسط، مما يقلل من الخيارات المتاحة هجومياً، لكن الفريق في المقابل تحسن في الشق الدفاعي، سواء في قلة الأهداف داخل مرماه، أو التألق الواضح للبلجيكي كورتوا بعد فترة طويلة من التراجع.

رقمياً وإحصائياً، استقبلت شباك الريال هذا الموسم 23 هدفاً في الليغا، لكن وفق نظام نسبة الأهداف المتوقعة، والذي يعتمد على حساب عدد الفرص وحجمها وأماكنها ثم ترجمتها إلى أهداف كانت يجب أن تسجل، فإن الريال كان يمكنه استقبال 30 هدفاً، وفق نظام "آندر ستات" الإحصائي، وفق الفرص والتسديدات التي وصلته من المنافسين محلياً، لكن مع تألق حارسه في التصدي للانفرادات والهجمات الخطيرة، فإنه استقبل رقماً أقل في دلالة واضحة على تفوقه هذا الموسم قياساً بالسابق.

أمام فرق مثل خيتافي وبلباو، فرق بدنية وقوية، كانت المباريات متكافئة، 50 50 داخل الملعب، لكن الريال فاز بضربتي جزاء لراموس في الحالتين. الحقيقة أن سيناريو المواجهتين متشابه إلى حد ما، صحيح أن خيتافي فريق أقوى من بلباو حالياً، وأحرج الريال أكثر، لكن في الحالتين مال زيدان إلى تأمين نصف ملعبه أولاً، تمركز وسطه بالقرب من دفاعه، وترك الهجوم على المهارات الفردية أو استغلال أخطاء المنافس، دون الحديث عن بعض القرارات الجدلية في المباراتين.

زيدان الإيطالي

تعلم زيدان كثيراً في إيطاليا كلاعب، لذلك بعد تحوله إلى التدريب وعودته إلى ريال مدريد، أصبح يفضل تأمين دفاعاته أولاً قبل التسجيل، مما جعله يحصل على الليغا بهذه الاستراتيجية، فيما يعرف بالاستحواذ الآمن أو هجوم الأرقام.

تعرف طريقة الاستحواذ الآمن بهجوم الأرقام، أي يلعب زيدان بأكبر عدد من لاعبيه حول دائرة المنتصف، مع ترك ثنائي هجومي فقط بالثلث الأخير، حتى يقوم بتدوير الكرات في الوسط، ويحرم منافسيه من ميزة قطع الكرات وتنفيذ المرتدة القاتلة، لتواجد عدد لا بأس به من الأسماء بعيداً عن خطوط الضغط، كمارسيلو وكارفخال على سبيل المثال.

لم يعد الريال قادراً على تطبيق هذه الطريقة على نطاق كبير مقارنة بـ 2017 أو 2018 حتى، بسبب كبر سن مارسيلو وحتى انخفاض مردود كارفخال، لكنه يعوضها بتنوع الأجنحة لديه، كما ذكرنا في تحليل سابق. فينسيوس قوي في 1 ضد 1، أسينسيو لاعب ممرر ومسدد، رودريغو لاعب عرضي على اليمين، مع بدائل مثل بيل وخاميس وهازارد.

لاعب آخر جعل الريال أقوى دفاعياً، هو البرازيلي كاسيميرو بلا شك، كاسحة الألغام التي تركض بلا توقف، يقوم بالعرقلة المشروعة والقطع السريع للكرات، ويتواجد كحائط صد أمام رباعي الخلف، بالنسبة لي هو أهم وأفضل لاعبي الريال هذا الموسم محلياً، مع استراتيجية واضحة تعتمد على حماية مرماه أولاً، ومن ثم البحث عن الأهداف فيما بعد.

تنوع الحلول الهجومية

استفاد الريال أيضاً من خيار الـ 5 تغييرات، بسبب عمق الفريق وقوة التشكيلة والبدلاء، وعودة الثنائي هازارد وأسينسيو من الإصابة، بالإضافة إلى تنوع مصادر هجومه عن طريق الأجنحة، ولنا مثال بأسينسيو وفينسيوس بالأخص لأن هذا الثنائي يمثل إضافة قوية جداً للريال بعد العودة، سواء في اللعب بالتشكيلة الأساسية أو الدخول في الشوط الثاني كأوراق رابحة. 

أسينسيو جناح يعرف كيف يتمركز ومتى يسدد وأين يقف أمام المرمى. مع مهارة أعلى ونجاعة أكبر في التسديد من بعيد، بالتالي يمكنه اللعب كجناح أيسر، وجناح أيمن مقلوب، يستلم ويسكر في العمق من أجل التصويب. هو ساعد هجومي مباشر في طريقة لعب 4-3-3، يساعده مهاجم وجناح آخر. لاعب مثل أسينسيو يستطيع التسجيل أكثر من كل وينجات الريال لهذا السبب، وبالتالي فهو مهم لأي فريق، صحيح أنه لا يملك الاستمرارية التي تحوله إلى لاعب ذي مستوى أعلى أو حتى أساسي باستمرار، لكنه يبقى ورقة رابحة ممتازة.

أما فينسيوس فإنه لا يزال سيئاً في الإنهاء وحتى قراره بالثلث الأخير يحتاج لعمل كبير، إلا أن أكبر مزاياه أنه فعلياً لاعب غير متوقع. أحيانًا تشعر بأنه لا يعرف ماذا يريد، وهذا الأمر رغم أنه سلبي إلا أنه يتحول إلى الشق الإيجابي، لأنك إذا كنت مدافعاً وتلعب أمامه، فأنت لا تعرف أبداً ماذا سيفعل، هل سيراوغ أو يتجه لليمين أو العمق، وهكذا.

هل يتأهل الريال؟ 

تأخر الريال بهدف مقابل هدفين أمام مانشستر سيتي في ذهاب ثمن نهائي دوري الأبطال، وتنتظره مواجهة نارية في الإياب على أرضية ملعب الاتحاد لكن بدون جمهور، خلال الأسبوع الأول من شهر أغسطس/آب. بالتأكيد أصبح الفريق الملكي أفضل الآن من مباراة الذهاب، خاصة على مستوى قوة الدفاع والوسط بارتفاع مستوى كورتوا في حراسة المرمى، وكل من كاسيميرو ومودريتش في المنتصف، بالإضافة إلى عودة هازارد وأسينسيو هجومياً، وانفجار قدرات بنزيما التهديفية.

ربما سيتعب الريال منافسه أكثر من السابق، لكنه أيضاً يحتاج إلى حلول أكبر على مستوى الهجوم، لأن الفريق يجب أن يتفوق بفارق هدفين أو نتيجة 3-2 فأكثر، حتى يصعد إلى ربع نهائي البطولة، مما يجعل الدفاع وحده لا يكفي أمام كتيبة غوارديولا، لذلك فإن زيدان سيعمل على استغلال الكرات الثابتة والركنيات والتسديدات من بعيد أيضاً، مع ضعف البرازيلي إيدرسون حارس السيتي في مثل هذه الأمور.

بعد فوز السيتي ذهاباً، كانت فرصته تصل إلى 70 % من وجهة نظري، لكن بعد تحقيق الريال بطولة الليغا وتحسن مستوى عناصره مؤخراً، حتى مع غياب هازارد للإيقاف، فإن فرصة السيتي قلت إلى 60 وربما 55%، لأن كتيبة زيدان ستحاول العودة من بعيد، لكن أولاً يجب عدم التقليل من قوة كيفين دي بروين، واستغلال الفراغات أسفل الأطراف، ومحاولة التسجيل أولاً قبل السيتي، في انتظار معركة بيب وزيزو في الاتحاد. 

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد مختار
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
صحافي رياضي، وكاتب مهتم بالتحليل والحديث عن كرة القدم وقصصها.
تحميل المزيد