السؤال الأول
دعني أطرح عليك أول سؤال في هذا المقال، ماذا لو لم يسجل إنييستا في آخر الدقائق في مرمى تشيلسي، وخرج برشلونة من بطولة دوري أبطال أوروبا نسخة 2009 من الدور نصف النهائي، وتحول إنجاز السداسية التاريخية في تاريخ كبير العاصمة الكتالونية لمجرد إنجاز محلي. لو كان هذا هو التاريخ هل كنت لتصف المدرب بيب غوارديولا بالفاشل؟
تسديدة أندريس إنييستا كانت أول وآخر تسديدة على المرمى أطلقها أصدقاء بويول على الحارس التشيكي طيلة المباراة.
صديقي، لو نجح مايكل إيسيان بقطع الكرة قبل أن تتهادى إلى أقدام ميسي، هل كنت ستصف بيب وقتها بالنصاب؟
في بداية مشواره مع الفريق تعثر غوارديولا في أول مباراتين له، الصحف تنتقد نقداً لاذعاً، والجمهور لا يصبر. ربما لو كانت تلك التجربة في الوقت الحالي، لتمت إقالته في منتصف الموسم من فرط الضغوطات التي ستنهال عليه. لكن برشلونة كان محظوظاً وقتها بتواجد عبقرية فذة مثل كرويف في أروقة النادي، طلبت من الجماهير الصبر، وقال إنه لم ير الفريق يلعب بتلك الجودة منذ سنوات. وانتهى الموسم بأكبر إنجاز في تاريخ اللعبة على صعيد البطولات.
لا أخفي عليكم أن هذا الموسم كان أقل مواسم بيب مع الفريق نجاحاً على صعيد الجودة، لكنها تفاصيل بسيطة جعلته مميزاً، أكبر إنجاز لبيب في حقبة برشلونة هو الأسلوب، وترميمه لهوية النادي، وتركه لإرث باق أثره حتى الآن ولو قليل.
السؤال الثاني
ماذا سيحدث لو قمنا بعمل استبيان وسط جماهير ريال مدريد لمعرفة رأيهم في المدرب الإسباني رافا بينيتيز؟
على الأرجح ستقوم الأغلبية بالتقليل والحط من قيمته كمدرب بعد الأداء الضعيف الذي قدمه في السانتياغو برنابيو، وخسارته لدعم غرفة الملابس. لا تتعجب من رأيهم، واركب آلة الزمن وعد إلي الوراء 4 سنوات فقط، وقم بعمل نفس الاستبيان وسط جماهير إنتر ميلان عن قيمة غاسبريني، لربما سمعت كلاماً مشابهاً عما قيل عن بينيتيز.
الجماهير تعمم من تجربة واحدة وتغض نظرها عن باقي العوامل. في مدريد وصفوا رافا بالمفلس وهو من أهم عقول التكتيك الكروي في العقد الأول من الألفية الثالثة، لمجرد فشل تجربته مع الملكي. وفي ميلانو لو تنبأ أحدهم بنجاح غاسبريني المبهر مع أتلانتا لوصفوه بالمجنون، لأنه كان صاحب أول درجة من درجات الانحدار بعد موسم الخماسية التاريخية في 2010.
ماذا عن ساري يوفينتوس؟
كان لابد من فرش تلك السطور التي في الأعلى حتى نستطيع الحديث هنا عن ساري دون أن تراق دماؤنا من المتعصبين لرأيهم. ولطالما سمعنا أحكاماً قاسية تصدر في حق المدرب ماوريسيو ساري.. مفلس، نصاب، وضعيف وغيرها من الأحكام والنعوت المقللة من شأن المدرب. يتم إنكار ماضي المدرب بأكمله، وسابق نجاحاته وكأنه نزل بالباراشوت على معقل الفريق الإيطالي دون سابق معرفة أو تحذير، أليس ساري هو المدرب الوحيد الذي استطاع تهديد سطوة يوفنتوس بجدية وكاد يخطف منه لقب الدوري. ومن قبل، تعاقد معه نابولي بعدما صعب بإيمبولي لدوري الدرجة الأولى الإيطالي لأول مرة في تاريخ النادي. وظل بعدها وفياً لتقاليد النجاح وحقق مع نابولي 90 نقطة في موسم فازوا فيه بـ28 لقاء، وقاد نابولي للمشاركة في دوري أبطال أوروبا. رغم كل ذلك، أرى أن النجاح الحقيقي لهذا الرجل يكمن في هويته الكروية، يقع في نجاحه بأسلوبه الخاص. حتى أطلق على طريقته "كرة ساري" أو Sari Ball بالإنجليزية، النجاح في التأثير على الكرة وترك البصمة.
بنطال جيد.. وقميص جيد.. وهيئة قبيحة
هل يمكن طلب النجاح السريع من مدرب راديكالي له أيديولوجيا خاصة به في موسمه الأول؟
ذلك أشبه بإجبار الفلاح على حصد محصوله بعد ساعات من زراعة البذور. الألعاب المركبة وتكرارها في التدريبات يحتاج لنوعية مطيعة من اللاعبين، جنود وليس نجوماً، بسبب النزعة الفردية الغالبة على جل نجوم يوفنتوس. أفكار ساري بمثابة سجن يقيد حريتهم، أنماط اللعب لا ارتجال فيها تقريباً، بالتالي لن يحب اللاعبون من يأخذ من نجوميتهم لقوة المنظومة. ربما لو درب ساري مجموعة اللاعبين الموجودين في آي سي ميلان لنجح بهم في زمن أقرب من نجاحه مع يوفنتوس، لو سمح له بالاستمرار، فنوعية اللاعبين في ميلانو ملائمون جداً لأفكاره.
غاسبريني نصاب برشلونة في المستقبل
تخيل لو تمت تولية غاسبريني قيادة الفريق الكتالوني، لربما سمعنا من الجمهور بأن المنقذ الذي نجح مع أتلانتا رفقة لاعبين مغمورين حط الرحال في برشلونة.
هل سيفشل غاسبريني في برشلونة رفقة ميسي وكتيبة النجوم، قطعاً سيفشل بشكل ذريع لو أراد اللعب بأسلوبه. الـ zona mista لا تناسب إطلاقاً نوعية لاعبي برشلونة الحاليين.
هل يستطيع بوسكيتس وميسي وسواريز وراكيتيتش وبيكيه ولونغليه وكل لاعبي الفريق في تطبيق نظام المراقبة (رجل لرجل) طيلة المباراة؟
دفاع رجل لرجل في شكله الحديث مع غاسبريني يتطلب 11 حصاناً كما قال بنفسه، غاسبريني وجد ما يناسبه في بيرغامو، لكن لا يوجد ما يناسبه في كتالونيا، هكذا حال موريسيو ساري، لم يجد ما يناسبه -حتى الآن- في تورينو.
أمن العدل أن تحكم بالنصب والاحتيال على أحدهم لمجرد فشله في تجربة رغم نجاحه في أخريات؟دع عنك الأسباب، ودعك من البيئة المحيطة به ومن نوعية اللاعبين، سواء فشل لأسباب تتعلق به أو لا تتعلق به، لماذا الاتهام بالاحتيال والنصب بدلاً من انتقاد فشله في تجربة محددة، لمَ التعميم؟
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.