أدانت منظمة التجارة العالمية، بشكل رسمي، المملكة العربية السعودية، بقرصنة شبكة قنوات beIn sports، عبر قناة BeoutQ، التي قامت بشكل غير قانوني ببث محتوى إعلامي خاص بالشبكة القطرية.
وأصدرت لجنة التحكيم لهيئة تسوية النزاعات التابعة لمنظمة التجارة العالمية، الثلاثاء، تقريرها النهائي بشأن عملية القرصنة والسطو الواسعة والطويلة التي قادتها BeoutQ على برامج شبكة قنوات beIn sport منذ أغسطس/آب 2017، أي بعد حصار قطر بنحو شهرين.
وأضاف التقرير أن قناة BeoutQ موجودة في السعودية، وأن الأخيرة غضت الطرف عن قرصنتها لبرامج beIn sports.
السعودية خالفت القانون
وتابع: "السعودية خالفت القانون الدولي للملكية الفكرية وفقاً لأدلة مقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم، واستفادت BeoutQ، من دعم مؤسسات وشخصيات سعودية نافذة، منها المستشار السابق في الديوان الملكي سعود القحطاني.
وطالبت المنظمة السعودية بالإذعان لحكم لجنة فض النزاع وأن تتخذ إجراءات جنائية ضد من يقف وراء قناة القرصنة BeoutQ وسرقاتها للمحتوى الإعلامي الخاص بقنوات BeIN.
وأكد التقرير إدانة السعودية ومخالفتها صراحة لاتفاقية "ترينس" المعنية بحماية الملكية الفكرية، وهو ما ينصف العديد من الجهات الرياضية والإعلامية التي تضررت مصالحها بسبب أعمال القرصنة.
شكوى قطرية منذ عام ونصف
ويأتي هذا الحكم بعد عام ونصف من قيام دولة قطر بتقديم شكوى رسمية الى منظمة التجارة العالمية من أجل البت في دعوى قضائية ضد السعودية بشأن انتهاكاتها حقوق الملكية الفكرية.
وكانت منظمة التجارة العالمية قد وافقت على طلب دولة قطر لتشكيل لجنة تحكيم للبت في الدعوى القضائية المرفوعة ضد المملكة العربية السعودية بشأن انتهاكاتها لحقوق الملكية الفكرية للمواطنين والشركات القطرية.
وكانت صحيفة Guardian البريطانية أكدت الشهر الماضي، أن منظمة التجارة العالمية خلصت إلى أن السعودية تقف بشكل مباشر خلف قناة القرصنة BeoutQ، المُدانة بقرصنة حقوق بث مباريات كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من مجموعة قنوات beIn sports القطرية.
الصحيفة البريطانية قالت، إن التقرير النهائي لمنظمة التجارة العالمية المؤلف من 130 صفحة، يؤكد بشدة أن الحكومة السعودية وراء beoutQ.
كما يكشف التقرير أن مسؤولي الدوري الإنجليزي الممتاز، الذين تلقوا تقرير منظمة التجارة العالمية "قدموا طلبات باتخاذ إجراءات قانونية ضد السعودية".
تأثير الحُكم على صفقة شراء نيوكاسل
تقرير الصحيفة البريطانية قال إن من شأن الكشف عن موقف منظمة التجارة العالمية وإدانة السعودية أن يؤثر على صفقة استحواذ المملكة على نادي نيوكاسل الإنجليزي، المثيرة للجدل.
ووصل الاتفاق بين صندوق الاستثمار السعودي والمُلاك الحاليين لنادي نيوكاسل، وصل إلى مراحله النهائية، بحيث تتم صفقة الاستحواذ على النادي مقابل نحو 300 مليون جنيه إسترليني، لكن قرار منظمة التجارة العالمية سيحول دون إتمام الصفقة.
وكانت الخطة أن يستحوذ صندوق الاستثمار السعودي على 80% من أسهم نيوكاسل، بينما ستحصل شركة "بي سي بي"، المملوكة للمموّلة أماندا ستافلي على 10% من الأسهم، أما عائلة "الإخوة روبنز" المُلاك الحاليين للنادي فستحتفظ بنسبة الـ10% المتبقية.
مليار دولار تعويض
إلى جانب قضية منظمة التجارة العالمية، فقد تقدمت المجموعة الإعلامية الدولية، مجموعة beIN الإعلامية، بدعوى تحكيم استثماري ضد المملكة العربية السعودية، الأمر الذي سيحقق نتائج أوسع من قضية منظمة التجارة العالمية.
ويطلب التحكيم الاستثماري تعويضاً بقيمة تزيد عن مليار دولار أمريكي (منذ 1 أكتوبر 2018 والأضرار المتراكمة منذ ذلك الحين) لقاء مجموعة من الممارسات السعودية التي تستهدف beIN، بما في ذلك beoutQ.
أدلة تدين السلطات السعودية
في التفاصيل القانونية لقرار منظمة التجارة العالمية، أكدت الأخيرة أن قرصنة beoutQ وما يرتبط بها من إخفاقات في حماية الملكية الفكرية، تُعزى إلى الحكومة السعودية، وتشمل وقائع منظمة التجارة العالمية عدد من الأدلة.
فقد روّجت الدولة السعودية ودعمت beoutQ منذ البداية، بل قامت برعاية عدة تجمعات عامة تعرض بث beoutQ، بما في ذلك ما حصل خلال كأس العالم 2018 عندما أعلنت الحكومة السعودية عن 294 عرضاً عاماً موزعة على 13 منطقة في المملكة، يعرض فيها ما تبثه beoutQ.
كما لم تتخذ الدولة السعودية أي إجراء ضد beoutQ على مدى 3 سنوات.
كذلك، قامت هيئات حكومية سعودية ومسؤولون سعوديون، من ضمنهم سعود القحطاني، -الذراع الأيمن لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان – بالترويج علناً لـbeoutQ منذ بدايتها، وشمل ذلك "تغريدات حكومية".
عربسات مُتهمة
ووجدت منظمة التجارة العالمية أن beoutQ بُثت على ترددات مرسلة بواسطة مزود الأقمار الصناعية عرب سات (وهو كيان برئيس تنفيذي سعودي، وتمتلك الحكومة السعودية حصة الأغلبية فيه، ومقره في الرياض، وقد تجاهل مئات البلاغات بوقف سرقة بث الدوري الإنجليزي الممتاز، والفيفا، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وbeIN، وغيرها من مؤسسات البث، وجهات أخرى عديدة من ضمنها دولة قطر).
كما تدعم beoutQ أيضاً شركة Selevision Company LLC، وقد أيدت منظمة التجارة العالمية قرار محكمة فرنسية عام 2019 قضت بشكل قاطع بأن beoutQ تبث عبر عربسات.
وقال التقرير: "على الرغم من تزويد السلطات السعودية بدليل شامل من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز، وحكومة المملكة المتحدة، والفيفا، والاتحاد الأوروبي لكرة القدم، وbeIN، وغيرها، إلا أنها، بشكل متعمد، لم تتخذ أي إجراءات جنائية ضد beoutQ".
وأضاف: "علاوة على ذلك، أعاقت الحكومة السعودية إقامة دعاوى مدنية تجاه انتهاك حقوق الملكية الفكرية، بما في ذلك الضغط على تسعة (9) مكاتب محاماة سعودية لرفض قبول مثل هذه الدعاوى المدنية من قبل الدوري الإنجليزي الممتاز وآخرين".
فيما يخص انتهاك المادة 61، رفضت منظمة التجارة العالمية ادعاء الدفاع السعودي بعلاقة الأمر بالأمن القومي.
وهذه هي المرة الأولى منذ 73 عاماً هي عمر منظمة التجارة العالمية (وسابقتها الجات) التي ترفض فيها المنظمة محاولة أي دولة التماس استثناء الأمن القومي في دفاعها.
ويقول تقرير المنظمة: "إن سرقة حقوق التلفزيون لا علاقة لها بالأمن القومي لبلد ما، فهي سرقة تجارية استمرت في هذه الحالة لمدة 3 سنوات وما تزال مستمرة".