"يُمكنه أن يُطلق النكات قبل انطلاق مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا. الناس تتصور خطابات رسمية تجعلك تبكي من شدة التوتر، ولكنه في الحقيقة، يجعلنا نبكي من الضحك. مع كارلو كنا عائلة داخل الفريق".
هكذا تكلم الأسطورة باولو مالديني عن المدرب المحنك كارلو أنشيلوتي في سيرته الذاتية.
أنشيلوتي هو رمز من رموز الكرة الإيطالية، هذا كلام غير نابع من عاطفة، بل هي حقيقة لا يمكن تحريفها. كارلو لاعب سابق ذو مسيرة ناجحة، ومدرب ذكي توج بكل الألقاب الممكنة مع آي سي ميلان. أحبه جميع من لعب تحت قيادته، والنقطة الأهم التي أكدها الجميع هي قدرته على خلق جو هادئ ومريح في غرف الملابس، وهذا ما يجعله مقرباً من جميع اللاعبين.
عودة بالزمن مع مورينيو
إن عدنا بالزمن إلى الوراء، تحديداً عندما كان جوزيه مورينيو مدرب مانشستر يونايتد، نلاحظ أنه على الرغم من قيمة جوزيه كمدرب، فإن الفريق كان يمر بوقت عصيب، مشاكل إدارية، صفقات متواضعة، وجو مشحون في غرفة تغيير الملابس.
مورينيو كان في خلاف شبه دائم مع إدارة مانشستر يونايتد، يريد صفقات كبيرة، لكنه لا يحظى بذلك. هذه المشاكل خلقت جواً سلبياً في النادي، مما أحبط العديد من اللاعبين، على رأسهم نجم الكرة الفرنسية بول بوغبا.
حتى عندما كان مورينيو مدرباً لريال مدريد، انقلب اللاعبون على مدربهم البرتغالي في موسمه الأخير، وتعرض جوزيه لانتقادات واسعة، كان أبرزها من سيرجيو راموس، الذي لا يتوقف عن مهاجمة مورينيو إلى يومنا هذا. كل ما تم ذكره لا يعني أن جوزيه مدرب سيئ، بل يشير إلى أنه وعلى الرغم من قيمته كمدرب، فإنه يمتلك أعداء مثلما يمتلك أصدقاء ومحبين.
في الطرف الآخر، هناك كارلو أنشيلوتي، المدرب الذي يعرف جيداً كيف يوطد علاقته مع جميع لاعبيه. نادراً ما ترى من يُهاجمه أو ينتقد أسلوبه وطريقته في التعامل مع الأمور على عكس ما يتعرض له معظم المدربين الكبار، أمثال بيب غوارديولا وجوزيه مورينيو.
الصداقة أو الموت
قبل أن تتم إقالته من منصب رئيس الجهاز الفني لفريق ريال مدريد بوقت قصير، تحدث كارلو، في مقابلة مع صحيفة لاغازيتا ديللو سبورت الإيطالية، نالت اهتماماً كبيراً من الصحافة الإسبانية، حيث قال: "العلاقة مع اللاعبين أهم من العلاقة مع الرئيس، لو كانت علاقتك معهم سيئة فأنت رجل ميت".
هذه الكلمات لم تكن مجرد أحرف على صفحات المواقع وشاشات التلفاز، بل كانت تلميحاً من المدرب الإيطالي إلى أنه من الفئة التي تفضل عدم مجادلة أي رئيس ناد وافتعال المشاكل بشكل دائم، وذلك من أجل الحفاظ على الهدوء والابتعاد عن جو الفوضى والمشاكل.
لكن هذا ما لم يحدث في أيامه الأخيرة مع الميرينغي، حيث تبين أنه فضل دعم اللاعبين على الانصياع لقرارات بيريز، وقد تأكد ذلك من كلام رونالدو الذي قال: "لقد حمانا كارلو من الرئيس، هذا أعاد الهدوء لغرفة تغيير الملابس، أعرف ما يقوله الناس، لكنني رأيت بنفسي كيف يرفض الضغوط من أي أحد، ويقرر ما يراه مناسباً ويتحمل مسؤولية القرار، لذلك كنت أحبه وأحترمه".
مشاكل بايرن ميونيخ أكبر من أنشيلوتي
في تقرير على الموقع الرسمي للدوري الألماني تم نشره بعد رحيل كارلو أنشيلوتي عن بايرن ميونيخ، قيل بأن سبب إقالته لم تكن بسبب عدم الثقة بلاعبيه بقدر ما هي بسبب سوء النتائج والأداء التكتيكي المتواضع الذي قدمه المدرب الإيطالي، على حد قوله. وأوضحت صحيفة كيكر الألمانية في تقرير سابق لها في عام 2017 أن أحد الأسباب التي ساهمت في تفاقم المشاكل بين اللاعبين والكادر الفني هو شراهة ماوري (مدرب اللياقة البدنية) في التدخين والتي لا تتناسب مع وظيفته، وهو ما أساء للاعبين.
ويعود سبب إقالته أيضاً إلى فشله في تهدئة الأوضاع داخل غرف الملابس، والتي انفجرت قبل استلامه رئاسة الجهاز الفني، حيث ظن رئيس بايرن ميونيخ أنه يمكن حل هذه المشاكل عبر تعيين أنشيلوتي مدرباً للفريق، نظراً لخبرته في التعامل مع اللاعبين، لكن ذلك ما لم يحدث، لأن المشاكل البافارية كانت أكبر من الجميع، والدليل إقالة المدرب الكرواتي نيكو كوفاتش بعد أنشيلوتي.
توديع حار وذرف للدموع
إن أردنا مراجعة أيامه السوداء في نابولي، لم يكن كارلو عبئاً على الفريق، بقدر ما كان مساعداً في التخفيف من ضغط الجماهير والحد من الأجواء المشحونة في النادي على الرغم من تمرد اللاعبين على الإدارة.
وقد تحدث كارلو في وقتٍ لاحق لموقع غول بنسخته العالمية عن حقيقة علاقاته مع لاعبي نابولي، حيث قال: "تمرد اللاعبون ضدي؟ لا لم يحدث ذلك، لدي علاقة ممتازة مع الفريق، والجميع يحترمني هنا، ولا أرى أي مشاكل حدثت بيننا وبين اللاعبين".
وحتى بعد أن تمت إقالته من تدريب نابولي، كشفت صحيفة كوريري ديلو سبورت الإيطالية أن عدداً من لاعبي الفريق ذرفوا الدموع خلال اللقاء الأخير مع المدرب، وأكثر اللاعبين تأثراً بالموقف هم كوليبالي، آلان، هرفينغ لوزانو، وكوستاس مانولاس، وهذا ما يُظهر حقيقة علاقة كارلو أنشيلوتي مع لاعبيه.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.