رغم أن الهدف الذي أحرزه لخضر بلومي، نجم الكرة الجزائرية، في مرمى شوماخر، حارس ألمانيا، في لقاء المنتخبين بمونديال إسبانيا عام 1982، لم يكن أول هدف عربي في كأس العالم ولا حتى أول هدف جزائري في البطولة العالمية، كما أنه بالتأكيد لم يكن الأخير، فإنه يحتل مكانة متميزة للغاية في تاريخ الأهداف العربية بالمونديال.
يكتسب هدف بلومي أهميته الاستثنائية من كونه الهدف الذي كسر كبرياء وغرور المنتخب الألماني، الذي دخل تلك النسخة من المونديال وهو بطل أوروبا، بعدما فاز باللقب قبل ذلك بعامين في النسخة التي أقيمت في إيطاليا بالانتصار في المباراة النهائية على بلجيكا.
وقياساً على الفارق الكبير في السمعة الكروية بين منتخب فاز بالمونديال مرتين وجاء الى النسخة المذكورة حاملاً كأس أوروبا، ومنتخب قادم من القارة المجهولة يظهر في المحفل الكروي العالمي لأول مرة بتاريخه، بدأ الجميع يراهنون، ليس على نتيجة المباراة وإنما على عدد الأهداف التي سيسجلها الألمان في مرمى المهدي سرباح، حارس الجزائر.
أيضاً بالغ الألمان في غرورهم كما اتضح من تصريحاتهم قبل المباراة، حيث تعهد المدرب يوب ديرفال، المدير الفني لمنتخب الماكينات وقتها، بأن يعود إلى ألمانيا (التي كانت تلقَّب بالغربية في ذلك الوقت قبل 8 سنوات من انهيار سور برلين وإعادة توحيد الألمانيتين)، في أول قطار يتحرك من مدينة خيخون بإسبانيا التي كانت تستضيف اللقاء.
كما قال الظهير الأيسر الشهير بول برايتنر، صاحب أحد هدفي الماكينات في نهائي كأس العالم 1974، إنه سيحلق لحيته التي اشتهر بها إذا خسرت ألمانيا تلك المباراة أمام الجزائر، ولم يغب الحارس المتعجرف هارولد شوماخر عن حفل التصريحات المتعالية، فقال مازحاً إنه يفكر في خوض اللقاء مرتدياً بذلته الرسمية بدلاً من الزي الرياضي، في إشارة إلى ثقته بأن محاربي الصحراء لن يستطيعوا الاقتراب من منطقة مرماه.
لكن ما حدث في خيخون أن الجزائريين القادمين من القارة المجهولة كسروا كبرياء الألمان بعدما تغلبوا عليهم في المباراة التاريخية بهدفين لهدف، مسجلين أول فوز عربي على منتخب الماكينات في تاريخ المونديال.
ورغم أن النجم رابح ماجر سجَّل هدف الجزائر الأول، وهو أول هدف جزائري في تاريخ كأس العالم، فإن النجم كارل هاينز رومينيغه، رئيس نادي بايرن ميونيخ الحالي، نجح في إدراك التعادل في الدقيقة الـ70 من عمر اللقاء.
ثم شهدت المباراة زلزال بلومي كما يحلو للبعض أن يطلق على هدف النجم العربي، حيث لعب الجزائريون ركلة استئناف اللعب من نصف الملعب، ومرَّروا الكرة فيما بينهم 11 تمريرة دون أن يلمسها الألمان، إلى أن وصلت الكرة للنجم صلاح عصاد في الجهة اليسرى، لينطلق خلف المدافعين الألمان، ويمرر كرة أرضية نموذجية تمر من الجميع، لتجد بلومي الذي يُسكنها الشباك وسط حسرة الألمان وانبهار العالم.
عقب المباراة تواصل إذلال الألمان بالنكوص عن تنفيذ الوعود التي أطلقوها، فلم يعُد ديرفال إلى العاصمة بون على أول قطار، ولم يحلق برايتنر لحيته، مثلما اكتشف شوماخر خلال الدقائق التسعين، أنه لم يكن يستطيع فقط خوض المباراة ببدلته الرسمية، وأنه إنما كان يحتاج تغيير زيه الرياضي ربما أكثر من مرة، بسبب كثرة الارتماء على أرض الملعب، محاولاً التصدي لتسديدات محاربي الصحراء التي انهالت عليه من كل حدب وصوب.