اعتقال وجواز سفر مزور وديون غير مدفوعة.. كيف ضاع رونالدينيو؟

عدد القراءات
639
عربي بوست
تم النشر: 2020/03/24 الساعة 13:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/24 الساعة 13:14 بتوقيت غرينتش
اعتقال وجواز سفر مزور وديون مهولة.

رونالدو دي أسيس موريرا أو رونالدينيو أو رونالدينيو غاوتشو، مُحال ألا يحتوي قلب مشجع لنادي برشلونة على شريان باسم هذا الساحر. بمجرد ذكر اسمه يبدأ انشطار عدد هائل من الذكريات في العقول، ذكريات تصحبها ابتسامة خفيفة ونبض قلب متسارع ودمعة خافتة في أعين محبي كرة القدم بشكل عام، وليس مشجعي برشلونة فقط.

ذكريات تبدأ بتحكم الساحر البرازيلي بالكرة، ولا تنتهي مع آخر مراوغة خيالية قام بها ليسجل بعدها هدفاً خيالياً كعادته. كل مدافعي العالم، في مواجهته، عرضة للسقوط أرضاً، والتوجه نحو المرمى لإخراج الكرة من الشباك، بينما يطالعون رونالدينيو عند راية الركنية يؤدي رقصته الشهيرة.

في عام 1999، اصطحبه المنتخب البرازيلي لبطولة كوبا أمريكا، إن تابعت تلك البطولة وجدت راقصاً برازيلياً خطف الأضواء والشهرة وأنظار الجماهير من الجميع. بالنسبة له، كان الأهم من كونه لاعباً لكرة القدم أن يكون ساحراً بالكرة. 

الراقصة والسياسي

لنعد بالزمن قليلاً، وتحديداً لعام 2006، صرح حينها رونالدينيو تصريحاً غريباً وصادماً للجميع، قال: "أنا مُتعَب جداً، لكني أتمنى التوفيق مع منتخب البرازيل أثناء كأس العالم". عبر رونالدينيو بشكل واضح وصريح أنه خرج منهكاً بدنياً وذهنياً بعد موسمين شهدا قمة مستواه، وبالتالي كانت أقصى أمنياته تقديم أداء جيد فقط وليس الدفاع عن لقب مونديال كوريا واليابان!

يمكن القول إن ذلك التصريح كان بداية انحدار مستوى الساحر البرازيلي، في الحقيقة لم يكن رونالدينيو الكتالوني الوحيد الذي انحدر مستواه بعد موسم 2005-2006 ، بل دخل الفريق كله في دوامة مظلمة كانت نتيجتها الخروج بدون بطولة في موسمي 2006/07، 2007/08. لذلك قرر خوان لابورتا بشكل رسمي إعلان ثورة داخلية هدفها تغيير جذر تلك المنظومة التي لم تعد تسمن ولا تُغني من جوع.

يقول غراهام هانتر مؤلف كتاب "برشلونة، صناعة أفضل فريق بالعالم: "الثنائي رونالدينيو وديكو كانا يظنان أنهما فوق النقد، وأن بإمكانهما كسر القواعد في سبيل حريتهما الشخصية"، وهنا كانت الإدارة تفكر جدياً في استئصال هذا السرطان لضمان استقامة باقي الفريق كمنظومة متحدة.

رونالدينيو وغوارديولا

لذا عين خوان لابورتا بيب غوارديولا الرجل الأول في برشلونة، بعد نصيحة لا تقدر بثمن من الراحل يوهان كرويف. غوارديولا حينها كان المدرب الذي لم تكن تحتوي سيرته الذاتية على أي إنجازات تذكر سوى تدريب برشلونة B. لكنه كان يملك أساسيات تدريب برشلونة الفنية والتكتيكية، مع القوة والصرامة في العمل والتي يحتاجها فريق يغير جذوره وديناميكيته.

طبيعة رونالدينيو وطبيعة بيب غوارديولا مختلفتان تماماً، لذا كان بديهياً عدم استمرار الاثنين معاً. رونالدينيو حصر قوته في الاستعراض وعدم التقيد بالتكتيكات المعقدة والأدوار التي يمليها عليه المدرب. لذا كان تحقيق المجد رفقة برشلونة والبرازيل مجرد نتيجة غير مقصودة، لم يخطط لها غاوتشو منذ البداية فلم يحقق الكثير في مسيرته مقارنة بما يملكه من إمكانيات. أما غوارديولا فهو شخص صارم، يكره مخالفة تعليماته، صارم في أفكاره التكتيكية، ويُحوِل لاعبيه لأدوات تطبق فكره على أرضية الميدان، وإن احتاج ذلك لأن يلغي بصماتهم الفردية سيفعل.
لتصبح ثنائية (رونالدينيو-غوارديولا) أشبه بثنائية (الراقصة والطبال). 

السر في العقلية 

في الوقت الذي بدأ رونالدينيو في الانحدار، كان كاكا يحقق بطولة دوري أبطال أوروبا مع آي سي ميلان في 2007، وهو الموسم الذي حصل فيه كاكا على الكرة الذهبية قبل دخولنا حقبة ميسي ورونالدو.

ويحكي زميل كاكا السابق في ميلانو، ألكساندر باتو لشبكة فوكس سبورتس عن دخوله الأول لغرفة تغيير الملابس في ميلان الإيطالي: "كان مالديني ورونالدو بجانبي، وكاكا في الجهة المضادة، حينها استقبلني رونالدو وعرض عليّ مجلة إباحية، وقال لي إما أن تكون معي وتستمتع بحياتك، أو تتواجد مع كاكا الذي كان يحمل الإنجيل وأشياء من الكنيسة. لم أكن أتوقع ذلك من لاعب لطالما كنت معجباً به في البلايستيشن".

لم يكُن كاكا مجرد لاعب أنيق داخل الملعب فحسب، بل كان عقلانياً للغاية في تعاملاته خارج الملعب، تفكيره أيضاً كان عكس غالبية أبناء جيله خصوصاً من البرازيليين. في 2009 قدم مانشستر سيتي له عرضاً ضخماً، لكن قرر عدم الذهاب إلى إنجلترا والتوجه إلى مدريد. وعن ذلك الانتقال، صرح كاكا بأن الانتقال من ميلان كان يجب أن يكون لنادٍ عريق له تاريخ كبير، وليس لنادٍ صاحب مشروع جديد.

كاكا

هنا مربط الفرس، كاكا لم يكتف بما حققه لميلان ولم يقرر خوض تجربة جديدة مع فريق بمشروع جديد بأموال ضخمة في سن 27 عاماً، بل قرر استكمال مسيرته في ناد أضخم من ميلان، وبالطبع ليس هناك أضخم من ريال مدريد. لوهلة من التفكير والتدبر، إذا وضعنا رونالدينيو محل كاكا، هل كان سيرفض العرض؟

الفكرة ليست في الإجابة بنعم أم لا، الفكرة في منهجية رونالدينيو العبثية في حياته وعقليته التي دمرت موهبته. الأمر لا يتعلق بعدم تحمله للمسئولية، بل في التشبع المبكر الذي جعله يستنكر ويرفض الانتظام والانضباط بوجه عام وفي كرة القدم على وجه الخصوص. لدرجة أن يدخل الباراغواي بجواز سفر مزور، متهرباً من ديونه وديون أخيه التي بلغت 2 مليون دولار بعدما عاقبته حكومة البرازيل بمنعه من السفر إثر إدانته عام 2015 ببناء مزرعة سمكية دون ترخيص.

تفسر هذه الحالة حرص والدة مهاجم مانشستر سيتي، غابرييل خيسوس على عدم تحويل راتبه إلى حسابه الخاص. وحصوله على 1000 إسترليني شهرياً ودخول راتبه لحسابها الشخصي.

كما يفسر مصير رونالدينيو الحزين، لماذا يبقي ميسي ورونالدو عائلتيهما إلى جوارهما دائماً، ويفسر رغبة الثنائي المتوحشة في التهام كل الجوائز والبطولات رغم اكتساحهما لها بالفعل.. السر يكمن في الـ "عقلية"!

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:[email protected]

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

علامات:
محمد حبيب
كاتب رياضي
كاتب رياضي
تحميل المزيد