من يعرف المدرب أنطونيو كونتي، المدير الفني لفريق إنتر ميلان الإيطالي، سيجد الكثير من أوجه الشبه بينه وبين البرتغالي جوزيه مورينيو، إذ ينصب كل تركيزهما على الوقت الراهن.
لا توجد خطط مستقبلية لتطوير اللاعبين على مدى فترة طويلة، مثلما فعل الألماني يورغن كلوب مثلاً في ليفربول، أو يفعله حالياً فرانك لامبارد في تشيلسي للفوز بالبطولات بعد سنتين أو ثلاث، بالنسبة لمورينيو وكونتي الوقت الحالي هو ما يهم.
لكن وجه الشبه الأهم هو هواية الاثنين المعروفة في الشكوى من لاعبي الفرق التي يدربانها، وتحميلهم كل المسؤولية في حالة الخسارة، حيث لا ينسى أحد في إيطاليا تصريح كونتي الصادم بعد الخسارة من بروسيا دورتموند الألماني بثلاثة أهداف مقابل هدفين في دوري أبطال أوروبا في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، حين برر الهزيمة التي ساهمت في إقصاء النيراتزوري لاحقاً من البطولة وتوجيهه للدوري الأوروبي: "نحن نتحدث عن لاعبين لم يفزوا أبداً بأي شيء، بعيداً عن دييغو غودين. إلى من نلجأ؟ إلى نيكولو باريلا الذي جاء من كالياري؟ أم ستيفانو سينسي الذي جاء من ساسولو؟".
هذه الكلمات القاسية بحق لاعبي إنتر ميلان ذكرت جماهير الكرة الإيطالية بما قاله كونتي نفسه حينما كان مدربا ليوفنتوس، عملاق الكرة الإيطالية، لتبرير إخفاقات الفريق في دوري أبطال أوروبا، حين قال مخاطباً منتقديه: "لا يمكنكم تناول الطعام في مطعم يكلف 100 يورو مقابل 10 يورو فحسب"، للإشارة إلى أن طموحات جماهير يوفنتوس في المنافسة على لقب دوري الأبطال لا تتناسب مع جودة لاعبي الفريق في ذلك الوقت.
وقتها سخر مشجعو البيانكونيري من مدرب فريقهم بالقول إنه إذا كانت هناك بطولة للعويل، فسيكون كونتي من بين أفضل المرشحين؛ فالرجل ببساطة يحب الشكوى.
والآن يعود كونتي لممارسة نفس الهواية القديمة، لكن التحركات التي قامت بها إدارة نادي إنتر ميلان في الميركاتو الشتوي الحالي، ربما تحرم المدرب من ممارسة هوايته المفضلة، حيث انتشرت أخبار عن التوقيع مع آشلي يونغ من مانشستر يونايتد، وخضوع فيكتور موسيس للكشف الطبي، واقتراب المهاجم الفرنسي أوليفيه جيرو من ارتداء قميص الفريق، فضلاً عن تحمس الدنماركي كريستيان إريكسن لاعب توتنهام للانضمام.
وهذا تصريح واضح من الإنتر عن نواياه. فهم ينفقون ببذخ الآن لخطف السكوديتو من اليوفنتوس، في حال لم يكن ذلك واضحاً في وقت سابق.
لكن كونتي ينتظره تحدٍّ صعب في إقناع جماهير النيراتزوري بصواب رهانه على يونغ وجيرو تحديداً، إذ إن الأول سيبلغ الخامسة والثلاثين في يوليو/تموز المقبل، في حين أتم الأخير عامه الثالث والثلاثين في سبتمبر/أيلول الماضي. ولا يعبر كلا اللاعبين بقوة عن روح الشباب التي تجتاح العديد من الفرق الكبرى في أوروبا في الوقت الحالي.
كما أن جمهور الإنتر لم ينسَ بعد أن المهاجم الذي تحمس كونتي للتعاقد معه قبل بداية الموسم الحالي، وهو التشيلي أليكسيس سانشيز، لم يفِد النادي في شيء منذ انضمامه، وكل ما قدمه اللاعب ومدربه أنهما نقلا المعاناة من إصابات سانشيز المتكررة وعدم انضباطه من ناديه السابق مانشستر يونايتد إلى ملعب جوزيبي مياتزا.
لهذا ينتظر الجمهور أن يخفف جيرو الضغط عن المهاجم الوحيد (رقم 9) في النيراتزوري، روميلو لوكاكو. إذ تغيّب البلجيكي بالكاد عن مباراة واحدة خلال هذا الموسم، وهو رابع أكثر لاعبي الإنتر مشاركة في المباريات بعد كل من سمير هاندانوفيتش وميلان سكرينيار ومارسيلو بروزوفيتش.
ورغم اتساع فارق النقاط الذي يفصله عن المتصدر يوفنتوس إلى 4 نقاط، بعد التعثر الجديد في الجولة الماضية أمام ليتشي، وفوز اليوفي على بارما، لا يزال إنتر ميلان، بحسب ما ذكر موقع Football Italia الإيطالي، يملك فرصة واقعية للفوز بدوري أوروبا (إذا أخذوا الأمر على محمل الجد)، وهو مجال يمكن أن يكون جيرو مفيداً جداً فيه أكثر من لاوتارو مارتينيز أو سانشيز أو الشاب سيباستيانو إسبوزيتو باعتبار ان الفرنسي يملك خبرة جيدة في تلك البطولة مع تشيلسي وتوّج هدافاً لها في الموسم الماضي، حين فاز البلوز باللقب على حساب أرسنال.
ويعتقد بعض المحللين أن كونتي طلب يونغ بسبب براعته في مركزي الظهيرين الأيمن والأيسر. فمع اعتناق كونتي لخطة 3-5-2، فإن طاقة يونغ التي لا نهاية لها، ناهيك عن قدرته على اللعب على أي من الجانبين، ستوفر مصدراً إضافياً للإبداع في مركز بدا في كثير من المباريات خالياً من أي شيء. علماً بأن اللاعب الإنجليزي الدولي يحتل المركز الثالث عشر في جدول التمريرات الحاسمة في الدوري الإنجليزي الممتاز على مدى تاريخه.
والآن فإن كونتي، الذي ربما يشعر الآن بأن فريقه القديم (يوفنتوس) لم يعد ذلك الفريق الذي لا يقهر كما كان في السنوات السابقة مع المدرب السابق ماسيمليانو أليغري، لن يكون أمامه سوى الانقضاض على نقاط ضعف البيانكونيري مثل ملاكم في الجولات الأخيرة من النزال.
هل يمكن لصفقات جيرو ويونغ أن تصل بالإنتر إلى الهدف المرجو وتنهي فترة الانتظار التي طالت لعقد من الزمن دون الحصول على بطولات كبيرة؟ ربما، لكنها إذا لم تفعل ذلك، سيكون كونتي الخاسر الأكبر كونه لن يستطيع العويل وقتها بسبب تعاقد النادي مع لاعبين من كالياري وساسولو.