من يعرفون الليبيري جورج ويا، يدركون أنه كان مهاجماً من طراز فريد، يمتلك القوة والسرعة والمهارة التي تدخل الرعب في قلوب المدافعين الذين واجههم طوال مسيرته الكروية، سواء حينما كان لاعباً في باريس سان جيرمان الفرنسي، أو وهو يشارك في كتابة تاريخ إي سي ميلان أيام مجده في تسعينيات القرن الماضي.
لكن هل تكفي المهارات المتميزة التي يملكها لاعب الكرة والمهاجم الشهير لإدارة دولة حتى ولو كانت صغيرة تقبع في ركن ركين من القارة الإفريقية؟! الإجابة في التقرير الذي أعدته صحيفة lepays.bf البوركينابية الأسبوعية عن الرئيس جورج، الذي يحكم ليبيريا منذ عامين تقريباً.
في 26 ديسمبر/كانون الأول عام 1995، أصبح الليبيري جورج ويا أول لاعب إفريقي يفوز بجائزة الكرة الذهبية، وهي أعلى تكريم فخري في مجال كرة قدم وتمنحها المجلة الفرنسية الشهيرة france football.
قبل ويا، كانت تلك الجائزة تُمنح فقط للأوروبيين بالقارة العجوز، ولكن تغير الأمر في هذا العام وحصدها اللاعب الإفريقي صاحب الـ 29 عاماً آنذاك، بسبب مستواه مع فريقي باريس سان جيرمان الفرنسي وإي سي ميلان الإيطالي، وكانت الجائزة رقم 40 والتي ظهرت منذ عام 1956.
كما حصل على عديد من الجوائز الأخرى مثل جائزة الكرة الذهبية الإفريقية واللاعب الإفريقي للعام والتي يمنحها الاتحاد الإفريقي لكرة القدم. وفي هذا العام حصد لقب أفضل لاعب في أوروبا، وكذلك اختارته الفيفا أفضل لاعب.
تلك الجوائز، وكونه سفيراً فوق العادة لبلاده في المحافل العالمية، بجانب انتشار أخبار دعم جورج ويا لمنتخب بلاده بتمويل رحلات ومعسكرات الفريق خلال مشاركته في تصفيات القارة السمراء، أسهم كل ذلك في التمهيد للخطوة التالية في حياة المهاجم الخطير، وهي دخول عالم السياسة وتولي رئاسة البلاد.
وبعد مرور ما يقرب من عقدين ونصف العقد، خاض النجم الليبيري المعترك السياسي ونجح في الفوز بالانتخابات الرئاسية التي جرت في ديسمبر/كانون الأول من عام 2017، لكن الرئيس جورج لم يكن حاسماً وفعالاً مثلما كان المهاجم السابق.
فقد شهدت ليبيريا مظاهرات ضده بعد عامين فقط من وصوله إلى سُدة الحكم. على سبيل المثال، دعا مجلس الوطنيين، وهو تحالف من منظمات المجتمع المدني، يوم 6 يناير/كانون الثاني 2020، إلى مظاهرة للمطالبة باستقالة رئيس الدولة، بسبب الأزمة الاقتصادية الخطيرة التي تعصف بالبلاد، حيث يتهمه المحتجون بأنه غير قادر على التوصل إلى حلول في هذا الصدد.
أقل ما يمكن قوله هو أن هناك ضغوطاً متزايدة على الرئيس ويا. فنجم كرة القدم السابق الذي تحوَّل إلى قائد سياسي، أدرك أن كرة القدم ليست مثل الحقل السياسي، حيث يُسمح بإعاقة الخصم بالوسائل والطرق كافة تماماً مثل القول المأثور (الغاية تُبرر الوسيلة).
ويبدو من المرجح بقوةٍ وجود رغبة في وقوع صدام أو دفع السلطة إلى الوقوع في الخطأ. لكن تجب السيطرة على الأمور في بلد عانى وباء الإيبولا عامين، عقب اندلاع حربين أهليين لم تنتهِ آثارهما بالكامل.
المفارقة أن ويا الرئيس لجأ إلى أساليب الرؤساء الفاشلين نفسها في أرجاء القارة السمراء، وهي البحث عن مبررات للإخفاق، مثل محاولة تصدير فكرة أنه ليس في غضون عامين ستتغير الأوضاع جذرياً، فالرئيس لا يملك عصا سحرية. خاصة أن هناك جهوداً بُذلت فيما يتعلق ببناء البنية التحتية، ومجانية الجامعات، وغيرها. ولكن كل هذا لا يعفي نظام حكم "مستر جورج" من الوفاء بوعوده الانتخابية، وقبل كل شيء، أن يُظهر التزاماً أكبر بكثير في ملف مكافحة الفساد، واستغلال النفوذ والمحسوبية في منح العقود العامة أو الحكومية.
على أي حال، في وقت يتصاعد فيه التوتر الاجتماعي والسياسي بالعاصمة مونروفيا، يتساءل المرء: إلى أي مدى ستقود حركات الاحتجاج هذه ليبيريا؟ وعما إذا كانت استقالة رئيس الدولة هي الحل فعلاً؟ وتظل الحقيقة هي أن هذه المظاهرات لا تزال تشكل تحدياً للرئيس الليبيري، من أجل العمل على تحقيق تطلعات شعبه الذي ينتظر فقط تحقيق وعود حملته الانتخابية.
خاصة أن الرئيس السابق، السيدة إلين جونسون سيرليف، كانت قادرة على رفع سقف التطلعات، في نهاية فترتَي ولايتها. لذلك فقد حان الوقت لجورج ويا لإرسال دلائل وإشارات قوية على رغبته في الاستجابة لتعطش المواطنين إلى حدوث تغيير.