لم تقتصر الإثارة التي شهدها ديربي المغرب بين الوداد والرجاء في إياب ثمن نهائي دوري أبطال العرب التي جرت السبت الثالث والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني، على نتيجة اللقاء وأحداثه فقط، وإنما امتدت لمدرجات الملعب التي شهدت سجالات بين جماهير الفريقين عبر التيفو الخاص بكل جمهور.
لكن أبرز ما لفت الأنظار هو تيفو "ROOM 101"، الذي رفعته جماهير الرجاء الرياضي في المدرجات وآثار جدلاً واسعاً لما يحمله من دلالات ومعاني جمعت بين الرياضي والسياسي.
فكرة التيفو مأخوذة من رواية جورج أورويل الشهيرة 1984 التي تعد من المحرمات السياسية في أغلب الدول العربية، لكن تيفو جماهير الرجاء أعادها إلى الواجهة، حيث تعتبر الرواية أن الغرفة 101 مكان للقهر والتعذيب، إذ كان يعذب فيها الناس بالأشياء التي كانوا يخافون منها بشدة.
وبينما رأى البعض أن الهدف من التيفو في ديربي المغرب رياضي بحت في إطار المكايدة بين جماهير أكبر ناديين في الدار البيضاء، حيث أراد أولتراس الرجاء توصيل رسالة إلى نظرائهم الوداديين، بأن فريق الرجاء سيعذب فريقهم في تلك المباراة،
واستدل هؤلاء على استنتاجهم بأن نفس الجماهير رفعت تيفو آخر عبارة عن رسالة إلى جماهير الوداد بالإنجليزية تقول فيها "كل معتقداتكم تبدو خاطئة إلا الخوف فهو صحيح".
في المقابل لم يعدم التيفو من الإشارات السياسية، ورجح البعض أن الهدف منه رسالة من بعض المواطنين المغاربة بأن البلاد أصبحت مثل سجن كبير يتعرض المواطنون للتعذيب فيه وخصوصاً في الغرفة 101 صاحبة السمعة السيئة.
واستدل هؤلاء على رؤيتهم بأن جماهير الرجاء لها سوابق في الرسائل السياسية، ولها العديد من الأغاني ذات الدلالات السياسية أصبحت لها شهرة عالمية، كأغنية "رجاوي فلسطيني"، و"في بلادي ظلموني.
وقد عرفت انطلاق ديربي المغرب تبادل الرسائل بين جمهور الفريقين، إذ وجهت جماهير الرجاء رسالة إلى نظيرتها في الوداد باللغة الإنجليزية، مفادها أن جميع معتقداتكم، تبدو خاطئة إلا خوفكم".
وردت جماهير الوداد برسالة قوية مفادها "ليس كل ما تناله عيناك تطاله يداك"، في إشارة إلى تقليد جماهير الرجاء للوداد، حسب فحوى الرسالة".
جدير بالذكر أن بطل رواية 1984 موظف يعيش في العام 1949، لكنه تخيّل عالم الثمانينيات وما بعده ورسم صورته بدقة وتنبأ فيه بسيادة الفكر الاستبدادي وأساليبه المتطورة.
يصف ونستن سميث بطل الرواية البلد الذي يعيش فيه والذي يسميه "أوشانيا" كناية عن بريطانيا، بأنه محكوم من أربع وزارات، وزارة الحقيقة، وزارة السلام، وزارة الحب ووزارة الوفرة. ولاحقاً يكتشف القارئ أن الأولى هي وزارة الإعلام والثانية وزارة الدفاع والثالثة وزارة الداخلية والرابعة وزارة المال، وأما وزارة الحقيقة التي يعمل فيها البطل، فمهمتها مراقبة الشعب ونشر الأخبار الملفقة والتنصت على المواطنين وتحطيم العلاقات الأسرية.
يبدأ البطل بتدوين مشاهداته وأفكاره فيصير تحت مراقبة شرطة الفكر منذ تلك اللحظة، يقع في الحب بعد فترة مع فتاة اسمها جوليا، لكن تقبض عليه شرطة الفكر ويقتاد إلى الغرفة 101 والتي تعد الغرفة الأكثر رعباً، حيث يسلط على السجين أكثر شيء يخافه كي تتحطم قدرته على الصمود والمقاومة، وتقوم فكرة الرقم 101على أن الفرد يدخل وهو يشكل رقم واحد ثم يُصيرونه صفراً، ثم يعاد خلقه من جديد ليصبح واحداً جديداً، لكنه واحد نافع وغير مضر للحزب بل ومؤيد له.
في المشهد الأخير من الرواية يلتقي ونستون بحبيته بالمصادفة، يتحدثان ببرود، يصف كلاهما أحاسيسهما القديمة السابقة "بالسيئة"، يقر كلاهما بخيانة الآخر، يفترقان بلا مبالاة، ويعود الصحفي إلى حياته السابقة بدخل أكبر ووضع مهني أفضل وبمصالحة مع الحزب وباتفاق على الاستمرار في عمله كصحفي مزَور للحقائق حفاظاً على لقمة عيشه وتلافياً لتهديدات الحزب له بإعدامه.