النجوم تجاوزوا سن الـ30.. الهواتف الذكية تهدد بانتهاء عصر النجوم الكبار في التنس

الهواتف الذكية والشاشات يمكن أن تشكل مصدراً كبيراً لتشتيت انتباه الأطفال والمراهقين، لكن الأمر الغريب أنها باتت تُشكِّل تهديداً متزايداً لفكرة النجوم الكبار في لعبة التنس

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/27 الساعة 08:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/27 الساعة 11:01 بتوقيت غرينتش

كما يعرف جميع الآباء، فإنَّ الهواتف الذكية والشاشات يمكن أن تشكل مصدراً كبيراً لتشتيت انتباه الأطفال والمراهقين،  لكن الأمر الغريب أنها باتت تُشكِّل تهديداً

متزايداً لفكرة النجوم الكبار في لعبة التنس أيضاً، وسط مخاوف حقيقية من اختفاء لاعبي التنس السوبر أمثال نادال وفيدرير وغيرهما.

خلال بطولة ويمبلدون التي أُقيمت في شهر يوليو/تموز الماضي، كتب د. مارك كوفاكس، الأمريكي المختص بعلم وظائف الأعضاء الأدائي، والمدرب الذي عمل مع لاعبين مشاهير مثل سلون ستيفنز الفائزة ببطولة أمريكا المفتوحة وجون إيسنر بطل ويمبلدون، هذه التغريدة: "مثّل رافاييل (نادال)، وروجر (فيدرير)، ونوفاك (ديوكوفيتش) الجيل الأخير الذي شبَّ دون الهواتف الذكية. هل هذا سببٌ محتملٌ لكون الجيل الجديد الأقوى، والأضخم، والأسرع، والأكثر شباباً مازال لم يجد طريقةً لهزيمتهم بصورةٍ منتظمةٍ؟" .

فقد هيمن رافاييل نادال البالغ من العمر 33 عاماً، وروجر فيدرير البالغ من العمر 38 عاماً، ونوفاك ديوكوفيتش البالغ من العمر 32 عاماً على عالم تنس الرجال خلال آخر 15 عاماً.


رافاييل نادال

كان الثلاثة، المعروفون باسم "الثلاثة الكبار" قد فازوا فيما بينهم بما مجموعه 54 لقباً فردياً في بطولات الجائزة الكبرى غراند سلام، من ضمنها آخر 11 بطولةً. وكان آخر مَن فاز ببطولةٍ من خارج الثلاثة الكبار هو السويسري ستان فافرينكا، في بطولة أمريكا المفتوحة عام 2016، عندما كان عمره 34 عاماً.

ورغم وجود أربعة لاعبين أصغر من 24 عاماً في قائمة العشرة الأعلى تصنيفاً في قائمة رابطة محترفي التنس، وهم ألكسندر زيفريف من ألمانيا في المرتبة السادسة، وستيفانو تيستيباس من اليونان في المرتبة السابعة، ودانييل ميدفيديف وكاران خاشانوف من روسيا في المرتبتين الثامنة والتاسعة على الترتيب، إلا أنهم لم يقدموا أي إنجازٍ في أيٍّ من بطولات التنس الأربع الكبرى.

جودي موراي 

أعادت جودي موراي، والدة بطلي ويمبلدون السابقين آندي وجيمي موراي، والتي كانت بدورها لاعبةً سابقةً وكابتن فريق British Fed Cup نشر تغريدة كوفاك.

وموراي، التي تعمل بانتظامٍ في تدريب الأطفال، قلقةٌ من احتمال تأثير الوقت الكبير الذي يُنفقه الأطفال على الأجهزة الإلكترونية، والهواتف الذكية، والحواسيب اللوحية، وغيرها من الأجهزة، على قدرتهم على التركيز. 


روجر فيدرير

وقالت موراي لـCNN sport في مقابلةٍ أُجريت معها أثناء بطولة ويمبلدون: "يتعلق التنس في الأساس بحلِّ المشكلات، وإيجاد الحلول بنفسك، والتفكير في طريقةٍ للخروج من كل موقفٍ، والقدرة على فهم ما يجري، ليس في ناحيتك من الشبكة فقط، ولكن في الجانب الآخر أيضاً" .

وتابعت: "أنت تحتاج للتفكير بسرعةٍ والتصرف بسرعةٍ، لذلك يُعد اتخاذ القرار جزءاً كبيراً من اللعبة.

وفي هذه الأيام، هناك الكثير من الأجهزة التي تفكر بدلاً من الإنسان، وهذا الاعتماد المبالغ فيه على الأجهزة يقلقني" .

وقد صدَّق على قولها ديفيد ساميل، رئيس أكاديمية باث في بريطانيا.

ولكونه مدرباً لكلٍّ من اللاعب النيوزلندي ماركوس دانييل، 29 عاماً، واللاعب البريطاني ليام برودي، 25 عاماً، كان ساميل قد لاحظ الفرق بين اللاعبين الذين لم يشبوا على استخدام الهواتف الجوالة مثل "الثلاثة الكبار"، وأولئك الذين شبوا على استخدامها من الجيل الأصغر.

وقد صرَّح ساميل لـCNN sport أثناء بطولة ويمبلدون قائلاً: "أعتقد أن هذا الأمر يشكل عاملاً أساسياً في استمرار روجر، ونوفاك، ورافا، وبعض لاعبي الزوجي في اللعب حتى الآن، وهم في بداية الأربعينيات" .

وتابع: "البعض منهم، بالكاد رأيتهم يستخدمون الهاتف أثناء قيامهم بأعمالهم. وأعلم أن بعضهم لا يستخدم الهاتف أثناء لعبهم في بطولات غراند سلام. ويتركون فريقهم ومرافقيهم يهتمون بتلك الأمور، بينما هم يركزون بشكلٍ كاملٍ على ما يجب عليهم فعله" .

أضاف ساميل، الذي ألَّف أيضاً كتاب "Locker room power: building an athlete's mind" قائلاً: "لقد رأيتُ بالفعل شباباً صغاراً يعملون بجدٍّ في صالة التدريبات، ولكن بين كل مجموعةٍ وأخرى ينظرون في هواتفهم" .

أفضل نتيجةٍ 


نوفاك ديوكوفيتش

استمرَّت المباراة النهائية لبطولة ويمبلدون للرجال لهذا العام، بين فيدرير وديوكوفيتش لأربع ساعاتٍ و57 دقيقةً. استطاع الأخير الحفاظ على تقدمه في مجموعتين، قبل أن يفوز أخيراً بأطول مباراةٍ نهائيةٍ للرجال في تاريخ ويمبلدون بنتيجة 7-6 (7-5) 1-6 7-6 (7-4) 4-6، 13-12 (7-3). 

يعلق ساميل على تلك المباراة بقوله: "من الأسهل التركيز عبر مباراةٍ من ثلاث مجموعاتٍ، لكن الاختبار الكبير ليس لعب خمس مجموعاتٍ في مباراةٍ واحدةٍ، وإنما احتمال أن تضطر لفعلها مرتين أو ثلاثةٍ للفوز بإحدى بطولات غراند سلام" .

وأضاف: "هل لديهم الموارد والتركيز العقلي لفعل ذلك؟ ليس الأمر مجرد أنهم يستخدمون الهواتف ويتصفحون شيئاً مثل إنستغرام أو ما شابهه، ولكنه يتعلق بكونه نوعاً من موت العقل لنصف ساعةٍ، وهذا أمرٌ لا يتوقف" .

قالت موراي: "أنا على وعيٍ كاملٍ بأضرار الشاشات، ليس فقط على المستوى الجسماني بسبب الجلوس لوقتٍ طويل كما هو جليٌّ، حيث التمرين الوحيد الذي يتلقاه الجسم هو للأصابع فقط، ولكن أيضاً على المستوى الاجتماعي، ليس لمجرد قلة التواصل وجهاً لوجه بين الأطفال وأقرانهم، وإنما لندرة التواصل بين الأجيال المختلفة وبعضها كذلك" .

الهوامش الصغيرة

موراي، التي أرشدت الكثير من اللاعبين على المستوى المحلي والدولي ضمن برامج الهيئة الحاكمة الوطنية للتنس بإنجلترا، قالت إنها رأت تدهوراً في السنوات القليلة الماضية على صعيد المهارات الجسدية للأطفال، في معسكرات تدريب التنس التي عملت بها حول العالم.

وقالت: "لقد رأيتُ الكثيرَ من ذلك أثناء عملي بالتدريب، الكثير من الأطفال يأتون للعب التنس دون مهارات التنسيق الأساسية، التي نستخدمها جميعاً لنتطور بشكلٍ طبيعيٍ؛ لأننا كنا نلعب في الخارج بحريةٍ" .

ومع وعي ساميل بالأهمية المتزايدة للهواتف الذكية في حياة اللاعبين، فهي على سبيل المثال تمكِّنهم من تلقِّي معلومات التواصل الهامة عن الجولات والتدريبات عبر منصات الرسائل الإلكترونية المختلفة، إلا أنه متفاجئٌ من عدم اتباع الجيل الأصغر لخطوات الجيل الأكبر من اللاعبين.

وأضاف: "الهامش ضيقٌ جداً، إذا كانت هناك أية مساحةٍ في هامش استخدامك للأجهزة يمكنك أن تتخلص منها، فلماذا لا تفعل؟" .

تحميل المزيد