فرابارت على خطى جول ريميه وديلانوي.. 3 فوائد وخطأين يدعمان التحكيم النسائي لمباريات الرجال

نجح الفرنسيون في ترك بصمتهم على كرة القدم عبر إطلاق المونديال للمحامي جول ريميه، وكأس الأمم الأوروبية لهنري ديلانوي، والآن يقدمون أول حكمة لمباراة نهائية للرجال

عربي بوست
تم النشر: 2019/08/15 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/08/15 الساعة 20:10 بتوقيت غرينتش

نجح الفرنسيون من قبل في ترك بصمتهم على الرياضة العالمية حينما أطلق البارون بيير دي كوبيرتان دورة الألعاب الأوليمبية الحديثة في نهايات القرن التاسع عشر، وعلى كرة القدم بالتحديد عبر إطلاق أهم بطولتين في العالم للمنتخبات وهما المونديال للفرنسي جول ريميه، وكأس الأمم الأوروبية التي اقترحها هنري ديلانوي.

والآن عاد أبناء بلاد الغال ليتركوا بصمة جديدة في الكرة العالمية بتقديم أول حكمة سيدة لمباراة نهائية للرجال، هي الحكمة ستيفاني فرابارت التي أدارت بنجاح لقاء السوبر الأوروبي بين ليفربول وتشيلسي وحسمه الأول بركلات الترجيح بعد انتهاء الوقتين الأصلي والإضافي بالتعادل 2-2.

وتبلغ فرابارت من العمر 35 عاماً، وسبق لها إدارة نهائي مونديال السيدات الذي أقيم في يونيو/حزيران الماضي في فرنسا، والتي تغلبت فيها سيدات الولايات المتحدة على سيدات هولندا بهدفين لصفر. وقد أصبحت بين الحكام الأساسيين في الدوري الفرنسي وقامت لأول مرة في أبريل/نيسان الماضي بإدارة مباراة في دوري الدرجة الأولى الفرنسي.

الخطوة العملاقة والأداء المبهر لفرابارت في مباراة السوبر الأوروبي الإنجليزي، فتح شهية صحف العالم للحديث عن الأمر وتقييم أداء الحكمة، وإمكانية تعميم التجربة.

صحيفة France Football الشهيرة أشادت بأداء فرابارت وثباتها أمام اللاعبين في مباراة صعبة على بطولة، كما أشادت بالقرارات التي اتخذتها حتى التي أثارت الجدل منها، مثل ركلة الجزاء المحتسبة على ليفربول في الشوط الإضافي الثاني، والركلة الترجيحية الخامسة التي تصدى لها حارس ليفربول أدريان ومنح بها اللقب لفريقه.

وقالت الصحيفة الفرنسية إن أداء فرابارت يفتح المجال واسعاً أمام تعميم تجربة مشاركة حكمات سيدات في إدارة مباريات دولية للرجال، خاصة أن التجربة مطبقة بالفعل في عدد من بطولات الدوري المحلية في أوروبا بلا مشاكل.

بعيداً عن الإشادة الفرنسية "المتوقعة" بالحكمة التي تحمل نفس الجنسية فإن المباراة كشفت عن 3 فوائد يمكن لتعميم تجربة التحكيم النسائي أن تحدثها في عالم كرة القدم الرجالية، رغم الخطأين اللذين وقعت فيهما فرابارت خلال مباراة السوبر.

إذا بدأنا بالأخطاء فالأول هو احتساب ركلة جزاء على حارس ليفربول أدريان نتيجة عرقلته مهاجم تشيلسي الشاب تامي إبراهام، ترجمها لاعب الوسط جورجينيو بنجاح ليتعادل بها البلوز ويصل باللقاء إلى ركلات الترجيح.

وبحسب ما ذكره بعض المحللين فإن ركلة الجزاء لم تكن صحيحة، ونقلت صحيفة Mirror البريطانية عن المهاجم الاسكتلندي السابق أندي غراي قوله إن أدريان لم يلمس لاعب تشيلسي على الإطلاق.

لكن غراي الذي اشتهر بالمزاج الحاد حينما كان أحد أشهر لاعبي الدوري الإنجليزي الممتاز في سبعينيات القرن الماضي ألقى باللائمة في احتساب اللعبة على تقنية الفيديو المساعد (VAR) وليس على فرابارت، مؤكداً أنها -التقنية لا الحكمة- عديمة الفائدة.

الخطأ الثاني توقفت أمامه صحيفة Marca الإسبانية وهو عدم إعادة ركلة الترجيح الخامسة التي سددها أبراهام نفسه وتصدى لها الحارس الإسباني لليفربول، باعتبار أن الإعادة كشفت تحرك أدريان خارج خط المرمى قبل أن يسدد مهاجم تشيلسي الكرة، وهو ما كان يستدعي إعادة اللعبة وإنذار الحارس.

لكن مجدداً لم تعتبر الصحيفة أن هذا الخطأ يمكن أن يكون نقطة سوداء في أداء طاقم التحكيم الأنثوي -ناصع البياض- في تلك الليلة الاستثنائية لكرة القدم الأوروبية.

في المقابل فإن تعميم التجربة يمكن أن يقدم 3 فوائد مهمة للكرة العالمية: أولها وأهمها تحسين سلوك اللاعبين تجاه الحكام، وتعلم قبول قرارات التحكيم دون اعتراض، وهو ما شهدناه بالفعل في لقاء الأربعاء الرابع عشر من أغسطس/آب، حيث تقبل كل اللاعبين قرارات فرابارت بتهذيب شديد.

حتى أن أعنف اعتراض وهو الذي جاء من لاعبي ليفربول على قرارها باحتساب ركلة جزاء، لم يتجاوز أن تحدثوا معها من مسافة وبصوت منخفض ووجوه لا تحمل أي علامة من علامات الاستياء، بينما تمثل اعتراض أزبيليكويتا مدافع تشيلسي على البطاقة الصفراء التي أشهرتها في وجهه بأن ذهب إليها واضعا يديه خلف ظهره ليتحدث.. تخيلوا لو كان مصدر هذه القرارات رجلاً؟!

الفائدة الثانية تقويم سلوك المدربين خارج الخطوط وكثرة اعتراضاتهم على قرارات الحكام، حتى أن لامبارد (مدرب تشيلسي) لم يتحدث مع الحكم الرابع بعد الهدفين اللذين سجلهما لاعبوه على مدار الشوطين وألغتهما فرابارت بإشارة من مساعدتيها.

أما الألماني يورغن كلوب الذي يشتهر بحركاته وانفعالاته طوال المباراة وهو يوجه لاعبيه من خلف الخط أو حتى يحتفل بتسجيلهم الأهداف أو يعترض على قرارات الحكم، فقد وعد قبل المباراة بأن يظهر أفضل جوانب شخصيته حتى لا يغضب والدته! مبدياً سعادته لكون فريقه جزءاً من هذه اللحظة التاريخية.

الفائدة الثالثة تهذيب سلوك الجماهير خصوصاً مجموعات الأولتراس التي لا تتورع عن السباب والهتافات المسيئة طوال المباريات التي تحضرها، لكنها غالباً لن تملك الوقاحة لإطلاق نفس الهتافات المدوية في وجود سيدة داخل الملعب.

لكن هناك سؤال أخير.. هل تصلح التجربة لملاعبنا العربية التي تشهد في بعض الأحيان تصرفات تتجاوز -قليلاً- حدود الاعتراض على الحكام، مثل ركلهم ومطاردتهم داخل الملعب بالعصي أو جذبهم من قمصانهم، وأحياناً صفعهم؟!

تحميل المزيد