قبل 17 عاماً ضرب العالم كله كفاً على كفّ وتعجبوا من جنون المدرب الشهير السير أليكس فيرغسون حينما أقدم على دفع 30 مليون جنيه استرليني لشراء مدافع ليدز يونايتد وقتها ريو فرديناند.
كانت أغلب التعليقات التي صدرت وقتها تتحدث عن التصرف الغريب للمدرب الأسكتلندي الشهير، التي جعلته يدفع مثل هذا المبلغ في مدافع بينما كان قد اشترى المهاجم الهولندي رود فان نيستلروي قبل ذلك بأسابيع قليلة مقابل 19 مليون جنيه إسترليني فقط.
التي صدرت وقتها تتحدث عن التصرف الغريب للمدرب الأسكتلندي الشهير، التي جعلته يدفع مثل هذا المبلغ في مدافع بينما كان قد اشترى المهاجم الهولندي رود فان نيستلروي قبل ذلك بأسابيع قليلة مقابل 19 مليون جنيه إسترليني فقط.
وخلال السنوات الماضية بدأت أرقام شراء المدافعين ترتفع بشكل قياسي، فرأينا صفقة انتقال جون ستونز الى مانشستر سيتي مقابل 62 مليون دولار، ثم انتقال الهولندي فيرجيل فان دايك من ساوثمبتون الى ليفربول مقابل 67 مليونا.
أما الآن فقد تعاقد بايرن ميونيخ مع لاعب أتلتيكو مدريد، الفرنسي لوكاس هيرنانديز مقابل 70 مليون يورو، بينما ضم يوفنتوس المدافع الهولندي ماتيس دي ليخت من اياكس مقابل 85 مليون يورو، بينما لا تزال مفاوضات مانشستر يونايتد جارية مع مسؤولي ليستر سيتي لشراء المدافع الدولي الإنجليزي هاري ماغوير بموجب عقد قد تتجاوز قيمته 90 مليون يورو.
حاجز الـ 100 مليون
بالتالي لن يكون غريبا ان نسمع في وقت قريب وربما قبل انتهاء الميركاتو الصيفي الحالي عن تعاقد أحد الأندية الاوروبية الكبرى مع مدافع بمقابل يفوق المائة مليون يورو.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا ارتفعت أسعار المدافعين بهذا الشكل الجنوني حتى اقتربت – وفي بعض الأحيان تخطت- أسعار المهاجمين ولاعبي الوسط الذين احتكروا لعقود طويلة صدارة أسعار الانتقالات.
مفتاح اللعب
السبب يعود إلى الدور الذي بدأ يلعبه المدافعون، وخاصة من يشغلون مركز قلب الدفاع. فهذا الخط سواء كان ثلاثيا أو رباعيا لم يعد المركز الخفي لتطوير اللعب وإنما نقطة الانطلاق الأولى.
حسب موقع spielverlagerung.de الألماني المهتم بتحليل تقنيات كرة القدم، فإن لاعبي قلب الدفاع أصبحوا هم من يملكون مفاتيح اللعب، حيث يبدؤون الهجمات، وينسقون إيقاع الدفاع وهم من يحددون توقيت الضغط والهجمات المرتدة عبر تمريرات ذكية وعالية الدقة".
وفي هذا الصدد بات سعر المدافع يتحدد ليس وفقا بحسب المعايير التقليدية حول قدراته الدفاعية في استخلاص الكرات واجادة العاب الهواء، وإنما أصبح ما يفرق بين مدافع وآخر هو قدرته على بدء الهجمة، ومهاراته في التمرير واستلام الكرة وتسليمها ورؤية الملعب، باختصار باتت الفرق الكبرى في أوروبا كلها تبحث الآن عن بكنباور جديد.
كانت قدرات جون ستونز في الاستحواذ والتمرير هي التي شجعت المدرب الإسباني الشهير بيب غوارديولا على التعاقد معه، وهو أمر يتعلق بفكر غوارديولا الكروي المهووس بفكرة الاستحواذ والتمرير الأرضي وليس الهوائي.
لهذا لم تكن هناك مشكلة لدى السيتيزنز في دفع المبلغ الخرافي لجلب اللاعب في صيف 2016 من إيفرتون الإنجليزي، رغم أنه كان قد انتقل قبل ذلك بثلاث سنوات فقط من بارنسلي الى "التوفيز" مقابل 3 ملايين جنيه إسترليني فقط.
قبله كان هناك المدافع البرازيلي ديفيد لويز الذي اشتراه باريس سان جيرمان من تشيلسي مقابل 50 مليون جنيه إسترليني صيف 2014 لنفس السبب، فهو يملك قدرة هائلة على استلام الكرات وتمريرها بدقة وعلى الأرض.
حتى الهولندي فان دايك الذي يعتبره البعض أفضل مدافع في العالم في الوقت الحالي، فان ميزته الأهم في أنه يستطيع اللعب على الأرض ويمتلك مهارات لاعبي الوسط في التمرير والاستلام والتسلم بجانب طبعا تميزه في العاب الهواء واستخلاص الكرة من المهاجمين.
حجرة البناء
اللاعب النموذج كان بكل تأكيد جيروم بواتينغ لاعب المنتخب الألماني لكرة القدم قبل تراجع أداءه في السنوات الأخيرة. فهذا كان الدور الذي قام به مع الماكينات في مونديال البرازيل 2014 والتي فازت فيه ألمانيا باللقب العالمي، كذلك كانت مهمة زميله في قلب الدفاع ماتس هوملز الذي انتقل حديثا من بايرن إلى دورتموند تاركا قيادة قلب الدفاع في البافاري إلى الشاب نيكولاس زوله (23 عاما).
الأخير كان أكبر المستفيدين من ذهاب هوملز، وهو يدرك بدوره واجباته الجديدة بحسب ما يظهر في تصريحاته المنشورة حيث ال "إلى جانب حارس المرمى، نحن حجرة البناء الأولى لتطوير اللعب، إننا في مركز التحرك الأخير قبل فوات الآوان، قبل أن تصل الكرة إلى حارس المرمى".
وأضاف زوله "أعتقد أنه وبدفاع مستقر، فرص الفوز بالألقاب أكبر وأقوى من فريق بمهاجمين من طراز رفيع لكن شباكه تهتز كل مرة بهدف أو هدفين على الأقل".