هز الشباك لم يعد اختصاصهم.. «الهداف المزور» يعوّض إخفاق اللاعب رقم 9

تركت كأس الأمم الإفريقية ومن قبلها كوبا أمريكا علامة استفهام كبيرة حول غياب رؤوس الحربة عن ممارسة الدور الوحيد الذي تنتظره منهم الجماهير وهو تسجيل الأهداف.

عربي بوست
تم النشر: 2019/07/29 الساعة 17:13 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/07/29 الساعة 13:59 بتوقيت غرينتش

هز الشباك.. الدور الوحيد الذي تنتظره الجماهير من رؤوس الحربة، لكن كأس الأمم الإفريقية ومن قبلها كوبا أمريكا
تركتا علامة استفهام كبيرة حول الغياب شبه الكلي لرؤوس الحربة في مختلف المنتخبات المشاركة في البطولة عن تسجيل الأهداف.

تاريخياً اعتادت الجماهير من اللاعب الذي يشغل المركز رقم 9 أو قلب الهجوم أو رأس الحربة كما يطلق عليه في أدبيات كرة القدم، أن يكون أكثر لاعبي فريقه تهديفاً.

فقد تداولت كتب تاريخ الكرة إنجازات البرازيلي بيليه قلب هجوم منتخب السامبا في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وغيرد مولر فنان الهجوم الألماني في السبعينيات، وقبلهما المجري بوشكاش الذي أثار جنون العالم مع منتخب بلاده في مونديال 1954 بأهدافه الغزيرة، وهناك أيضاً الفرنسي جوست فونتين الهداف التاريخي للمونديال في دورة واحدة عندما دك شباك المنافسين بثلاثة عشر هدفا في مونديال السويد عام 1954.

لكن في السنوات الأخيرة برزت ظاهرة الهداف المزور، أي اللاعب الذي يسجل أهدافاً غزيرة رغم أن مركزه ليس قلب هجوم، حيث يبرز في هذا السياق اثنان من أهم لاعبي كرة القدم حالياً وهما الأرجنتيني ميسي والبرتغالي رونالدو اللذان يتنافسان على صدارة الهدافين، دون أن يكون أي منهما يشغل مركز قلب الهجوم.

في نفس الوقت تحول لاعب المركز رقم 9 الى دور السنيد كما في الأفلام السينمائية وتخلى عن دور البطل، فرأينا مهاجمين يرتضون أن يلعبوا دور المساعد أو لاعب الظل للهداف المزور، ولدينا في الفرنسي كريم بنزيمة نموذج مثالي، حيث تدور القصص منذ سنوات عن أن استمراره في ريال مدريد رغم قلة معدلات تهديفه كان راجعاً لقيامه بدور السنيد للبرتغالي رونالدو.

كذلك في برشلونة يندر أن يتفوق أي مهاجم على ميسي تهديفياً بمن فيهم الأورغوياني لويس سواريز الذي يسجل أهدافاً كثيرة مقارنة مع من يشغلون المركز رقم 9 على مستوى العالم، لكن معدله لا يرتقي ولا يقترب حتى من معدلات ماكينة الأهداف الأرجنتينية المسماة ليو ميسي.

البداية هولندية

مثل الكثير من الأفكار والإبداعات الكروية، جاءت أول محاولة للتمرد على فكرة الدور التقليدي لصاحب المركز رقم 9 من هولندا، وتحديداً من فريق أياكس ومدربه المبدع رينوس ميتشلز الذي تنسب له فكرة الكرة الشاملة رغم أنه ليس مبدعها الأول.

قامت فكرة ميتشلز على أن يمتلك كل لاعبي الفريق مختلف المهارات التي يجب أن يملكها أي لاعب في مركز ما، فكان لاعبو أياكس ثم منتخب هولندا لاحقاً يستطيعون المراوغة وصناعة اللعب والتمرير والتسجيل مثلما يستطيعون الدفاع واستخلاص الكرة، صحيح أن كل لاعب لا يؤدي كل تلك المهام بنفس الكفاءة، لكنه يؤديها عند الضرورة، ويبرع في مهام معينة.

ومع الكرة الشاملة انبهر العالم بظهور أبرز هداف مزور في تاريخ كرة القدم وهو الأسطورة يوهان كرويف، الذي امتلك ناصية التهديف في منتخب الطواحين الهولندية رغم انه كان يشغل مركز الوسط المهاجم، أو بمعنى أدق تكتيكياً لاعب الوسط الحر الذي لا يتقيد بمركز ما أو مهام معينة، فهو المبدع الذي يفعل الشيء الصحيح في الوقت الصحيح دون أن تكبله تعليمات المدرب.

وفي عصر كرويف لم يعد أحد من المشاهدين في مباريات هولندا ينتبه لوجود رأس الحربة روب رينسنبرينك أو ينتظر منه تسجيل الأهداف، حيث تركزت الأنظار على صاحب الرقم 14 القادم من الخلف لتحطيم دفاعات المنافسين.

بلاتيني ومارادونا

في الثمانينيات قدم منتخب فرنسا مع مدربه ميشيل هيدالغو نسخة متطورة من كرة هولندا الشاملة، وقدم هيدالغو في كأس الأمم الأوروبية عام 1984 تحديداً ما اعتبر وقتها ثورة تكتيكية هائلة بوجود 5 لاعبين في خط الوسط يقومون بكل الأدوار الدفاعية والهجومية، مقابل 4 مدافعين ومهاجم واحد يقوم بدور محطة الارتكاز للاعبي الوسط المندفعين من الخلف.

ميشيل بلاتيني الذي انتخب لاحقاً رئيسا للاتحاد الأوروبي لكرة القدم يويفا ثم أقيل بعد تورطه في فضائح الفيفا، كان في ذلك الوقت قائد المنتخب الفرنسي وعقله المفكر وقلبه النابض في خط الوسط مع كتيبة من الموهوبين أمثال تيغانا وغيريس ولويس فرنانديز وجينجيني.

وبينما تولى بلاتيني القيام بدور الهداف اكتفى المهاجم الوحيد الذي كان غالباً يقوم بدوره إما روشتو أو ديسيكس بالتخديم على القائد والهداف المزور الذي سجل 9 أهداف في تلك البطولة وفاز بحذائها الذهبي.

وبعد ذلك ظهر الأسطورة الأرجنتينية مارادونا في مونديال المكسيك عام 1986 ليقضي تماماً على فكرة رأس الحربة الهداف، حيث لم يلتفت أحد للمهاجم خورخي فالدانو واكتفى الجميع بالمتابعة والتصفيق وأحياناً التصفير من فرط الإعجاب بما يفعله ساحر خط الوسط في حراس المنتخبات المنافسة.

تحميل المزيد