يبدو أن نادي بايرن ميونيخ سيعيش فترة صعبة فيما هو قادم، حيث انتهى الصراع الداخلي في النادي، ورفع أولي هونيس الراية البيضاء، بتأكيد بعض الصحف المقربة من النادي، على اتخاذ الرئيس قراره بالانسحاب من النادي، في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، مع نهاية دورته الانتخابية.
فاتحاً الباب لانتخابات جديدة للرئاسة، ومنهياً رحلة إدارية بدأت عام 1979 وتطورت لتصل لكرسي الرئاسة عام 2009، قبل أن تتوقف لحوالي عامين بسبب دخوله السجن، ليعاود بعد ذلك عمله بفترة أخيرة لم تحمل الكثير من الاستقرار الإداري.
ولذلك نستعرض في السطور القادمة أبرز ملامح ونتائج ذلك القرار على الفريق البافاري الكبير خلال الفترة القادمة.
الصراع والتلميحات السابقة
طوال الفترة الماضية لمح هونيس لرغبته في الرحيل، وبعد ظهور تلك التقارير يبدو أن كل شيء بات واضحاً حتى بالنسبة للاعبين، لذا يمكن القول إن هونيس خسر صراعه الداخلي، بعد حالة من الانقسام الإداري داخل النادي بالفترة الأخيرة، ووجود تيارين أحدهما يقوده هونيس والآخر يقوده رومينيغيه، التيار الأول يميل لإعادة الهوية الألمانية لبايرن وتعزيز الفريق بصفقات مميزة تعمل وفق هذه الهوية، أما تيار رومينيغيه فيميل للبحث عن تحقيق المزيد من العائدات التجارية وتوسيع انتشار اسم النادي على مستوى العالم، سواء عبر الرعاة أو حتى عبر الصفقات.
لكل من التيارين فكره الخاص، لكن يمكننا تلخيص العملية بأن هونيس بحث عن جلب غوارديولا للفريق مقابل 17 مليون يورو، في حين جاء رومينيغيه بأنشيلوتي الإيطالي كخليفة للمدرب صاحب الفكر الهجومي، ومن هنا قد يظهر التفاوت بين الاثنين بأكبر صوره، ولو أن هذا التفاوت ظهر بشكل أكبر بعد عودة هونيس للرئاسة، بعد أن كان رومينغيه قد استأثر لفترة جيدة خلال غيابه بقرارات النادي، لتبدأ المشكلة بالظهور بشكل أكبر.
تاريخ كبير من النجاحات انتهى!
الكثيرون يلتفتون لتقييم مسيرة هونيس في السنوات الأخيرة، والبعض يرى أن هذه الخطوة ستكون المفتاح لتطوير بايرن ميونيخ، لكن في الواقع لا يمكننا أبداً إنكار ما قدمه هذا الرجل خلال حوالي 40 عاماً من العمل الإداري، تحديداً خلال السنوات الأولى برئاسته، ففي 2009 جاء هونيس بفان غال، وصنع معه بداية نجاحات بايرن ليصل الفريق لنهائي دوري الأبطال 3 مرات في 4 سنوات بمساهمة جيل تم تطوير العديد من أسمائه لسنوات، في الوقت الذي كان فيه هونيس يتسلم الإدارة الرياضية للنادي، ولطالما نجح هذا الرجل رفقة رومينيغيه بزيادة القوة المالية والتجارية للنادي ليوصلاه لأعلى قدر ممكن من النجاح.
التغيير بات مطلوباً في ظل الصراعات الداخلية، كما أنه جزء من الحياة بكل الأحوال فالنادي يحتاج لنفس جديد بالعمل الإداري، لمواكبة الصراعات اليوم، خاصة مع عدم إمكانية دفع مبالغ كبيرة بالتعاقدات في ظل التنافر الحاصل داخل النادي، لذا سيكون من الأفضل أن يحصل واحد من الطرفين على بطاقة الفوز بالمعركة ويحاول تطبيق فكره.
كوفاتش خسر داعمه
طوال الفترة الماضية حاول رومينيغيه توجيه العديد من الرسائل، سواء الواضحة أو المبطنة لمدرب الفريق نيكو كوفاتش، التي تعبر عن عدم رضاه عما يقدمه بالفريق، على عكس هونيس الذي حمى المدرب ودافع عنه لمرات عديدة، بالتالي ببساطة يمكن القول إن المدرب الكرواتي هو واحد من علامات الاختلاف بين التيارين، وفور رحيل هونيس ستكون رقبة كوفاتش معلقة بأيدي تيار لا يرغب في الحفاظ عليه وعند أول خطأ سيجد ذاته خارج النادي.
مشكلة كوفاتش أنه لم ينل الدعم الكافي في الصفقات، فوجود قائمة من 21 لاعباً، أمر لا يرضي أي مدرب بالتأكيد، عدا حاجة الفريق لتأمين العديد من المراكز كالأجنحة، لكن كل هذا قد لا يكون كافياً مع وجود تيار رومينيغيه بقيادة النادي، حيث سيكون البحث عن اسم له تجربة أكبر بأوروبا كما حدث حين تم استقدام أنشيلوتي.
من سيخلف هونيس؟
تم التلميح لمرات عديدة مؤخراً لإمكانية دخول أوليفر كان للنادي، لكن دخول أي رجل للإدارة من بوابة الرئاسة فوراً قد لا يبدو أمراً سهلاً، ولو أن الرجل يحظى بتأييد كبير داخل أوساط النادي، في حال تسلم كان فإن الكلمة المطلقة تقريباً ستتحول لرومينغيه صاحب الخبرة الإدارية الكبيرة.
أسماء أخرى مازالت متاحة لتسلم القيادة ببايرن، وأهمها هيربيرت هاينر، الذي شغل سابقاً منصب المدير التنفيذي لشركة أديداس، ويعمل حالياً ضمن إدارة بايرن ميونيخ، ويتمتع الرجل بخبرة إدارية كبيرة، بخلاف عمله في المجال التجاري لما يقارب 40 عاماً، وهو ما سيجعله مناسباً تماماً لتطبيق أفكار رومينيغيه على صعيد الارتقاء بالعمل التجاري والمالي ببايرن، علماً أن الرجل قد رفض مؤخراً تولي قيادة الاتحاد الألماني لكرة القدم.
الفكر الألماني
دائماً ما يتم الحديث عن إدارات الأندية الألمانية بأنها إدارات رياضية، ويتغنَّى الكثيرون بأن هذا يعطي بصمة خاصة للكرة الألمانية، لكن بالنظر لكل ما يحدث داخل البوندسليغا مقارنة بباقي الدوريات، فإنه من الأفضل أن تدخل بعض الأفكار التجارية لتعديل بعض النقاط، والسعي لتطوير الدوري تجارياً، لذا فإن وجود هاينر قد يمثل بداية لنمط جديد ومختلف، وحين يبدأ التغير ببايرن فإن ذلك سينتقل بالضرورة للدوري.