قبل أن يُسدل الستار على آخر مشاهد كأس الأمم الإفريقية كان 2019 في مصر، فإن هناك نجمين فقط أفلتا من دائرة السقوط التي وقع فيها 3 نجوم آخرين، بعدما كانت الجماهير تضع آمالها على كل نجم من هؤلاء الخمسة لقيادة منتخب بلاده لبلوغ النهائي والفوز باللقب.
واستطاع النجم الجزائري رياض محرز أن يقدم نفسه في البطولة الحالي بشكل مغاير تماماً لما ظهر به في البطولة الماضية التي خرج محاربو الصحراء من دورها الأول دون أن يترك محرز "العالمي" بصمة، مثلما نجح السنغالي ساديو ماني في إثبات قدرته على تقديم مستواه العالي مع منتخب بلاده مثلما يفعل في العادة حين يلعب مع ليفربول بعكس ما كان البعض يروج له.
نقدم هنا رؤية فنية للنجوم الخمس، مَن نجح منهم في اختبار الكان، ومَن رسب في انتظار اختبار آخر.
رياض محرز:
دخل النجم الجزائري البطولة الحالية محاطاً بأجواء من التساؤلات التي ارتقت في بعض الأحيان إلى التشكيك في قرار المدرب جمال بلماضي بمنحه شارة القيادة، ورأى المشككون أن محرز لم يقدم لمنتخب الجزائر ما يقدمه للأندية التي لعب لها بداية من ليستر سيتي وحتى مانشستر سيتي الذي شارك معه محرز في الفوز بكل الألقاب المحلية في إنجلترا في الموسم الماضي.
لكن رياض قدم في البطولة مستوى رائعاً يتناسب مع كونه اللاعب الملهم لمنتخب بلاده، وظهر في صورة القائد الحقيقي ليس فقط على المستوى الفني، ولكن الأهم على مستوى الروح القتالية والإخلاص الشديد لقميص المنتخب، فرأيناه يقوم بأدواره الدفاعية على أفضل ما يكون، كما تقبل في أكثر من مرة قرار المدرب باستبداله بأريحية واضحة دون تذمر، وهي كلها أمور ساعدت بلماضي على فرض الهيبة على بقية اللاعبين وخلقت روحاً إيجابية داخل معسكر المنتخب الجزائري.
ساديو ماني:
رغم نجاح القاطرة السنغالية في قيادة منتخب بلاده إلى المباراة النهائية على أمل الفوز بأول لقب إفريقي في تاريخ أسود التيرانغا، وهو شرف لم يحظَ به لاعبون كبار سبقوا ماني في الدفاع عن قميص المنتخب السنغالي أمثال حاجي ضيوف وفاديجا وكمارا، فإنه يمكن القول إن ماني لا يحظى برضا كامل في بلاده ولا حتى من مدربه، ويبدو أن رغبته العارمة في التسجيل والمنافسة على الألقاب الفردية تطارده من ليفربول حتى القاهرة.
ورأينا ماني يصر على تسديد ركلات الجزاء رغم إضاعته ركلة في الدور الأول، ورغم الانتقادات المبطنة من المدرب أليو سيسيه، حتى جاء قرار منعه من التسديد بعدما أضاع الركلة الثانية في مباراة ربع النهائي أمام بنين.
كذلك يؤخذ على ماني إضاعة العديد من الفرص السهلة في أغلب مباريات المنتخب السنغالي في البطولة، وآخرها انفراد تام بمرمى الحارس المعز حسن في مباراة تونس، لكن يحسب للاعب روحه القتالية التي تلهم زملاءه على القتال المستمر من أجل الفوز.
حكيم زياش:
بعد إخفاق المغرب "الغريب" أمام بنين ومع المراجعة الإجبارية التي أجراها المدرب الفرنسي هيرفي رينارد بعد الخروج الحزين والمبكر من البطولة، فإن المدرب ربما ندم على تصالحه مع حكيم زياش نجم أياكس الهولندي.
فالنجم الذي لفت انتباه العالم بمهاراته الاستثنائية مع أياكس في دوري أبطال أوروبا الأخير، لم يكن في الموعد نهائياً في البطولة، بل يمكن القول إنه أبرز المتسببين في خروج أسود الأطلس من البطولة ليس فقط لإضاعته ركلة جزاء في الدقيقة الرابعة من الوقت المحتسب بدلاً من الضائع، وإنما لإصراره على تسديدها رغم أنه لم يكن في يومه من بداية المباراة، حيث أضاع أكثر من فرصة.
وقبل تلك المباراة أبدى زياش غضبه عندما أقدم رينارد على استبداله في لقاء كوت ديفوار في مرحلة المجموعات، في امتداد لسلسلة التصرفات التي تسببت في الأزمة بينه وبين المدرب، واستبعد على إثرها لفترة من ارتداء قميص أسود الأطلس.
يوسف المساكني:
في مونديال روسيا الأخير، قال نبيل معلول، المدير الفني لنسور قرطاج وقتها، إنه سيواجه مشكلة كبيرة في البطولة؛ نظراً لغياب محور المنتخب وقلبه النابض يوسف المساكني الذي أُصيب بالرباط الصليبي قبل البطولة بفترة بسيطة.
ويمثل المساكني بالفعل حالةً خاصة في منتخب تونس تماثل حالة ميسي مع الأرجنتين، ورونالدو مع البرتغال، لكنه في البطولة الأخيرة اتضح ابتعاده عن مستواه المعروف أغلب مباريات البطولة، بل إنه في مباراة نصف النهائي ضد السنغال كان يمثل عبئاً فنياً على زملائه بسبب ضعف لياقته الفنية والبدنية.
وربما كان تراجع مستوى "النمس" كما يلقَّب في تونس هو سبب تواضع أداء المنتخب التونسي في الدور الأول، خاصة بالنظر لاعتماد المدرب الفرنسي آلان غيريس الكلي عليه، لكنه عندما امتلك الشجاعة لاستبداله بين شوطَي مباراة السنغال تغيّر حال المنتخب وقدم واحداً من أفضل أشواطه في البطولة على الإطلاق.
الغريب أن المساكني صبّ المزيد من الزيت على النار معسكر المنتخب التونسي بتصريحه بأنه كان أكثر راحةً مع المدرب السابق نبيل معلول، في وقت كان ينتظر منه أن يؤدي دوراً في جمع زملائه وتهدئتهم باعتباره قائد المنتخب.
محمد صلاح:
يملك النجم محمد صلاح شعبيةً جارفة في مصر؛ حيث يعتبره ملايين المصريين طاقة النور التي تنبعث من ظلمات الأوضاع السياسية والاقتصادية الصعبة التي يعانون منها.
لكن يبدو أن صلاح يتخذ خطوات في الاتجاه المعاكس لأحلام الجماهير بسبب المشاكل التجارية والإعلانية والخلافات الداخلية بينه ووكيل أعماله من جهة وبين أعضاء في اتحاد الكرة المصري من جهة أخرى.
ومنذ الحركة التي قام بها عقب تسجيل الكونغو هدف التعادل في المباراة التي حسمت تأهل الفراعنة لمونديال روسيا، والتي باتت أشهر تعبير حركي في مصر على عدم الاستسلام لليأس، لم يقدم "مو" لمنتخب بلاده الكثير، واتضح أنه لا يؤدي مباريات المنتخب بذهن صافٍ ربما بسبب المشاكل الجانبية.
في البطولة الحالية ورغم تسجيله هدفين من أصل 5 سجلها الفراعنة، إلا أن صلاح لم يكن في مستواه المعهود، وقد يكون السبب في ضعف تأهيله الفني والنفسي للبطولة بعد الإجازة التي حصل عليها، وهو خطأ من أخطاء عديدة ارتكبها المدرب المُقال، المكسيكي خافيير أجيري.
أما خارج الملعب فقد تسبب موقف صلاح من أزمة زميله المتحرش عمرو وردة، والتغريدة التي كتبها يطالب فيها بمنحه فرصة ثانية في فقدان النجم المصري للكثير من شعبيته في أوساط الشباب بشكل عام وفي محيط الفتيات اللاتي رأين في دفاعه عن وردة تشجيعاً لسلوك التحرش المنتشر في المجتمع المصري.