لم يتخلَّ الألماني يورغن كلوب، المدير الفني لليفربول، عن فلسفته الخاصة في سوق الانتقالات وهي معاكسة تماماً للمَثل الدارج "شراء العبد ولا تربيته"، رغم اضطراره إلى تطبيق ذلك المثل في الموسم الماضي، وقام بشراء بعض النجوم بمبالغ باهظة لتحقيق أهداف الإدارة والجماهير بالعودة لمنصات البطولات وحقق لهم ما أرادوا بالنهاية، بالفوز بدوري أبطال أوروبا نهاية الموسم الماضي.
ولكنه رغم ذلك لم يتخلَّ عن أسلوبه الذي اعتمد عليه مع ماينز وبروسيا دورتموند، وهو اللجوء إلى الشباب بعيداً عن دفع مبالغ مالية طائلة.
وتعد تجربة الشاب ألكسندر أرنولد، الظهير الأيمن المتألق للفريق، خير دليل على نجاح سياسة كلوب، فاللاعب الذي لم يصل إلى 18 عاماً، اعتمد عليه المدرب الألماني في الموسم قبل الماضي بشكل أساسي، لكي يقود الجانب الأيمن في الفريق الأحمر، بعد أموال دفعت لتدعيم هذا المركز لكن دون فائدة.
وفي الثالث من أكتوبر/تشرين اﻷول 2018، كاد يشهد نهاية مسيرة أرنولد قبل أن تنطلق، فما فعله خلال مباراة مانشستر يونايتد، خلال الأسبوع الـ30، كان أشبه بالكارثة، بعدما تسبب في هدفين لصالح المنافس، ليخرج ليفربول خاسراً أمام منافسه.
ويعد محتملاً لجماهير ليفربول أن تتحمل خسارة فريقها كعادة مشجعي الريدز، لكن القسوة في أن تخرج من معركة خسارة أمام الغريم التقليدي، ليواجه الشاب الإنجليزي سيلاً من الانتقادات، التي لم تمنعه من استمرار حلمه، فالعمل مع كلوب يجعلك تقدم كل ما لديك من أجل النادي والجماهير، وهذا ما حققه اللاعب مع المدرب الذي يعرف بالحماسة.
أرنولد بعد سقوطه في موقعة "أولد ترافورد"، أصبح الفتى المدلل عند كلوب، خاصة أن اللاعب كان من ضمن كتيبة الريدز، التي حققت المعجزة أمام برشلونة في إياب نهائي دوري أبطال أوروبا بالنسخة الأخيرة.
لتخلد ليلة السابع من مايو/أيار الماضي عند أرنولد، فالشاب استطاع أن يخدع دفاع الكتلان ويقدم هدية لديفوك أوريجي، ليسجل الأخير هدفاً سيظل خالداً في أمجاد ليفربول على مدار التاريخ، بعدما أحرز البلجيكي الهدف الرابع لفريقه، ليكون هذا الهدف سبباً في وصول عملاق "الميرسيسايد" لنهائي دوري أبطال أوروبا، ومنه التتويج باللقب عقب التغلب على توتنهام هوتسبير.
انتهى موسم ليفربول بالتتويج بلقب وبدأ الحديث عن الصفقات، ليصبح أمام كلوب تحدٍّ آخر وامتحان سيكون صعباً، بعدما رفض الاستماع لعروض الملاك بضخ الأموال أملاً في التتويج بالدوري الإنجليزي، الذي يغيب عن خزائن النادي ما يقرب من 29 عاماً، حيث قرر "النورمال وان" الذي يلقب به الألماني، اللجوء إلى الصفقات الشابة والواعدة بعيداً عن ضخ الأموال بعد صفقتي أليسون بيكر من روما وفيرجيل فان دايك من ساوثهامبتون.
سياسة كلوب بدأت تدخل حيز التنفيذ خلال هذا الصيف، وكانت البداية من خلال التعاقد مع المدافع الهولندي الشاب فان دن بيرغ، لاعب زفولة الهولندي مقابل 1.7 مليون جنيه إسترليني.
الشاب الهولندي، الذي يبلغ من العمر 17 عاماً، استطاع أن يخطف الأنظار بعدما صعد للفريق الأول بفريقه في الموسم الماضي، ليصبح تحت مراقبة من جانب بايرن ميونيخ وآياكس، إلا أن إدارة ليفربول تدخلت في الوقت المناسب لحسم الصفقة.
والآن أصبح فان دن بيرغ في صفوف ليفربول، حيث ينتظر كلوب أن يُقدم للجمهور فان دايك جديداً؛ نظراً لما يتمتع به اللاعب من إمكانات بجانب قدرة كلوب على التعامل مع الشباب.
ليس فان دن بيرغ هدف كلوب الوحيد في الصيف الحالي، بل كشفت تقارير صحفية عن اقتراب ليفربول من حسم صفقة واعدة جديدة من خلال ضم الشاب الإنجليزي هارفي إليوت، جناح فولهام، خلال فترة الانتقالات الجارية.
التقارير أكدت أن ليفربول استطاع أن يهزم ريال مدريد وباريس سان جيرمان بجانب لايبزيغ الألماني، من أجل الحصول على صاحب الـ16 عاماً، الذي دخل التاريخ في الموسم الماضي بعدما أصبح أصغر لاعب يشارك في البريميرليغ، عندما لعب أمام وولفرهامبتون في الجولة قبل الأخيرة.
فهل يثبت كلوب مرة أخرى رجاحة وجهة نظره وفلسفته تلك في الميركاتو؟ أم يضطر مرة أخرى إلى الدخول بأموال طائلة في السوق، لجلب نجوم كبيرة، من أجل تحقيق حلم الجماهير بالفوز بلقب البريميرليغ الغائب عن خزائن الريدز منذ أكثر من 29 عاماً؟ هذا ما سيجاوب عليه المدرب الألماني في الموسم المقبل وما تبقى من سوق الانتقالات هذا الصيف.