للمرة الأولى منذ سنوات طويلة لا يشعر أغلب مشجعي كرة القدم في مصر بالحزن على خروج منتخبهم الوطني صفر اليدين من كأس الأمم الإفريقية، بل إن نسبة لا بأس بها كانت تتمنى الفوز لمنتخب جنوب إفريقيا في المباراة التي جمعت الفريقين مساء السبت السابع من يوليو/تموز في ثمن نهائي البطولة.
الأسباب التي دفعت المصريين للتحول عن تشجيع المنتخب الذي ظل لسنوات طويلة هو المنفذ الوحيد للفرح في بلد يحاصر مواطنوه بدواعٍ متعددة للاكتئاب يختلط فيها الرياضي بالسياسي والاجتماعي، لكن المؤكد أن أكثر الخاسرين في هذا الوقت هو محمد صلاح نجم ليفربول الذي لا يواجه فقط احتمالات فقدان الكرة الذهبية كأفضل لاعب في إفريقيا، وإنما فقدان التعاطف الشعبي الهائل الذي كان يتمتع به في مصر.
أزمة عمرو وردة الذي تحرّش بفتاتين في أسبوع واحد فعاقبه رئيس اتحاد الكرة بالاستبعاد من معسكر المنتخب ثم العفو عنه بعد يومين فقط وإعادته للمعسكر، وما صاحب ذلك من دفاع اللاعبين عنه خصوصاً محمد صلاح الذي انتقد المجتمع المصري الذي لا يمنح فرصة ثانية للمخطئ.
هذه الأزمة خلقت حالة من الجفاء الواضح بين اللاعبين وقطاع كبير من المجتمع الذي تنشط فيه عديد المنظمات والجمعيات التي تتصدى لظاهرة التحرش المنتشرة في مصر، وبالتالى رأى ملايين من المصريين فيما حدث تشجيعاً للمتحرشين ودفاعاً عن سلوك التحرّش من اللاعبين الذين يفترض أنهم قدوة للشباب خصوصاً محمد صلاح.
وبعد أن كان منتخب مصر في ظل قيادة حسن شحاته يُسمى "منتخب الساجدين" أطلق مغردون في الأيام الماضية على تويتر (هاشتاغ) اسمه "منتخب المتحرشين"، كان من أعلى الوسوم المتداولة على موقع تويتر في مصر.
لهذا كان التعاطف مع منتخب جنوب إفريقيا واضحاً خصوصاً بعد مشاركة عمرو وردة كبديل، وتشجيع بعض الجماهير الموجودة في الملعب له "بتعليمات أمنية"، كما قال أحد المشجعين لـ "عربي بوست" تلقوها من المخبرين المنتشرين في المدرجات.
بعد الهزيمة "الكارثية" لمصر على أرضها، عاد هذا الهاشتاغ إلى الظهور من جديد في الساعات التي تلت المباراة.
ورغم أن صلاح حاول توضيح موقفه بتغريدة أكد فيها "وجوب معاملة المرأة بأقصى درجات الاحترام"، ورغم أن رامي عباس، وكيل صلاح، نفى أن يكون نجم ليفربول تدخل لدعم وردة لدى المسؤولين، فإن توجيه اللوم له لم يتوقف خصوصاً بعد الخسارة أمام جنوب إفريقيا.
كذلك فرح بعض المصريين بالهزيمة من جنوب إفريقيا التي جاءت في اليوم التالي مباشرة لرفع أسعار البنزين، حتى لا يُلهي فوز المنتخب الناس عن مشاكلهم الاقتصادية وما تفعله بهم الدولة من رفع لأسعار كل شيء، لكن بعد الهزيمة والخروج من البطولة فإن الشعب سيتفرغ الآن لمشاكل رفع الأسعار، إن لم يكن بالاعتراض والاحتجاج فعلى الأقل بالتركيز فيها وتقييم آثارها السلبية على حياته، وهو ما لم يكن ليحدث في حالة استمرار المنتخب في البطولة.
وأخيراً فإن نسبة كبيرة من مشجعي الكرة في مصر لم يحزنوا على خروج الفراعنة من ثمن النهائي؛ لأنهم توقعوا ألا يستمر المنتخب في البطولة في ضوء المستوى الفني المتواضع الذي قدمه، بوجود مدرب متواضع الإمكانيات رغم أنه يتقاضى أعلى راتب بين كل مدربي المنتخبات المشاركة في البطولة، ولاعبون بعيدون عن مستواهم الطبيعي، وبالتالي كان مَن يتابعون المباريات يملكون مقدمات الإخفاق الذي حدث.