تجربة مُلهِمة لحارسة المنتخب التشيلي للسيدات تدفعها لافتتاح مدرسة لتعليم أخريات

قال موقع شبكة CNN الأمريكية إن حارسة مرمى المنتخب التشيلي كريستيان إندلر تلعثمت وهي تحاول إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن دهشتها.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2019/06/11 الساعة 17:56 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/06/11 الساعة 18:03 بتوقيت غرينتش
حارسة مرمى المنتخب التشيلي كريستيان إندلر/ مواقع التواصل

قال موقع شبكة CNN الأمريكية إن حارسة مرمى المنتخب التشيلي كريستيان إندلر تلعثمت وهي تحاول إيجاد الكلمات المناسبة للتعبير عن دهشتها.

فبالنظر إلى أنَّ منتخب تشيلي للسيدات، الذي تحمل شارة قيادته، لم يكن مُدرجاً حتى في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم قبل ثلاث سنوات، ما زالت كريستيان لا تُصدِّق فكرة أنَّها ستقود زميلاتها أمام المنتخب السويدي، في المباراة المرتقبة بينهما الثلاثاء 11 يونيو/حزيران 2019، في كأس العالم للسيدات المُقامة في فرنسا.  

يوم تاريخي لحارسة مرمى المنتخب التشيلي للسيدات بسبب المشاركة في كأس العالم للسيدات

وسوف تدخل كريستيان التاريخ اليوم، حين تلاقي المنتخب السويدي، الذي يُعتبر أشهر وأبرز من المنتخب التشيلي بكثير؛ إذ يتفوق عليه بـ30 مركزاً في التصنيف العالمي، بصفتها أول لاعبة تحمل شارة قيادة المنتخب التشيلي في كأس العالم.  

وقالت لشبكة CNN الأمريكية في العاصمة الفرنسية باريس، موطن فريق باريس سان جيرمان النسائي الذي تلعب في صفوفه: "هذا شيءٌ مؤثِّر، أنا سعيدة للغاية، فأكثر شيء لا يُصدَّق بالنسبة لي هو تمثيل منتخب تشيلي، ونأمل أن نفعل ذلك بأفضل طريقة ممكنة".

وأضافت: "نحن متحمساتٍ للغاية لأننا سنفعل ذلك، ومتأثِّرات عاطفياً جداً لخوض أول تجربةٍ لنا في كأس العالم. أتمنى أن أصل (إلى فرنسا) وأنا في أفضل حالة (بدنية) ممكنة. لا أحد يعرف أبداً ما يمكن أن يحدث، لكنني أعمل بجدٍّ من أجل تمثيل بلدي تمثيلاً مشرفاً".

يُذكر أنَّ المنتخب التشيلي تأهَّل إلى بطولة كأس العالم الحالية للسيدات، بعد فوزه برباعيةٍ نظيفة على نظيره الأرجنتيني، وحصوله على المركز الثاني في بطولة أمريكا الجنوبية للسيدات في العام الماضي 2018، خلف المنتخب البرازيلي الذي يُهيمن على كرة القدم النسائية في القارة.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تستضيف فيها تشيلي هذه البطولة، وأمام حضور جماهيري بلغ 18.2 ألف متفرج في مدينة لاسيرينا، التي تبعد 470 كيلومتراً شمال العاصمة التشيلية سانتياغو، بعد نفاد جميع التذاكر. واحتفلت اللاعبات والمشجعون بالإنجاز التاريخي الذي حققته هؤلاء النساء حتى وقتٍ متأخر من الليل.

وتتذكر كريستيان هذه البطولة قائلةً: "لقد كانت مؤثِّرة عاطفياً للغاية، كانت الملاعب ممتلئة عن آخرها بمشجعين يساندوننا طوال الوقت. لقد سررت للغاية بأنني كنت هناك وشاركت هذه التجربة مع زميلاتي في الفريق"، مضيفة: "أعتقد أنَّ الجميع سيتذكرون تلك اللحظات إلى الأبد، لقد كانت رائعة حقاً".

خاصة أنها لم تكن تتخيل أن ذلك سيحدث لها يوماً ما

وأثناء نشأتها، لم تكن كريستيان تجرؤ قطُّ على أن تحلم بأنَّها ستُحقِّق إنجازات كثيرة في مجال كرة القدم.

وتتمثَّل ذكرياتها الأولى عن كرة القدم في ركل الكرة مع شقيقها الأكبر في منزل طفولتها. وهي تنسب إليه الفضل قائلةً إنَّه صاحب التأثير الأكبر في مسيرتها الكروية، لأنَّه غرس فيها حبَّ الرياضة منذ صغرها.

وعلى الرغم من شغفِها بكرة القدم في صباها، كانت فرص الفتيات والنساء في لعب كرة القدم في تشيلي تكاد تكون منعدمة، وكذلك كانت فرص مشاهدتها أقل، حسبما ذكرت كريستيان.

وقالت: "لم أتخيل قطّ الوصول إلى هذا الحد، لأنني لم أكن أعرف حتى أنَّ هناك بطولاتٍ كبرى في كرة القدم النسائية، وأنَّ النساء يخُضن بطولات مهمة مثل دوري أبطال أوروبا أو دورياتٍ محلية للمحترفات آنذاك".

وأضافت: "في تشيلي، لم يكن لدينا أي مرجع نسترشد به في كرة القدم النسائية، أو أي لاعبةٍ غادرت البلاد وجرَّبت حظَّها في الاحتراف الخارجي، لم نكن نعرف سوى القليل للغاية عن نماذج مشابهة، ولكن حالما ازداد ما نعرفه، رأينا أنَّ هذا الواقع موجودٌ بالفعل، وأننا قادرات على تحقيق إنجازاتٍ في كرة القدم النسائية".

ولِحارسة مرمى المنتخب التشيلي للسيدات تاريخٌ مع كرة القدم

لم تستطع كريستيان لعب كرة القدم كما ينبغي ضِمن فريقٍ مُنظَّم، إلَّا حين التحقت بمدرسةٍ ثانوية ألمانية -إذ إنَّ والدها ألماني- وكانت تلعب في مركزي حراسة المرمى والهجوم الصريح، لأنَّها كانت موهوبةٌ في كلا المركزين.

لكن بالنظر إلى قلة المُشارِكات من الفتيات في لعب كرة القدم النسائية، قالت كريستيان إنَّها "اضطرَّت إلى اللعب مع الصبيان، لأنَّه لم يكن هناك خيار آخر".

وفي نهاية المطاف، قرَّرت كريستيان تكريس نفسها لتصبح حارسة مرمى، وفي عام 2008، كوفئت بدعوةٍ لتمثيل المنتخب التشيلي في كأس العالم للشابات تحت 20 عاماً.

وما عزَّز أهمية تلك البطولة هو أنَّها كانت مُقامة على أرض تشيلي، وقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها كثيرون في البلاد كرة القدم النسائية.

وبالنسبة للاعبات الشابات اللواتي شاركن في البطولة، فقد كانت هذه هي المرة الأولى التي يُعامَلن فيها بصفتهن محترفات.

وتتذكر كريسيتان أجواء تلك البطولة قائلة: "خُضنا استعداداتٍ كبيرة، وتدرَّبنا عاماً كاملاً، وكرَّسنا أنفسَنا لهذه البطولة فقط".

كانت كريستيان تبلغ من العمر 17 عاماً فقط آنذاك، ومع أنَّ تشيلي لم تستطع التأهل إلى الدور الثاني وخرجت من دور المجموعات، فإنَّ هذا الفريق دخل التاريخ.

إذ قالت: "كان من المذهل اللعب في أول كأس عالم للسيدات تشارك فيها تشيلي على الإطلاق في أي من الفئات العمرية. لقد كانت الملاعب ممتلئة دائماً في تشيلي، بدعم حشدٍ هائل من المشجعين. وبالنسبة لي، كانت هذه تجربةً لن أنساها أبداً، وواحدةً من أفضل التجارب التي عشتها في حياتي".

وأضافت بتواضع: "لقد أبليت بلاءً حسناً إلى حدٍّ ما، وحظيت بتقديرٍ كبير من جهاتٍ مختلفة، واتصلت بي جامعةٌ في الولايات المتحدة لتعرض عليَّ مواصلة اللعب والدراسة في آنٍ واحد… وحينئذٍ أدركت أنني أستطيع أن أجعل كرة القدم مهنةً لي، وأن أكرِّس نفسي لأكون لاعبة كرة قدم محترفة، وأجعلها مصدر رزقي".

وقد تنقَّلت في كثير من الأندية، حتى انتقالها لأوروبا الذي شكَّل لحظةً فارقةً في حياتها

بعد ذلك بثلاث سنوات فقط، فازت كريستيان بكأس دوري أبطال أمريكا الجنوبية، التي  تُعتبر أهم بطولةٍ للأندية في القارة، مما دفع بعض الأندية الكبرى في أوروبا إلى متابعتها من أجل التعاقد معها.

وفي عام 2014، انتقلت إلى فريق السيدات في نادي تشيلسي الإنجليزي، لكنَّها تعرَّضت لسلسلةٍ من الإصابات، أعاقت تقدّمها وقدرتها على المنافسة لكسب مكانٍ في الفريق الأول.

وبعد موسم واحد فقط رفقة تشيلسي، عادت كريستيان إلى تشيلي للعب مع ناديها السابق، كولو كولو، ليس فقط لكي تلعب لوقتٍ أطول، لكن أيضاً لاستعادة شغفها بالرياضة التي كانت قد بدأت تفقد حبها تجاهها.

لكنَّ انتقالها الثاني إلى أوروبا كان الخطوة الحقيقية الأولى في طريقها، لتصبح واحدةً من أفضل حارسات المرمى في العالم.

إذ لعبت كريستيان في صفوف فريق فالنسيا في موسم 2016/ 2017، وفازت بجائزة زامورا الإسبانية، بفضل تلقِّيها أقل عددٍ من الأهداف طوال الموسم.

إذ تلقَّت 11 هدفاً فقط في 30 مباراة مع الفريق، الذي كان ينافس فريقي أتلتيكو مدريد وبرشلونة على صدارة الدوري في معظم فترات الموسم.

وقالت: "بالنسبة لنا، كان هذا إنجازاً للنادي ككل، وليس لي وحدي، لأنَّ فالنسيا لم يكن واحداً من أكبر الأندية، لكننا كنا ننافس على صدارة جدول الدوري، لقد كان موسماً رائعاً".

أثناء العام الأول لكريستيان في باريس، فاز النادي بكأس فرنسا -ثاني أكبر الألقاب في تاريخه- وزَاحَم ليون على لقب الدوري هذا الموسم، واصلاً بالمنافسة حتى اليوم قبل الأخير من الموسم.

وبعد نيله وصافة الدوري، وبلوغه نصف نهائي دوري أبطال أوروبا، اختيرت كريستيان أفضل حارسةٍ في فرنسا، في تصويتٍ بين زميلاتها المحترفات، لتكلِّل جهودها في موسمٍ رائعٍ آخر في أوروبا.

وعن هذا علَّقت قائلةً: "هذا يسعدني كثيراً، إن التصويت يجري بين اللاعبات وأنا سعيدةٌ بتقديرهن وتقييمهن لي على هذا النحو. يشعرك هذا بأنك تُبلي حسناً فيما تفعله، وبأنك مهمٌّ للفريق، إنَّها جائزةٌ رائعةٌ".

وأضافت: "للأسف، هذا العام لم نفُز نحن (أي باريس سان جيرمان) بأي ألقابٍ، لكني أعتقد أنَّه مع تغيير المدرب ومع وفود اللاعبات الجدد وهن جميعاً صغيرات السن، فإننا نتكيَّف ونستعد للعام المقبل، ولعلنا نحقِّق فيه الإنجازات"، مشيرةً إلى تعيين أوليفييه إيشوفاني في عام 2018.

وأردفت: "لكنني أرى أن العامين الماضيين كانا جيدين على وجه العموم".

المدهش أنَّ حارسة المنتخب التشيلي سوف تواجه زميلتها هانا غلاس في الفريق الخصم

يُذكر أن كريستيان ستواجه زميلتها في باريس سان جيرمان وصديقتها المقربة هانا غلاس، خلال المباراة الأولى لمنتخب تشيلي ضد السويد في كأس العالم. وأقرَّت بأنَّ التنافس ضد واحدةٍ تدرَّبت ولعبت معها طوال الموسم ستكون تجربةً استثنائيةً، لكنها تجربةٌ ستستمتع بها.

وأضافت كريستيان: "نحن نتبادل الدعابات، لكن تركيزنا جميعاً منصبّ فقط على البطولة، ونعدُّ أنفسنا قدرَ المستطاع لنصلَ إلى كأس العالم في أفضل حالاتنا"، مضيفة: "بيننا علاقةٌ مميزةٌ، ومن اللطيف أن تواجه أشخاصاً تعرفهم وتصادقهم بالفعل".

بعد تحقيقها لكلِّ هذه الإنجازات في مسيرتها فكريستيان على درايةٍ تامةٍ بموقعها، باعتبارها مثلاً أعلى، ومدى أهمية أن تكون قدوةً للفتيات الصغيرات في تشيلي، قدوةً لم تكن تملك مثلها أثناء نشأتها.

ولذلك، ستفتتح في وقتٍ لاحقٍ من العام الجاري ثالث مدرسةٍ نسائيةٍ لكرة القدم في البلاد، ولديها طموحاتٌ بافتتاح المزيد مستقبلاً.

ومع أن المدارس قد استقبلت بالفعل كثيراً من اللاعبات الموهوبات، فهدفها الأساسي هو منح الفتيات مكاناً لممارسة كرة القدم، لا محاولة العثور على النجمة التالية للمنتخب الوطني.

وتوضِّح ذلك قائلةً: "نشأت الفكرة بسبب حياتي في تشيلي، ومع أنَّهم كانوا يفتتحون مدارس وأن هناك اليوم أماكن -ليست كثيرةً- لممارسة اللعبة، فلم تكن هناك قطُّ مدرسةٌ نسائيةٌ بالكامل".

واستطردت: "نشعر بمسؤوليةٍ لمساعدة الفتيات اللاتي يأتين من تحت خط الفقر في المجتمع، واللاتي لا يحظَيْن بفرصةٍ للعب كرة القدم، لفتح الأبواب لهنَّ عن طريق المدارس، ولتحظى بلادي بمكانة مرموقة (في كرة القدم) خارج تشيلي. أشعر بأنني قدوةٌ، وأتمنى أن أكون قدوةً حسنةً لهن".

واختتمت تصريحاتها قائلةً: "أشعر كأنَّ الأبواب تنفتح أمام النساء الأخريات لإدراك أحلامهن وليس في كرة القدم فقط. ثمة أشياء يمكن تحقيقها بالاجتهاد والمثابرة، وأظن أنَّ بوسعنا مساعدة نساء كثيرات في تحقيق أحلامهن".

علامات:
تحميل المزيد