ربما لم يسمع المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو بالحكمة الدارجة التي تقول "يوم لك ويوم عليك"، لذلك عندما تضحك لك الدنيا يجب عليك اغتنامها، وعندما تدير لك ظهرها عليك بالصبر، لكنه بالتأكيد يشعر بأهميتها الفائقة في الفترة الأخيرة.
المدرب الذي أطلق على نفسه لقب "Special One" حينما دانت له دنيا التدريب قام بغزو أوروبا في بداية الألفية الجديدة بجيل جديد وأفكار حديثة أحدثت طفرة هائلة بالكرة، وساهمت في جعله بطلاً لدوري أبطال أوروبا مع بورتو البرتغالي عام 2004، ثم بدأ حقبة ذهبية مع تشيلسي الذي لم يكن لديه ذلك الصيت الذي يعيشه الآن، وحقق معه لقبَين بالبريميرليغ.
تخلل ذلك رحلتان موفَّقتان مع إنتر ميلان الإيطالي؛ حيث حقق الثلاثية التاريخية معه عام 2010، ثم ريال مدريد الذي حقق معه لقباً للدوري ومثله لكأس ملك إسبانيا في عز فترة اكتساح برشلونة للكرة الإسبانية مع الفيلسوف بيب غوارديولا.
لكن منذ عودته لتشيلسي لم تعُد الأيام كما كانت رغم تحقيقه لقب الدوري في موسمه الأول مع البلوز؛ لأنه في الموسم الثاني أُقيل في منتصف الموسم بسبب سوء النتائج.
في الموسم التالي تولَّى تدريب مانشستر يونايتد من أجل إعادة الأمجاد إليه، لكنه خلال عامين ونصف العام لم يحقق سوى لقب الدوري الأوروبي وكأس رابطة الأندية الإنجليزية وكأس الدرع الخيرية، قبل أن ينتهي به المطاف مطروداً في منتصف الموسم الحالي.
مورينيو منذ نهاية العام الماضي بلا عمل ينتظر خوض تجربة جديدة مع بداية الموسم المقبل تُعيده للواجهة مرة أخرى بعد نهايات أخيرة غير موفَّقة للاستثنائي كما يلقَّب.
نستعرض في السطور القادمة، أبرز الوجهات المحتملة لمورينيو في الموسم الجديد.
بايرن ميونيخ
فتح البرتغالي الباب أمام تولِّي تدريب البايرن خلال الفترة المقبلة، في ظل تفرُّغه في الوقت الراهن وعدم شغله لأي منصب، حيث لمَّح إلى إمكانية قبوله العمل في النادي البافاري: "أرغب في التتويج بلقب دوري في دولة خامسة"، وهو ما يعني عزمه على العمل في فرنسا أو ألمانيا، وهي الدول التي لم يخُض خلالها مورينيو، أي تجربة تدريبية، حيث سبق له التتويج بألقاب الدوري في البرتغال وإنجلترا وإيطاليا وإسبانيا.
رغم اختلاف طريقة وأسلوب اللعب بين مورينيو وبايرن ميونيخ، فإن الأمر يظل محتملاً جداً في ظل عزم إدارة النادي البافاري الإطاحة بالمدرب الكرواتي نيكو كوفاتش في نهاية الموسم الجاري.
كما أن مورينيو يمكنه التوافق مع هوية بايرن في الأداء؛ حيث يميل للكرة السريعة المرتدة مع تطبيق أسلوب الاستحواذ على الكرة والضغط العالي على الخصم في كل أرجاء الملعب، وهو يتماشى مع جزء كبير من فلسفة جوزيه، باستثناء أسلوب الاستحواذ؛ حيث يفضل التمرير السريع والوصول للمرمى بأقل عدد تمريرات.
ولكنه قادر على تحقيق التناغم بين أسلوبه وهوية بايرن الهجومية، مثلما فعل من قبل مع الريال؛ حيث فاز بأكثر من 70% من مبارياته وتخطَّى حاجز الـ100 هدف في موسم واحد، وهو ما يزيد نسب النجاح للطرفين الباحثين عن العودة للواجهة بعد موسم سيئ.
باريس سان جيرمان
فريق آخر مهتم بخدمات المدرب المخضرم؛ حيث تبحث الإدارة القطرية المالكة للنادي عن تحقيق حلم واحد منذ تولّيها المسؤولية، وهو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا والذي فشل كل المدربين المتعاقبين على الفريق في تحقيقه، رغم جلب ألمع نجوم القارة العجوز، وآخرهم الثنائي نيمار دا سيلفا وكيليان مبابي أغلى صفقتين في تاريخ كرة القدم، ومع ذلك لم ينجح الألماني توماس توخيل وقبله الإسباني أوناي إيمري في التتويج باللقب العالمي.
حظوظ مورينيو في تولِّي المهمة كبيرة بفضل خبراته الأوروبية الكبيرة وفوزه بلقبَين مع فريقين ليسا من فرق النخبة في القارة، ما يجعله حلاً جديداً وفعالاً لإدارة سان جيرمان لتجربة حظِّها معه، ربما يكون الفرج على يديه في الفوز بالكأس ذات الأذنين.
وتوافق أسلوب الفريق الفني ولاعبيه الكبار لطريقة مورينيو وأساليبه الفنية والتي ستجعل له قائمة اللاعبين الكبار تلك مرونة تكتيكية كبيرة في تطبيق أكثر من طريقة وفلسفة في أرضية الميدان.
كما أن احتمالية إقالة توخيل من منصبه بنهاية الموسم الحالي بنسبة كبيرة بعد فشله في تحقيق أهداف الفريق الباريسي.
إنتر ميلان
يعاني الإنتر من تراجع كبير في السنوات الأخيرة، وهي نفس ظروف مورينيو، الذي ربما يقبل عرضاً من ناديه القديم بعد أن رحب من قبل بالعمل مع النيراتزوري مجدداً، لاسيما أن موقف لوتشيانو سباليتي المدرب الحالي على المحك، ومعرَّض للإقالة بنهاية الموسم الحالي لسوء النتائج والأداء وكثرة مشاكله مع نجوم الفريق وآخرهم المهاجم الأرجنتيني ماورو إيكاردي.
ولكن تبقى مشكلة وحيدة قد تمنع إتمام العودة، وهي وجود المدير الرياضي بيبي ماروتا صاحب الأمر والنهي في كافة شؤون الفريق، وهو الأمر الذي يرفضه تماماً مورينيو؛ حيث اعتاد أن يتولى هو كافة الأمور الخاصة بالفريق خاصة التعاقدات الجديدة، مثلما دخل في خلاف حينما كان مدرباً لريال مدريد مع فالدانو المدير الرياضي هناك ولم يهدأ إلا بعد إقالة الأرجنتيني.
تحدٍّ من نوع آخر
الخيار الأخير أمام المدرب الطامح في استعادة مجده السابق، هو تكرار تجربته الأولى مع فريق صغير أوروبياً مثل بورتو، وهو الأمر الذي يجعله يعود كبيراً ويقنع الكل بأنه مازال مدرباً عبقرياً، في حالة قيادة فريق متوسط المستوى لإنجاز أوروبي أو محلي كبير، لتكون الفرصة مواتية أمامه لقيادة فِرق مثل ليون أو موناكو في فرنسا مثلما ذكرت التقارير الصحفية مؤخراً.
مورينيو سيكون على استعداد تام لخوض ذلك التحدي مجدداً، لإثبات قدراته بعد الانتقادات التي لاحقته مؤخراً بأنه أفلس فنياً وانتهى وقته وزمانه في كرة القدم الحديثة حالياً، لاسيما بعد فشل تجربته الأخيرة مع يونايتد ودخوله في عديد من الصراعات مع لاعبيه ومدربي الفرق المنافسة، فهل يعود "سبيشال وان" كما كان في بداية الألفية الجديدة متوهِّجاً متألِّقاً؟ أم تصدق الانتقادات بأنه كان ظاهرة وانتهت؟