أسئلة كثيرة تدور في الوسط والرأي العام الرياضي في مصر حالياً عن مغزى الانسحاب المفاجئ للمستشار تركي آل الشيخ، رئيس هيئة الترفيه السعودية، من مصر، تاركاً نادي بيراميدز الذي يملكه لمستثمر إماراتي مجهول، ثم عودته السريعة المصحوبة بسلسلة من المنشورات التي تعلن التحدي لمجلس إدارة الأهلي وجماهيره، التي تشكل النسبة الأعظم من جماهير الكرة في مصر.
وكما عرضنا في تقرير سابق كانت المعلومات التي سُرّبت من مصادر على صلة بجهات مخابراتية مصرية، أن الرحيل المفاجئ للمستشار السعودي المثير للجدل، تم بطلب من جهة عليا في مصر، التي تلقَّت تقارير من جهات أمنية عدة حول وضع الشارع الرياضي، الذي بلغ حالة من الاستقطاب والاحتقان بين جماهير ناديي الأهلي والزمالك لم يشهدها من قبل.
وحذَّرت التقارير من أن استمرار ذلك الاحتقان قد ينذر بكارثة في أثناء مباريات كأس الأمم الإفريقية التي تستضيفها مصر، في شهري يونيو/حزيران ويوليو/تموز المقبلين، قبل أن تنتهي تلك التقارير بالتأكيد على أن أهم أسباب الاحتقان هو تركي آل الشيخ، الذي تحالف مع المستشار مرتضى منصور، رئيس الزمالك، للإساءة لمجلس إدارة الأهلي، الأمر الذي يستفز قطاعاً كبيراً من جماهيره العريضة.
لكن العودة السريعة لتركي آل الشيخ بعد أقل من 48 ساعة فقط على رحيله، ثم اللهجة التي استخدمها في منشوراته، والسخرية من مجلس إدارة الأهلي، دفعت للاعتقاد بأن ما حدث كان مجرد تمثيلية من الأجهزة الأمنية لخلق حالة من الجدل تشغل الرأي العام المصري لعدة أيام، ريثما ينتهي مجلس النواب من إقرار التعديلات الدستورية، التي تمنح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الفرصة للبقاء في الحكم لمدة أطول.
لكن مصادر أمنية مصرية كشفت لـ "عربي بوست"، أن ما حدث كان حقيقياً، ويعكس حالة الصراع الناشبة بين أجهزة المخابرات والأجهزة الأمنية في مصر منذ فترة.
وذكرت المصادر أن المستشار السعودي يستمد قوته في مصر من صداقته الوطيدة باللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة ومدير مكتب السيسي سابقاً، وهي الصداقة التي كفلت لآل الشيخ الحصول على كل ما رغب فيه، وسهَّلت له حسم صراعاته التي خاضها مع جهات مختلفة في مصر، وآخرها شركة بريزنتيشن، صاحبة الحقوق الحصرية لإذاعة مباريات الدوري المصري.
ودلَّلت المصادر على كلامها باللهجة الحادة التي استخدمها آل الشيخ مع مجلس إدارة الأهلي بعد عودته، ومنها نصيحته للخطيب بأن يلعب مباراة الكأس في موعدها "حرصاً على مصلحتهم"، وهو تهديد مبطَّن تسهل ملاحظته.
لكن ما يفعله تركي آل الشيخ، خصوصاً في خصومته المعلنة مع مجلس إدارة الأهلي لا يرضي قيادات في أجهزة أخرى، منها المخابرات الحربية، والأمن الوطني، وداخل المخابرات العامة نفسها، يعرفون الثمن الفادح لإغضاب جمهور أكبر ناد في مصر، مستندين في تخوفهم للدور الحيوي الذي لعبته مجموعات ألتراس أهلاوي في أحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.
كما أن قيادات الأجهزة المخابراتية والأمنية الأخرى غير مرحبين بنفوذ عباس كامل في الدولة، استغلالاً لقربه من الرئيس السيسي، ولهذا يعملون على دعم مجلس إدارة الأهلي، وتشجيعه على التصدي للمستشار السعودي، وهو ما ظهر في الموقف المتشدد للمجلس في اجتماعيه قبل الأخير والأخير، اللذين أعلن فيهما انسحابه من البطولة العربية، ما دام تركي آل الشيخ رئيساً، هدَّد فيهما بالانسحاب من مسابقة كأس مصر في حالة إصرار اتحاد الكرة على إقامة مباراته مع بيراميدز في الكأس، يوم 28 فبراير/شباط، بالمخالفة لجدول المباريات المرسل للنادي في وقت سابق، ويقضي بأن تلعب في نفس اليوم مباراة الفريقين في الدوري.