العريبي يواجه المجهول وأبوتريكة حُرم من دفن جثمان والده.. لاعبون دفعوا ثمن معارضتهم للأنظمة العربية غالياً

نجوم كرة كثيريون في الوطن العربي دفعوا غاليا ثمن آرائهم أو مواقفهم التي لم تعجب الأنظمة السياسية العربية في البلد الذي ينتمون له

عربي بوست
تم النشر: 2019/02/08 الساعة 17:14 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2019/02/08 الساعة 13:39 بتوقيت غرينتش

تسابقت المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام العالمية، لتسليط الضوء على قضية اللاعب البحريني حكيم العريبي، الذي حددت محكمة في تايلاند جلسة في أبريل/نيسان لتسليمه لبلاده، لكن هذه القضية ليست إلا حلقة في مسلسل معاناة الرياضيين في الوطن العربي جراء معارضتهم للأنظمة السياسية.

 

أفضل لاعب في تاريخ البحرين سبق العريبي

في 14 فبراير/شباط 2011، وتزامناً مع ثورات الربيع العربي، انطلقت احتجاجات في البحرين تطالب بمزيد من الحريات في المملكة، شارك فيها عدد كبير من الرياضيين، كان في مقدمتهم أفضل لاعب كرة في تاريخ البلاد المهاجم علاء حبيل وشقيقه محمد، وكان رد الفعل اعتقالهما ضمن العشرات الذين تم الزج بهم في السجون وتعرضوا للتنكيل والتعذيب، بحسب ما قالوا في تقرير عرضته شبكة "إي إس بي إن" العالمية، وحكم عليهما بالسجن لمدة عامين على محمد، و4 سنوات لعلاء.

وبحسب تقارير صحفية،  قام النادي الأهلي البحريني بشطب علاء ومحمد حبيل من سجلاته وإيقافهما عن مزاولة النشاط الرياضي، وذلك بتهمة مشاركتهما في مسيرة في دوار اللؤلؤة، مع حارس الأهلي علي سعيد ولاعب المالكية حسن عيسى ولاعب منتخب كمال الأجسام طارق الفرساني ومدرب النجمة لكرة الطائرة فؤاد عبد الواحد ولاعب منتخب الطاولة أنور مكي.

وفي 25 يونيو/حزيران 2011، طلب الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من الاتحاد البحريني تفسير الأسباب التي أدت إلى اعتقال اللاعبين الدوليين محمد وعلاء حبيل، وأشار الفيفا في بيان صحفي إلى أنه سيفتح تحقيقاً بشأن تدخل الحكومة في الرياضة، وهو ما تحرمه المنظمة الدولية، ما كان ينذر بعقوبات على الاتحاد البحريني تصل إلى الإيقاف، لتتحرك البحرين على الفور، وتقرر في 28 يونيو/حزيران 2011، الإفراج عن عدد من الرياضيين المعتقلين بشكل مفاجئ، بينهم من صدرت بحقهم أحكام بالسجن.

لكن السلطات أبقت على اعتقال عشرات الرياضيين الآخرين، ما أدى إلى تظاهرات للإفراج عنهم ونشوء جمعيات للدفاع عنهم  مثل "لجنة الدفاع عن الرياضيين المعتقلين" التي ذكرت في أحد تقاريرها أن عدد الرياضيين الذين ظلوا معتقلين منذ انطلاق الحراك الشعبي بلغ 75 رياضياً، بينهم حمد الفهد المحكوم عليه بالمؤبد.

أبوتريكة حُرم من دفن جثمان والده

في مصر يحظى محمد أبوتريكة بشعبية جارفة بين جماهير كرة القدم، لكن هذه الشعبية لم تشفع له عند النظام الحاكم في مصر، وحرمه من حضور دفن جثمان والده، خشية اعتقاله بعد وضع اسمه على قوائم الإرهاب.

وأظهر أبوتريكة مواقف سياسية لم يرض عنها النظام الحالي في مصر، بداية من رفضه مقابلة المشير محمد حسين طنطاوي رئيس المجلس العسكري آنذاك، لدى استقباله لفريق الأهلي العائد من بورسعيد بعد مجزرة  فبراير/شباط 2012، التي راح ضحيتها 72 مشجعاً، وخرج علانية ليحمله المسؤولية كاملة.

وخرج بعد ذلك أبوتريكة مؤيداً للدكتور محمد مرسي إبان ترشحه لرئاسة الجمهورية، وقام بتصوير مقطع مصور أكد فيه دعمه الكامل له.

وعقب عزل مرسي، لفت أبوتريكة الأنظار برفضه تسلم ميدالية فوز الأهلي ببطولة دوري أبطال إفريقيا من وزير الرياضة آنذاك طاهر أبوزيد، ليخرج الأخير معلقاً: "لم أركز حينها إن كان تسلم ميداليته أو لا. كان هناك العديد من الضيوف، ما حدث مخالف للأعراف، هذا أمر مستغرب منه وعليه تفسير سبب ذلك، وعليه أن يكون قدوة، ويجب عدم خلط السياسة بالرياضة".

  وفي مايو /أيار 2015، قررت لجنة حصر وإدارة أموال الإخوان، التحفظ على أموال محمد أبوتريكة شمل حساباته السرية بجميع البنوك وجميع الأسهم التى يمتلكها بالبنوك والشركات، وذلك إلى حين التأكد من عدم انتمائه لجماعة الإخوان، ثم أصدرت محكمة جنايات القاهرة في 19 أبريل/نيسان حكماً بإدراج اسمه ضمن 1529 شخصاً على قائمة الشخصيات الإرهابية لمدة خمس سنوات، حصل بعدها على حكم بإلغاء القرار، لكن الموقف لا يزال غامضاً، ويظل اللاعب بعيداً عن مصر، إذ يعمل ويعيش في قطر.

منشور على "فيسبوك" أنهى مستقبل الميرغني

وبعيداً عن الأضواء التي يلمع فيها اسم محمد أبوتريكة، دفع لاعب آخر ليس بنفس الشهرة، مستقبله ثمناً لموقفه السياسي، هو أحمد الميرغني الذي يلعب حالياً بنادي دكرنس بالدرجة الثالثة، بعدما كان لاعباً بالزمالك ثم وادي دجلة الذي أنهى عقده على خلفية قيامه بانتقاد عبدالفتاح السيسي الرئيس المصري.

قال الميرغني لـ "BBC" بعد ما قمت بكتاباته، توجهت للتدريب ولم يحدث أي شيء، مساء حدث جدل كبير في وسائل الإعلام، ثم أخبرني المدرب حمادة صدقي بإيقافي، قائلاً إننا سنحاول علاج المشكلة بالهدوء وضبط النفس، لكن المفاجأة تلقيتها من وسائل الإعلام بخبر يفيد بإيقافي لنهاية الموسم، وعدم تجديد عقدي".

لم يجد الميرغني نادياً يلعب له، وقال عن ذلك في حوار مع صحيفة المصري اليوم: "بعد قرار استبعادي من وادي دجلة حاول وكيلي البحث لي عن عروض أخرى في الدوري الممتاز، وتحديداً في أندية سموحة وإنبي واتحاد الشرطة وحرس الحدود، ورغم أن كل مدرب من هذه الفرق جلس معي وأكد حاجته لي ورغبته في ضمي إلى فريقه، إلا أنه كان يعود في اليوم التالي للاعتذار؛ لأن إدارة ناديه رفضت التعاقد معي".

بعد هذه الظروف الصعبة اضطر الميرغني للانتقال لصفوف جولدي الذي ينافس بالقسم الثالث بالدوري المصري بدعم من مدرب الفريق إبراهيم سعيد، وبقيمة مالية 400 جنيه شهرياً فقط بحسب ما قال لموقع "المصري اليوم".

وكاد أحمد الميرغني أن يعود للأضواء مجدداً، باللعب لنادي الداخلية الذي ينافس في الدوري الممتاز، في صيف 2016، بعدما قام النادي بالتعاقد معه، لكن تم إبلاغه بفسخ التعاقد معه بعد ساعات قليلة من رحيل المدرب فاروق جعفر بأوامر عليا، حسب قوله.

وروى "الميرغني" ما حدث معه، وقتها بأنه عند ذهابه لخوض لقاء ودي مع فريقه فوجئ بطلب ضياء عبد الصمد، المدير الفني، الجلوس معه ليخطره بفسخ التعاقد معه بأوامر عليا من مسؤولي الداخلية، مؤكداً له أنه بصفته مدرباً يحتاجه بشدة بالفريق، لكن ليس بيده شيء ليفعله.

كشيط وفراس العلي يدفعان الثمن في سوريا

مع ظهور الاحتجاجات في سوريا، أظهر فراس الخطيب قائد المنتخب وزميله عمر السومة، تعاطفاً ضد نظام الأسد، لكن موقفهما تغير وانضما للمنتخب وظهر داعمين لرأس النظام السوري.

وبحسب تحقيق لشبكة "ESPN"، نشرته، 11 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بعنوان "منتخب الديكتاتور"، كان حال رفض الخطيب طلب الانضمام للمنتخب سيكون في جانب يتم  ربطه دائماً بالقاعدة وتنظيم الدولة (داعش) التي تستعمل ملاعب كرة القدم كمسرح لجرائمها مثل تفجيرات نوفمبر/تشرين الثاني في استاد دو فرانس، باريس في 2015.

أيمن كشيط، لاعب الكرة السابق الذي قدم الملف للفيفا يطالب فيه بوقف النشاط في سوريا لتداخل السياسة في الرياضة، قال: "هناك تعارض بين قرارات فيفا، وقوانينه. يصدرون قراراً بإيقاف اتحاد أهلي بسبب التدخل السياسي وفي نفس الوقت هناك حرب كاملة تدور في بلد يتم فيها استعمال الملاعب لتخزين الأسلحة، في بلد يموت فيه الأطفال واللاعبون، ويزج بهم في السجون، دون أن يكون هناك عقاب من أي نوع. أين القرار؟ هذا نفاق".

مئات من اللاعبين السوريين تركوا البلاد إلى دول مجاورة وإلى أوروبا. لكن القصة الأكثر دراما، بطلها المدافع فراس العلي،  الذي هرب من معسكر المنتخب عندما عرف فجراً أن ابن عمه الذي يبلغ من العمر 13 عاماً مات في هجوم حكومي.

العلي يعيش الآن في مخيم قرقميش للاجئين في جنوب تركيا، ووصف تمثيل منتخب سوريا بأنه "ليس شرفاً، هذا أمر لم أستطع فعله. شعرت أني سأخون كل أبناء بلدنا الذين تم قتلهم بالقمع، هؤلاء الذين يلعبون بقميص منتخب سوريا يحملون علم الموت".

تحميل المزيد