"اليوم الثلاثاء الحادي عشر من ديسمبر لعام 2018، وأنا في الموقع رقم واحد من طريقي نحو قمة لوموفاسين في القطب الجنوبي. وأتوقع لو سارت الأمور على ما يرام، وفقاً للنشرة الجوية، أن أصل إلى القمة يوم الجمعة أو السبت القادم على أبعد تقدير".
هذه هي الجملة التي بدأت بها بشرى بيبانو متسلقة الجبال المغربية حديثها مع "عربي بوست" وقالت إنه باكتمال هذه الرحلة تكون أول مغربية وشمال إفريقية تنجز تحدي القمم السبع حول العالم.
أنهت بشرى بيبانو الموظفة بوزارة النقل والتشغيل المغربية 6 قمم حتى الآن هي: إيفرست بآسيا، وأكونكاجوا بأميركا الجنوبية، ودينالي بأميركا الشمالية، وكيليمانجارو بإفريقيا، وإلبروز بأوروبا، وبونتشاك جايا "كارستينز بيراميد" بأوقيانوسيا، وهي في طريقها نحو استكمال القمة السابعة قبل نهاية عام 2018.
مغامراتها بدأت في المغرب
كانت بيبانو قد بدأت ممارسة رياضة المشي في الجبال "الهايكنغ" في عمر 26 عاماً، وعُرض عليها تسلق أعلى قمة جبل في المغرب "توبقال" فقررت خوض التجربة.
وقالت بيبانو حينها: "على الرغم من أن هذه الرياضة معروفة في المغرب أنها للأجانب، لكني قررت أن أتسلق الجبل المعروف بخطورته لغير المحترفين، وبالفعل كانت تجربة ثرية جداً، حيث اكتشفت أنني وجدت شغفي الذي كنت أبحث عنه".
الرجال أقوى.. لكن النساء أقدر
السيدات لديهن قدرة على التحمّل أكثر من الرجال بالرغم من أن الرجل يملك قوة بدنية أكثر من المرأة، هذه هي الفكرة التي استطردت بيبانو في شرحها قائلة: "بالفعل السيدات قد تكون قدراتهن الجسدية أقل من الرجال، لكن قدرة المرأة على التحمل أكثر من الرجل، فالمرأة في النهاية أم ولكي تصبح أماً تتحمل ما لا يستطيع أي رجل تحمُّله، بالإضافة إلى أن الرياضة ليست حكراً على الرجال، وأنا شخصياً أتمرن لمدة ثلاث ساعات يومياً وأرتاح يوماً واحداً أسبوعياً، وأمارس مجموعة من الرياضات المختلفة حتى أستطيع تأهيل نفسي بدنياً لتسلق الجبال".
الاستعانة بالتأمل واليوغا مفتاح من مفاتيح قدرة بشرى على تسلق هذه الارتفاعات الشاهقة، فبعد أن تسلقت بشري قمة جبل كليمنغارو التي يبلغ ارتفاعها 5895 متراً، خططت لتسلق أعلى قمة في قارة أميركا الجنوبية أكونكاجوا التي يبلغ ارتفاعها 6962 متراً. فكان لابد من العمل على التطوير والتأهيل النفسي عن طريق اليوغا والتأمل "meditation" حتى استطاعت الكشف عن طاقاتها وقدراتها وتحمّل هذا المجهود.
وعن طبيعة التمرينات التي تقوم بها، قالت بشرى لـ"عربي بوست": "أنا لا أتوقف عن التمرينات أبداً لأني في كل مرة ومع كل تحدٍّ أكتشف أنني أرغب في أن أعمل على نفسي وأمارس الرياضة بشكل مستمر وذلك منذ سبعة أعوام، وكما ذكرت لا أرتاح إلا يوماً واحداً أسبوعياً، بالإضافة إلى فترة إجازة العائلة السنوية، التي أستطيع فيها أن أحصل على قدر من الراحة. أما دون ذلك فأنا في عمل وإعداد مستمر".
على حافة الموت في إيفرست
تقول بيبانو: "رحلاتي دائماً تكون مليئة بالمفاجآت، ولا بد أن أكون مستعدة لها طوال الوقت. فمثلاً خلال رحلتي هذه المرة إلى القطب الجنوبي، أعاقتني الظروف المناخية عن الالتزام بالجدول الزمني المحدد بسبب صعوبة إقلاع الطائرة نحو القاعدة (base camp)، وبالتالي حدث تغيير في جدول الرحلة".
وتضيف: "بالنسبة للمواقف الصعبة فهي كثيرة أيضاً، فخلال نزولي من قمة إيفرست انزلقت قدمي وكدت أفقد حياتي. أتذكر أنني كنت حينها أنظر للجثث أسفل مني وخشيت أن أفقد حياتي مثلهم، لكني تمالكت نفسي وناديت على مساعدي، والحمد لله تجاوزت الموقف. كان من المهم عندما رأيت الجثث أن أتعامل معها بلا مشاعر كأني لا أراها. وهذا جزء من تأهيلي النفسي حتى لا أتشتت عن مهمتي الرئيسية".
طموحات وتحدّيات
تقول بيبانو إنها تشارك متابعيها بكل أخبارها وتفاصيل رحلاتها خطوة بخطوة عبر فيسبوك، إذ تجد في دعم الناس لها تشجيعاً معنوياً كبيراً، وشرحت قائلة: "رياضة تسلق الجبال مكلفة مادياً ومعنوياً، وأنا دائماً أبحث عن دعم معنوي ومادي أيضاً. فالمعنوي يوفره لي زوجي وابنتي والمتابعون لي، أما المادي فكانت المسألة صعبة بعض الشيء لأني في البداية كنت أسافر على نفقتي الشخصية، لكن مع كل رحلة كانت التكلفة تزيد، وبالطبع هذا لا يناسب دخلي فبدأت في البحث عن رعاة أو معلنين لمشاركتي في تكاليف تحمّل الرحلات، وهذا يعطي لرحلتي مزيداً من الانتشار في المغرب والعالم العربي".
وعلى الرغم من أن الرياضات المعروفة مثل كرة القدم هي ما تجد الدعم عادةً، مع العلم أنهم لا يحققون إنجازات كبيرة، فإن بيباني تحدت نفسها في البحث عن رعاة وداعمين لتسلق إيفرست، وبالفعل وجدت مَنْ دعمها في رحلتها.
حُلم بشرى يتجاوز تحدي القمم السبع إلى نشر ثقافة الرياضة الجبلية للشباب المغربي عموماً، والفتيات خصوصاً، فأسست بيبانو جمعية "ديلتا إفاسيون" في عام 2015. وهدف الجمعية تشجيع الرياضات البيئية في المغرب، وممارسة رياضة المشي في الجبال والجري وتعريف الناس بإمكانية ممارسة هذه الرياضات بالمغرب.