لا تزال مساعي رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" جياني إنفانتينو لرفع عدد المنتخبات المشاركة في المونديال المقبل إلى 48 بدلاً من 32 قائمة، إلا أن رفع عدد الدول التي تشارك في تنظيم كأس العالم 2022 يبقى مرهوناً بموافقة قطر صاحبة الأرض والضيافة.
إنفانتينو أقر في مقابلة مع صحيفة The Guardian البريطانية بمناسبة تبقي 4 سنوات على انطلاق بطولة "قطر 2022"، بأن فُرص رفع عدد المنتخبات المشاركة في البطولة "ضئيلة"، مشدداً في الوقت ذاته على إيمانه بأن كرة القدم يمكن أن تساعد في تجاوز الخلافات السياسية كالأزمة الخليجية التي اندلعت في صيف العام 2017، حين قررت السعودية والإمارات والبحرين ومصر حصار قطر.
المسؤول السويسري أضاف، "ربما تكون كرة القدم وسيلةً لبناء جسور التواصل بين الدول. وقد شهِدنا أمراً مماثلاً في المنافسة على الحصول على حق تنظيم البطولة للعام 2026 عندما ترشّحت 3 دولٍ (الولايات المتحدة وكندا والمكسيك) للفوز بهذا الحق، رغم أنها بحسب اعتقادي، لا تحظى بأفضل العلاقات السياسية أو الدبلوماسية فيما بينها. لكن كما هو معروف، فإن كرة القدم تصنع المعجزات".
وعلى الرغم من الغضب العالمي الذي تبع مقتل الصحافي جمال خاشقجي خلال زيارته للقنصلية السعودية في إسطنبول، فإن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم لا يزال يرى أن المشاركة في تنظيم كأس العالم يمكن أن تساعد المملكة على "التطور" وإحداث "تأثير إيجابي".
رئيس "فيفا": كرة القدم قد تحلّ الأزمات الديبلوماسية
وأضاف إنفانتينو، "بطبيعة الحال، فإن علاقة قطر بالدول المجاورة تزيد الأمر تعقيداً؛ ولكن من ناحية أخرى، مهما كانت العلاقات الدبلوماسية معقدة أو متعثرة، فعندما يتعلق الأمر بكرة القدم يتحدث الناس مع بعضهم البعض".
رئيس "فيفا" أشار إلى أنه وعلى الرغم من الحصار المفروض على الدولة الخليجية، فإن الأندية القطرية لا تزال تواجه أنديةً تابعةً للدول المحاصرة ضمن المنافسات الآسيوية.
"لنكن إيجابيين حيال الأمر، بإمكاننا أن نفعل شيئاً من أجل العالم، من أجل كرة القدم. قد ينجح الأمر، فكل شيء ممكن. لنعالج القضية خطوةً بخطوة. نعم، ربما تكون الفرص ضئيلة، لكنني شخصٌ متفائل بشكلٍ عام، لذا سنستكشف الوضع عن كثب".
The Guardian: مقتل خاشقجي دفع القطريين للتمسّك بقيادتهم
وتتولى "اللجنة العُليا للمشاريع" في قطر تنظيم كأس العالم 2022، والذي يشمل بناء 7 ملاعب جديدة بالكامل، إلى جانب تجديد ملعبٍ مقامٍ بالفعل، كل ذلك بتكلفة تتراوح ما بين 8 إلى 10 مليار دولار.
وتتعاون اللجنة مع دراسة الجدوى التي قدّمتها "فيفا" بشأن توسيع استضافة البطولة ليشمل دولاً مجاورة، إلا أن الأمر لا يلقى حماساً لدى الدوحة. حيث قادت السعودية والإمارات فرض الحصار على قطر في يونيو/حزيران 2017، بعد سنواتٍ من العلاقات المتوترة بسبب المواقف السياسية التي تبنتها قطر خلال ثورات "الربيع العربي"، والاعتراض على تغطية تلك الثورات من جانب قناة "الجزيرة".
The Guardian قالت إن القطريين هبّوا لنصرة حاكمهم الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، علانيةً. وأصبحت الفكرة العامة في البلاد هي أن مقتل خاشقجي كشف للعالم الطبيعة الحقيقية القمعية للنظام السعودي – بحسب الصحيفة البريطانية -.
يُقر إنفانتينو بأن إجراء بعض مباريات كأس العالم 2022 في دولٍ أخرى هو النتيجة المنطقية المحتملة التي ستخلص إليها دراسة الجدوى بشأن توسعة الاستضافة، لأن إجرائها في قطر وحدها سيكون صعباً للغاية من الناحية العملية.
وأضاف المسؤول الذي يحمل الجنسيتين الإيطالية والسويسرية، "تضم قطر 8 ملاعب وتستعد لاستضافة بطولة كأس العالم المكونة من 32 فريقاً؛ وبالطبع لا يجب عليك أن تكون بذكاء آينشتاين لتُدرِك مدى صعوبة تنظيم بطولةٍ ذات 48 فريقاً في 8 ملاعب فقط وفي دولةٍ واحدة. لذا يتعين عليك النظر في إقامة بعض المباريات خارج ذاك البلد؛ سيجلب هذا مزيداً من التعقيدات والصعوبات بالطبع، وسننظر في أمرها".
"لا نضغط على قطر.. سأكون سعيداً على أي حال"
يرى إنفانتينو أن مشاركة الدول الجارة في تنظيم كأس العالم 2022 وإجراء بعض المباريات فيها قد يسهم في تخفيف حدة العداء بين الطرفين، وعلى الرغم من الغضب العارم من مقتل خاشقجي، فإنه لم يستبعد إدراج السعودية قائلاً "بالتأكيد لا توجد أية ضغوطاتٍ على قطر على الإطلاق".
وأضاف إنفانتينو "هناك نقاش مفتوح وصريح. لو كان هذا الأمر ممكناً وعمليّاً، فسأكون سعيداً للغاية. أما إذا تعذّر هذا (وظلّت المنافسة في البطولة بين 32 فريقاً فقط)، فسأكون سعيداً جدّاً على كل حال. لكني لن أكون سعيداً إن لم نحاول".
وواصل القول "لو كان هذا في صالح كرة القدم، فسيكون أمراً عظيماً. وإذا كان من آثاره الجانبية أن يُحدِث تأثيرات أكثر إيجابيّةً في المنطقة، فهذا أفضل بالطبع؛ لأن من الواضح أنّ هذه المنطقة، خاصة في ظل الوضع الراهن، مهمّة للغاية للعالم بأسره".
وبسؤاله عما إذا كان من الممكن أن تكون السعودية دولة مشاركة في تنظيم كأس العالم 2022، أجاب "إننا بحاجة إلى أن نأخذ بعين الاعتبار الموقف الجيوسياسي، آملين أن تتطوّر الأمور، ليس لأجل كرة القدم فقط وإنما للعالم أجمع. وإذا كان من الممكن لأي نقاش حول كأس العالم أن يسهم بأي شكلٍ كان في تحسين الوضع في تلك المنطقة، وأيضاً فيما يتعلّق بالسعودية، فربّما يكون هذا تأثيراً جميلاً".
الذوادي: نحضّر لكأس العالم بـ 32 منتخباً
من جانبه، أكد أمين عام اللجنة العليا للمشاريع القطرية والرئيس التنفيذي للجنة المحلية المنظمة لمونديال "قطر 2022" حسن الذوادي، أن بلاده تبذل جهوداً مكثّفة لتنظيم البطولة في نسختها المخصصة لـ 32 منتخباً، وهو ما كان متفقاً عليه عند ترشحها لاستضافة البطولة.
وفي حديثه إلى The Guardian في مكتبه بالعاصمة القطرية الدوحة، قال الذوادي إنّ "الاستعدادات للنسخة التي تشمل 32 فريقاً في 8 ملاعب على أحدث طراز ومتوافقة مع معايير (فيفا)، تسير بشكل جيد للغاية".
إنفانتينو: نرتكب الكثير من الأخطاء، ولكن…
أما إنفانتينو، فأشار في مثال على قدرة كرة القدم على تعزيز التقدم الاجتماعي، إلى سماح إيران لعددٍ من النساء – قدّرته "فيفا" بـ 1000 امرأة من بين 80 ألف متفرّج – لحضور المباراة النهائية لدوري أبطال آسيا بين برسبوليس الإيراني وكاشيما أنتلرز الياباني في 10 نوفمبر/تشرين الثاني.
وكان من المحظور على النساء حضور المباريات في الملاعب في إيران منذ العام 1981 في أعقاب انتصار الثورة الإسلامية المحافِظة في البلاد.
وختم إنفانتينو حديثه عن تنظيم كأس العالم 2022، "لا أدّعي أننا نقوم بكل شيء على خير وجه. فحتّى الآن، ليس هذا هو الواقع. إننا نرتكب الكثير من الأخطاء، لكننا نحاول أن نعمل بصدقٍ وإخلاص".