France Football تكشف أسعار بيع مباريات كرة القدم في الجزائر.. لكل شيء سعره: الفوز، والتعادل، وحتى ضربة الجزاء!

"مرحباً بكم في دولة الفساد الكروي"، بهذه العبارة بدأ تقرير مطول نشرته مجلة France football ، وسلطت فيه الضوء على بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر.

عربي بوست
تم النشر: 2018/10/24 الساعة 15:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/10/24 الساعة 17:17 بتوقيت غرينتش
JS Kabylie striker Albert Ebosse, from Cameroon, runs with the ball during the Algeria Cup final soccer match against MC Alger in Algiers May 1, 2014. The Confederation of African Football (CAF) have called for "exemplary sanctions" following the death of JS Kabylie striker Albert Ebosse, who was killed by a projectile thrown from the crowd in an Algerian league match on Saturday. Picture taken May 1, 2014. REUTERS/LOUAFI LARBI ( ALGERIA - Tags: SPORT SOCCER)

"مرحباً بكم في دولة الفساد الكروي"، بهذه العبارة بدأ تقرير مطول نشرته مجلة France Football الأسبوعية، في عددها الصادر الثلاثاء 23 أكتوبر/تشرين الأول 2018، وسلطت فيه الضوء على بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر.

وركز التقرير، الذي أثار جدلاً واسعاً داخل المؤسسات المهتمة بلعبة كرة القدم في الجزائر، على الفساد الذي طال المسابقة بعدما دخلت أموال كبيرة على الخط، لشراء مباريات ورشوة الحكام ورؤساء الأندية.

أسعار للفوز.. وحتى للتعادل

الصحيفة المتخصصة والأكثر شهرة في فرنسا، وبحسب مصادرها التي اعتمدت عليها في إنجاز هذا التحقيق حول بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر، كشفت عن الأسعار المعتمدة في ترتيب اللقاءات الكروية، وطريقة وصول الأموال إلى الحكام.

وبحسب France Football، فإن فوز أي فريق خارج الديار بالنسبة للقسم المحترف الأول يتطلب دفع ما يقارب 58.500 يورو، أي ما يعادل ملياراً و200 مليون سنتيم بدينار الجزائري، والشيء نفسه بالنسبة للعودة بنقطة التعادل من خارج القواعد، يتطلب دفع 14.500 يورو، أي نحو 300 مليون سنتيم.

وبالنسبة لبطولة القسم المحترف الثاني لكرة القدم، فإن ترتيب المواجهات، يبدأ منذ مرحلة الذهاب؛ إذ يتطلب الفوز خارج الديار دفع ما يقارب 7 آلاف يورو، أي ما يعادل 147 مليون سنتيم بالعملة الوطنية.

أما خلال مرحلة الإياب، فالفوز خارج الديار يتطلب دفع 29 ألف يورو، أي ما يعادل 600 مليون سنتيم. أما التعادل بعيداً عن الميادين، فيتطلب دفع 7 آلاف يورو، أي ما يعادل 147 مليون سنتيم.

كشفت الأسعار المعتمدة في ترتيب اللقاءات الكروية، وطريقة وصول الأموال إلى الحكام / Social media
كشفت الأسعار المعتمدة في ترتيب اللقاءات الكروية، وطريقة وصول الأموال إلى الحكام / Social media

7 آلاف يورو.. ولك ضربة جزاء!

أكد الوسيط الذي اعتمدت عليه France Football في تحقيق بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر، أن رؤساء ومُسيِّري الأندية كانوا يَصِلون إلى الحكام؛ لمنحهم أموالاً للحصول على ضربات الجزاء؛ ومن ثم إحراز الأهداف.

فبالنسبة للقسم الوطني الأول في كرة القدم، فإن الحصول على ركلة جزاء خارج الديار يتطلب دفع ما بين 7 آلاف و14 ألف يورو، أي ما بين 147 مليوناً و300 مليون سنتيم بالعملة الجزائرية.

أما القسم الوطني الثاني، فيتم التفصيل في أسعار ضربات الجزاء الممنوحة، فتلك التي تُمنح خلال مرحلة الذهاب، ليست بنفس سعر تلك الممنوحة بملاعب الأندية خلال مرحلة العودة أو الإياب.

وفي هذا الشق، قال التقرير إن الحصول على ضربة جزاء في مرحلة الذهاب يكلف دفع 3700 يورو، أي ما يعادل 77 مليون سنتيم جزائري، والحصول عليها خلال مرحلة العودة يتطلب دفع 7 آلاف يورو، أي ما يعادل 147 مليون سنتم بالعملة المحلية.

"هذه ملاعب أم أسواق؟!"

إسماعيل دراس، المحلل الرياضي، أبدى امتعاضه الشديد من الحقائق التي نشرتها المجلة الفرنسية في تحقيق بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر، وقال إن "المعلومات التي تطرق إليها التقرير خطيرة، وعلى الجميع التحرك وفي كل المستويات لإنهاء هذه المهازل".

وعن تفاصيل المجلة بشأن الأسعار الممنوحة بغرض ترتيب المباريات، وتحقيق الانتصارات بدفع الأموال، يؤكد دراس  لـ "عربي بوست" أنه "نرى الملاعب كأنها أسواق تُعرض بها أسعار المعروضات، وعلى رئيس النادي اختيار السعر الذي يناسبه".

وأضاف: "أرى أن التحليل والمعلومات المقدَّمة من المجلة عميقة، وتعتمد على مصادر مقربة من بيت تلك الفضائح؛ ومن ثم فالأسعار التي جاء بها التقرير قد تكون حقيقية، وعلى الوزارة والرابطة التحرك بسرعة".

أما الناشط فريد عليلات، ومن خلال منشور له على فيسبوك، فقد قام بإخراج تلك الأسعار على شكل إعلان في جريدة يحمل جميع التفاصيل، مع العودة إلى معلومات تطرقت إليها المجلة في عددها الأخير.

Le magazine France Football revient sur l'enquête publiée récemment par la BBC, la radio britannique, sur la corruption…

Gepostet von Farid Alilat am Dienstag, 23. Oktober 2018

من ممرض إلى حكم ملياردير!

التقرير عاد إلى صورة من صور الفساد الكروي و بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر ، من خلال عرض قصة أحد الحكام، الذي كان في الأصل ممرضاً بإحدى المؤسسات الصحية، قبل التحاقه بالتكوين في إطار تحكيم كرة القدم.

هذا الحَكم، بحسب الصحيفة، "تمكن وفي ظرف وجيز، من تكوين ثروة كبيرة، وأصبح يمتلك سيارة فارهة، وفيلا بواجهة راقية، إضافة إلى مِلكيات عقارية بالجزائر وفرنسا".

وفي الإطار نفسه، نقلت France Football تصريحاً لحكم آخر، شرح فيه الوضع قائلاً: "عملت المُستحيل للابتعاد عن هذا المُحيط، فالتحكيم بالجزائر طاله الفساد والتعفن، رغم أنني في بداية المشوار".

وعادت تقارير تلفزيونية فرنسية إلى نشر تفاصيل تلك الأسعار، والعودة إلى قصة الحَكم الذي تحوَّل في ظرف وجيز من ممرض إلى ثري.

بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر قديم

المصدر، الذي اعتمدت عليه الصحيفة الفرنسية، اكتفى بذكر اسمه خالد، والذي كان يعيش في الجزائر قبل استقراره بفرنسا منذ سنتين.

واعترف خالد بأنه "كان في قلب بيع وشراء مباريات كرة القدم في الجزائر، بعدما عمل 15 سنة كاملة وسيطاً بين رؤساء الأندية، وبعض الحكام بغرض ترتيب المباريات، سواء أكان في القسم الوطني الأول أم الثاني".

ويضيف في هذا الصدد: "كانت العملية معقدة، وتمر بعدة مراحل قبل وصول الأموال إلى الحكام، وهناك في بعض الأحيان 5 أطراف تتدخل لإنجاح العملية، من بينهم الحَكم ورئيس النادي والوسيط، إضافة إلى بعض اللاعبين ووكلاء الأعمال".

ووصفت جريدة "النهار" الجزائرية، في مقال لها الأربعاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2018، هذا الوسيط بأنه زعيم الفساد في الكرة الجزائرية، والذي أسهم في ترتيب العديد من المباريات بصفته وسيطاً بين مسؤولي الأندية وأصحاب البذل السوداء.

حقائق عميقة وموثقة

المعلومات التي أوردها تحقيق المجلة، في نظر عبد الحق بولمدايس أستاذ الأعلام والاتصال، عميقة ومعالَجة بشكل جيد، ولها مصادرها.

ويعتبر بولمدايس، في حديثه مع "عربي بوست"، أن "المجلة اعتمدت على شهادات حية، وموثقة لفترة تزيد على 15 عاماً، وأعطت بالتفاصيل قيمة شراء وبيع المباريات، انطلاقاً من تجربة سابقة".

ومن ثم، يضيف: "ما جاء بالمقال هو جهد لكشف حقائق الفساد في عالم المستديرة بالجزائر، وأوصل ذلك إلى بلوغ أحد الأطراف المهمة التي كان لها علاقة مباشرة بالمُسيّرين والحكام، ما يجعل من المقال أكثر عمقاً ومصداقية".

المحلل الرياضي إسماعيل دراس يطالب، من خلال حديثه لـ "عربي بوست"، وزارة الشباب والرياضة والرابطة الجزائرية لكرة القدم بـ"التحرك السريع لتفكيك خلايا سرطانية كانت تنهش الكرة الجزائرية".

فالمعلومات التي أوردتها المجلة، يردف، "عززت صحتها بوصولها إلى خالد، الذي أعطى شهادته لعملٍ دامَ 15 سنة كاملة بين أموال مُسيّري الأندية وجيوب الحكام".

وفي 19 سبتمبر/أيلول 2018، بثت هيئة الإذاعة البريطانية BBC تقريراً يوثق للفساد في كرة القدم الجزائرية، من خلال تحقيق دامَ 3 مواسم كاملة.

وقال المحلل الرياضي إسماعيل دراس، إن "تقريرFrance Football سيعزز تحقيق BBC البريطانية؛ ومن ثم لا أستبعد تحرُّكاً عاجلاً من الفيفا الدولية للتحقيق في فضائح الفساد بالملاعب الجزائرية".

تحميل المزيد