نشرت صحيفة Financial Times البريطانية تقريراً عن استخدام السعودية وحلفائها شبكة beoutQ Sport التلفزيونية المقرصنة للضغط على قطر في الأزمة الخليجية التي اندلعت صيف العام 2017.
ففي العام 2018، انطلقت الشبكة الناطقة باللغة العربية، لتبثّ لمشتركيها كبرى بطولات كرة القدم مثل كأس العالم ودوري أبطال أوروبا والدوري الإنكليزي الممتاز، بالإضافة إلى سباقات الجائزة الكبرى فورمولا 1 وبطولات ويمبلدون للتنس.
لكن شبكة beoutQ Spor تعتمد على قرصنة المحتوى المملوك بشكلٍ قانوني وحصري لشبكة beIN Sports القطرية، والتي تنفق ملايين الدولارات للحصول على حقوق البث الحصري للفعاليات الرياضية العالمية في جميع أنحاء المنطقة.
beIN Sports: القراصنة يبثون من السعودية
تحقيقات beIN Sports أشارت إلى أن قنوات beoutQ Sport تُبَث عن طريق قمر عرب سات، التابع لشركة الاتصالات الفضائية السعودية التي يقع مقرها في العاصمة الرياض وتُعَد الحكومة السعودية أكبر المساهمين فيها.
وقال نائب الرئيس الأول للمحتوى الإستراتيجي في مجموعة beIN Sports الإعلامية دانيال ماركهام، قال "لا يمكن أن نفسر هذا الأمر بأنه قرصنة؛ فالقرصنة ما زالت تعبر عن هذا السلوك المخادع في أعالي البحار، لكن هذه تُعَد سرقةً من جانب دولة بأكملها".
فتحت هذه الاتهامات بالقرصنة جبهةً جديدة في النزاع الدائر بين قطر والسعودية الذي اندلع في يونيو/حزيران 2017 عندما قطعت الرياض و3 دول عربية حليفة العلاقات الدبلوماسية وطرق المواصلات مع الدولة الخليجية الغنية بالغاز.
الاتحاد الدولي لكرة القدم يساند beIN Sports
وتدخَّلت العديد من الجهات الرياضية الدولية في النزاع حول beoutQ Sport. وقال كلٌّ من الاتحاد الدولي لكرة القدم، ورابطة الدوري الإنكليزي الممتاز إنهما استعانا بمستشار قانوني في السعودية وهدَّدا باتخاذ إجراء حيال سرقة الملكية الفكرية، التي قالا إنها تُقوِّض عقود البث التي تُقدَّر بمليارات الدولارات بحسب Financial Times.
وتوصَّلَت 3 شركات تقنية عالمية، وهي سيسكو الأميركية وناغرا السويسرية وأوفيرون الإسبانية، أيضاً إلى نتائج تقنية تظهر أن إشارة قنوات beoutQ Sport تُبَث من الأقمار الصناعية التابعة لعرب سات.
من جانبهم، قال محامو عرب سات إن الشركة تنفي أي تورُّط لها مع شبكة beoutQ Sport أو بأيِّ طريقةٍ تُسهِّل بث قنوات beoutQ Sport في السعودية أو أيِّ مكانٍ آخر. وقد ثبتت عدم صحة الاتهامات السابقة التي وجَّهَتها مجموعة beIN Sports الإعلامية، ولم تُقدِّم الأخيرة أيَّ أدلةٍ مقنعة تدعم ادعاءاتها.
ولم تستجب الحكومة السعودية لطلبات التعليق على هذه الاتهامات لكنها تنفي تورُّطها باستمرار من خلال بيانات عامة، في حين يذكر موقع شبكة beoutQ Sport على الإنترنت أنها شراكة بين شركات كوبية وكولومبية. ولم يمكن العثور على مُمَثِّلين عن شبكة beoutQ Sport للتعليق.
القراصنة طوّروا تقنياتهم وتقدموا!
ورغم إنفاق مئات الآلاف من الدولارات على إجراءات مكافحة القرصنة، قالت beIN Sports إن التطوُّر التقني لعمليات beoutQ Sport جعل من المستحيل أن تُغلَق. وفضَّلَت الشبكة تكون مجموعة ضغط من الهيئات الرياضية العالمية للضغط على السعودية بدلاً من ذلك.
وقالت اللجنة الأولمبية الدولية، منظمة دورة الألعاب، لصحيفة Financial Times البريطانية إن ظهور شبكة beoutQ Sport يُعد تطوُّراً مُقلِقاً، إذ تعتمد الهيئات الرياضية مالياً على بيع حقوق البث.
وقال تيمو لومي، مدير خدمات التلفزيون والتسويق باللجنة الأولمبية الدولي، "يُعَد التوزيع غير القانوني لمحتوى الألعاب الأولمبية في السعودية من جانب beoutQ Sport بمثابة خيانةٍ للرياضيين والتطوُّر العالمي للرياضة".
وتُعَد أكبر سوق للرياضات في السعودية هي كرة القدم الأوروبية، إذ أن نحو 60% من تعداد سكان البلاد أقل من 30 عاماً والعديد منهم يتابعون فِرَقاً في إنكلترا وإسبانيا وإيطاليا.
beIN Sports تستحوذ على سوق الشرق الأوسط
وحتى العام الماضي كانت قنوات beIN Sports هي الطريقة الوحيدة المتاحة للسعوديين لمشاهدة منافسات الكرة القدم في أكبر الدوريات الأوروبية وكانت الشركة تُعَد السعودية أكبر سوقٍ لها في الشرق الأوسط.
وقال توم كيفني، المدير التنفيذي لمجموعة beIN Sports الإعلامية: "كان هناك تأثيرٌ كبير على أعمالنا"، مشيراً إلى أن شبكة beoutQ Sport مسؤولةٌ عن خسائر بعدة ملايين الدولارات تكبَّدَتها شركته.
وبعد قطع علاقاتها مع قطر في الصيف الماضي، منعت السعودية بيع أجهزة beIN Sports في المملكة. وكتب المستشار بالديوان الملكي السعودي سعود القحطاني، تغريدةً في يونيو/حزيران 2017 قال فيها: "كانت خطتهم، بعد شراء حقوق البث مقابل خمسة أضعاف قيمتها الفعلية، هي نشر الأخبار والبرامج السياسية لزعزعة استقرار الدول"، ونفت قطر هذه الادعاءات.
وتابع القحطاني في تغريدةٍ أخرى بعد بضع دقائق قائلاً، "ستكون هناك حلولٌ بديلة متاحة قريباً مجاناً أو مقابل رسوم رمزية".
وبعد فترةٍ وجيزة، أُطلِقَت شبكة قنوات beoutQ Sport على موقع إلكتروني مُحدَّد نطاقه للسعودية فقط، وبَثَّت محتوى قنوات beIN Sports.
وبدأت أجهزة الشبكة الجديدة الظهور في السوق السعودية الصيف الماضي، في حين روَّجَ بعض النقاد الرياضيين السعوديين لقنوات beoutQ Sport لمتابعيهم على الشبكات الاجتماعية.
القحطاني ينفي علاقة السعودية بـ beoutQ Sport
ونفى القحطاني لاحقاً أي صلة بين تعليقاته وشبكة beoutQ Sport، إذ قال المسؤول السعودي على تويتر في يونيو/حزيران من العام الماضي، "كنت واضحاً؛ سنبذل قصارى جهدنا وسنحاول الحصول على حقوق البث الأرضي رسمياً مثل الآخرين أو نقدم عروض الحصول على حقوق بث الفعاليات الرياضية ثم نتيحها بأسعار في المتناول".
وفي حين لا تُباع أجهزة beoutQ Sport في متاجر الإلكترونيات الكبرى، تظل متاحةً بسهولة في المتاجر الصغيرة المنتشرة في شوارع المدن السعودية.
ورغم حظر بيع أجهزة beIN Sports، بثت الأماكن التابعة للدولة مباريات كأس العالم الماضية للجمهور السعودي مستخدمة قنوات beIN Sports في خطوةٍ واضحة لإبعاد الحكومة عن الاتهامات بدعم القرصنة.
وظهرت قنوات beoutQ Sport لأول مرة لبث محتوى قنوات beIN Sports في أثناء المباريات، ثم غطَّت شعاراتها الأرجوانية بطبقةٍ أخرى من الرسومات قبل أن تعيد بثها لمشاهديها. وبعد بضعة شهور، بدأت شبكة beoutQ Sport في استبدال إعلاناتها الخاصة بإعلانات beIN Sports، وتسخر العديد من هذه الإعلانات من قطر وسياساتها، بينما تتخذ beoutQ Sport شعاراً لها يقول "لا للاحتكار، لا لتسييس الرياضة".