يُفترض أن تحمي اللاعبين بالتكنولوجيا الجديدة: خوارزمية للتنبؤ بإصابات اللاعبين!

تخيل أن فريقك في نهائي دوري أبطال أوروبا، ولكن أفضل مهاجم في الفريق يعاني إصابة قبل المباراة الرئيسية بيومين تمنعه من المشاركة في المباراة.. هذا هو كابوس كل المدربين والمشجعين

عربي بوست
تم النشر: 2018/09/21 الساعة 16:52 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/09/21 الساعة 16:52 بتوقيت غرينتش
Premier League - AFC Bournemouth v Everton

تخيل أن فريقك في نهائي دوري أبطال أوروبا، ولكن أفضل مهاجم في الفريق يعاني إصابة قبل المباراة الرئيسية بيومين تمنعه من المشاركة في المباراة.. هذا هو كابوس كل المدربين والمشجعين، فضلاً عن كونه ضرراً اقتصادياً محتملاً للنادي، لكن يبدو أن التكنولوجيا التي تهتم بالرياضة والتي تتقدم يوماً بعد يوم تعِد بحلول غير تقليدية لهذا النوع من المشاكل، حسب موقع El País الإسباني.

وضعت مجموعة من الباحثين الإيطاليين خوارزمية تعتمد على الذكاء الاصطناعي قادرة على التنبؤ بدقة كبيرة بإصابات اللاعبين، ويقول هؤلاء الباحثون إن هذه الطريقة تمثل تقدماً كبيراً على التقنيات السابقة المماثلة، لكنها لا تزال في مراحلها المبكرة.

يقول باولو سنتيا، الباحث بجامعة بيزا الإيطالية: "تُحدث إصابات اللاعبين مشكلة ملحّة، ولها تأثير مهم على الفريق. وهناك حديث عن الكثير من المال، كل ما يُستثمر في تعافي اللاعب المصاب وفقدان الأموال من الجمهور الذي يريد أن يراه يلعب".

يشرح إسماعيل فرنانديز، الخبير في العلوم الرياضية، أن الإصابات لا تعتمد فقط على العوامل الجسدية؛ بل أيضاً على جوانب أخرى مثل النوم، والنظام الغذائي والحالة النفسية للاعبين.

لا يمكن التنبؤ بالإصابات الشديدة، كما أن الأداء العالي المطلوب من لاعبي كرة القدم المحترفين يضيف عامل خطر، وفقاً للخبير الذي عمل مع فرق مثل أتلتيكو مدريد وفياريال وباريس سان جيرمان.

استخدام التكنولوجيا في الرياضة يتزايد

على نحو متزايد، تعتمد فرق كرة القدم الكبيرة على تقنيات جديدة للحد من الإصابات وتحسين أداء اللاعبين، كما يقول الخبراء.

يشرح سينتيا أن النوادي الاحترافية تقوم منذ بضع سنوات بتجميع كميات كبيرة من البيانات عن نشاط اللاعبين بفضل نظام تحديد المواقع العالمي GPS.

يقول: "يتم تسجيل جميع حركات اللاعب في أثناء التدريب لملاحظة معايير مثل التسارع، والمسافة المقطوعة والسرعة".

وتؤكد بلانكا روميرو، المدربة البدنية للنادي النسائي في دوري الدرجة الأولى Madrid CFF، أن هذه البيانات يتم بثها على الهواء مباشرة؛ كي تسمح باتخاذ القرارات في الوقت الصحيح حول كيفية التعامل مع اللاعب الذي يبذل مجهوداً زائداً، على سبيل المثال.

ويرى سنتيا أنه على الرغم من ذلك، فإنه ليس من السهل التعامل مع الكثير من المعلومات؛ إذ يقول: "يجب على المدرب تحليل ما بين 50 و100 متغير لكل لاعب في كل تدريب".

وأضافت روميرو:  "الشيء الأكثر أهمية ليس في البيانات والمعطيات التي تملكها، ولكن في كيفية استخدامها".

ويعتقد فرنانديز أن هناك مجالاً كبيراً لزيادة الوقاية من الإصابات. يقول: "حتى يومنا هذا، لم يتم تنسيق هذا التقدم في هذا المجال بما يكفي للاستفادة منه بشكل جيد".

دور الذكاء الاصطناعي

يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في استغلال كل هذه المعلومات بفاعلية، وفقاً لسينتيا والمؤلفين الآخرين للدراسة التي تم نشرها مؤخراً في مجلة PLOS ONE.

هؤلاء الباحثون الذين ينتمون إلى مؤسسات مختلفة مثل المجلس القومي الإيطالي للبحوث وجامعتي بيزا وميلانو، طوروا برنامجاً يسمح بتحليل المتغيرات المختلفة تلقائياً في الوقت نفسه وتقديم مؤشرات حول التعرض للإصابات العضلية المحتملة للاعبين.

ولوضعها موضع التنفيذ، أجرى الباحثون تجربة مع فريق إيطالي محترف (طلب عدم الكشف عنه علانية) بمشاركة 26 لاعباً، وتم جمع البيانات عنه خلال 6 أشهر في موسم 2013-2014.

تعاون الباحثون الإيطاليون في تصميم النموذج مع المتخصصين في فريق FC Barcelona في إطار مشروع Sobigdata الأوروبي.

يقول سينتيا: "المهمة هي دمج كل بيانات تدريب الرياضيين في الموسم مع سلسلة من تاريخ الإصابات التي عانوها".

فوجئ صانعو الخوارزمية بنتائجها المذهلة.. "الطرق القديمة تمكنت من التنبؤ بـ4 من أصل 100 مرة من الإصابات المتوقعة".

ويقول اليسيو روسي، المؤلف الرئيسي للتجربة: "تمكنا من التنبؤ بـ50 من كل 100 إصابة". وفي رأيه، زيادة دقة التوقعات تسمح للمدربين باتخاذ قرارات أكثر واقعية حول التدريب والتوظيف في مباريات اللاعب. ويضيف سينتيا: "التقنيات الحالية تقليدية للغاية، فهي تقلل من إيقاع التدريب للفريق بأكمله".

injured soccer player lying on football field during match

علم جديد في مراحله المبكرة

يقول إسماعيل فرنانديز إن "العديد من الفرق الكبيرة تنفق مئات الملايين على لاعبي كرة القدم، لكن الميزانية المخصصة للوقاية من الإصابات لا تشكل سوى جزء صغير من هذه الأموال".

وقال إن الغالبية العظمى من النوادي الكبيرة تمتلك "أحدث التقنيات"، لكن لا يزال ينقصها الطرق المثالية للاستفادة منها، وقال: "يعتمد الأمر كثيراً على كيفية استخدامهم للفنيين والأطباء في النادي".

وتضيف روميرو: "هناك من لا يؤمنون بقدرات التكنولوجيا؛ إذ تعتمد كرة القدم على النتائج، وفي العديد من المرات لا ترى التأثير المباشر للذكاء الاصطناعي في إحراز أو عدم إحراز الأهداف في المباراة".

بالنسبة لفرنانديز، يبدو مشروع الباحثين الإيطاليين خطوة مبدئية "مهمة وضرورية جداً" للقدرة على استخدام البيانات المخزنة بشكل أفضل، لكنه يعتقد أنه لزيادة فاعليته يجب أن يتم اختباره في مزيد من الفرق من مختلف البلدان ولفترة أطول من الزمن، كما أنه يجب ألا ننسى أن هذه النتائج تم التوصل إليها خلال تدريبات وليس في أثناء المباريات الفعلية.

ويرى إسماعيل أيضاً أن المعلومات التي توفرها تقنية GPS يجب أن يتم دمجها مع بيانات أخرى، مثل معدل ضربات القلب، ودرجة حرارة الجسم ومؤشرات حالة اللاعب في أجزاء مختلفة من اليوم.

يعتقد فرناديز وروميرو أن  تطبيق تكنولوجيات مثل الذكاء الاصطناعي شيئاً فشيئاً سيساعد في التغلب على التحيزات والتقدم في إدارة إصابات كرة القدم، رغم أنه ما زال هناك الكثير مما ينبغي عمله.

في رأي فرنانديز، تتمثل إحدى النقاط الرئيسية للحصول على نتائج أفضل، في التنسيق بين العوامل المختلفة التي تؤثر في أداء الفريق.

يعتقد روسي وسينتيا أن الخوارزمية التي طوروها يمكن أن تكون جاهزة للاستخدام بالفعل ويمكن استخدامها أيضاً في رياضات أخرى، لكنهم يشددون على أهمية دمج التجهيزات الفنية المحترفة التي يمكنها التعامل معها.

في النهاية، يقول روميرو إنه في الألعاب الرياضية مثل الرغبي أو كرة القدم الأميركية، يتم استخدام هذه التقنيات قبل سنوات من استخدامها في كرة القدم، ويعتقد روسي أن التكنولوجيا لا تنتقص من لعبة مثل كرة القدم، يقول: "سوف يمثل الذكاء الاصطناعي دعماً فقط؛ فلا يمكن أن يختفي العنصر البشري في رياضة كهذه".