لم يترك العلم مجالاً إلّا وتدخل فيه، حتى كرة القدم صارت مجالاً لأبحاث العلماء واكتشافاتهم؛ آخر هذه الاكتشافات الكروية كان توصل العلماء إلى الطريقة الأمثل لتنفيذ ضربات الجزاء.
طبقاً للاكتشافات الأخيرة، اتضح أنَّ انتظار الحارس حتى يبدأ في الحركة ومن ثم تسديد الكرة بالجانب المغاير لحركة الحارس مهارة يمكن تحسينها بالتدريب.
بينما يمكن لطريقة آلان شيرر المجربة، بالتسديد في أعلى الركن، أن تنجح مع البعض، يزعم العلماء أنَّ المهاجمين يمكنهم التدرب ليصبحوا أفضل في خداع حراس المرمى.
يقول الباحثون إنَّ هناك أساليب يمكن استخدامها للتقليل من فترة اتخاذ القرار لدى اللاعب، وتسمح له بالتركيز على دقة التصويب.
تبحَّرت جامعة بورتسموث الإنكليزية في ميكانيكا تنفيذ ضربات الجزاء قبل بداية الدوري الإنكليزي. يمكن للبحث الأخير الذي أجراه فريق بقيادة الدكتورة مارتينا نافارو، المحاضِرة في علوم الرياضة والتمارين، أن يكون عوناً لمنفذي ضربات الجزاء.
تقول الدكتورة نافارو: "تتطلب ضربة الجزاء الناجحة أن يؤدي اللاعب تسديدةً دقيقة، يتحكم فيها جيداً، وفي الوقت نفسه يراقب حارس المرمى ويتخذ قراراً بشأن الاتجاه الذي يسدد فيه الكرة".
وأضافت: "بمعنى آخر، من السمات الرئيسية للاستراتيجية المعتمدة على حارس المرمى أن اللاعب يتخذ قراراً واعياً في أثناء التسديد، مما يجعل الاستراتيجية المعتمدة على حارس المرمى هي مهمة ثنائية بالأساس".
درست نافارو الأسلوبين المتاحين لتنفيذ ضربات الجزاء بمقارنة طرق تدريب مختلفة لعشرين لاعباً من هولندا والبرازيل.
رأت أنَّ اللاعبين في الأسلوب الأول يختارون مكان التصويب دون النظر إلى تحركات حارس المرمى، بينما في الأسلوب الآخر يختار اللاعبون مكان التسديد بعد أن يبدأ الحارس في الحركة.
كان الأسلوب الثاني أنجح بشكل عام من الأسلوب الأول، الذي لا يحاول فيه اللاعبون توقع تحركات الحارس؛ ما يؤدي إلى صد الكرة بمعدل أكبر.
وقال الباحثون إنَّ الأسلوب الثاني الذي يستهدف فيه اللاعبون جانب المرمى المعاكس للجانب الذي يختاره الحارس هو الأسلوب الأفضل ويحقق معدلاً أعلى في التهديف.
طوَّر الباحثون عدداً من التمارين لتحسين سرعة اللاعبين في القدرة على قراءة تحركات حارس المرمى.
من أجل نجاح الأسلوب، يوصي الباحثون بالتدرب على ضربات الجزاء أولاً، ثم زيادة صعوبة التسديدة تدريجياً. وطبقاً للعلماء، يمكن استخدام هدف أصغر للتصويب عليه.
يقلل هذا من كم التفكير الذي يستغرقه اللاعب في أثناء لحظات ما قبل التسديد، ويسمح له بالتركيز على دقة التصويب.
قُسِّم اللاعبون لمجموعتين، وشاركوا في جلسة تدريب لتحسين دقة التصويب (من دون حارس مرمى)، ثم شاركوا في اختبارٍ لقياس مدى دقتهم في أداء ركلات الجزاء (في ظل اتخاذ قرار بالتسديد في الجانب المقابل لحركة حارس المرمى).
قبل انطلاق كأس العالم هذا العام (2018)، ابتكر علماء الرياضيات الألمان طريقة جديدة للنظر في صد ضربات الجزاء والعوامل المؤثرة في سرعة حارس المرمى، ومكانه، ومكان تسديد الكرة.
تستطيع المعادلة المعقدة أن تخبر الحارس إلى أين ينظر ليزيد من فرص صد ركلة الجزاء.
قال الباحثون إنَّ عملهم يمكن أن يساعد حراس المرمى في الاستعداد لركلات الترجيح قبل المباريات المهمة، لكن من الواضح أنَّهم يحتاجون للحصول على درجة علمية في الرياضيات لفهمها.
تأخذ المعادلة في اعتبارها السرعة العمودية لحارس المرمى ويرمز لها برمز VGK، بينما تعبر الكرة الخط XB ونقطة وقوف الحارس عند بداية الركلة XGK. يُقسَم هذا على الوقت المتاح قبل أن يضرب منفذ الركلة الكرة (TTCPT) والمدة التي تستغرقها الكرة في التحليق (TTCB).
يقول الفريق الألماني إنَّه سيُمكِّن حراس المرمى من اختيار الوقت المثالي للانقضاض على الكرة، والذي يمثل السبب الأهم لصد ركلة الجزاء.
يستغرق حارس المرمى متوسط 0.6 ثانية للوصول إلى امتداده الأقصى يميناً أو يساراً، وثانية كاملة ليمد يده للنهاية. لا يدع هذا وقتاً كافياً للاعتماد على دلالاتٍ بصرية مثل نمط انطلاق الكرة أو مسارها.
تسلط المعادلة الضوء على مدى أهمية مراقبة الحارس لأفعال اللاعب قبيل التصويب.
وقال مؤلف الدراسة وقائدها الدكتور جون فان دير كامب، الذي يعمل عالماً في العلوم السلوكية بجامعة فراج في أمستردام، في حوارٍ له مع صحيفة Daily Mail البريطانية: "إذا كانت المعادلة صحيحة، فسوف تخبر حارس المرمى إلى أين ينظر لزيادة فرصه في (صد ركلة الجزاء)".
وأضاف: "يختلف هذا من حارس مرمى لآخر طبقاً لسرعاتهم. ويشير هذا إلى أنَّ تدريب حارس المرمى على خفة الحركة يمكن أن يساعد في إيقاف ضربات الجزاء".