يمكن أن يتقدم ريال مدريد بشكوى للاتحاد الأوروبي لكرة القدم (اليويفا)، ضد الخطة المالية التي ينوي النادي الإيطالي اعتمادها من أجل ضم مودريتش، والمتمثلة في الاعتماد على عقد رعاية صيني.
لقد كانت فترة الانتقالات الصيفية حافلة بالمفاجآت والصفقات المثيرة للجدل، التي تسببت في خلق أزمات لبعض الفرق. ويبدو أن قضية اللاعب الكرواتي لوكا مودريتش بدأت تزداد سخونة وإثارة في الساعات الأخيرة، وتُولّد حالة احتقان بصفوف القائمين على فريق ريال مدريد، الذين فوجئوا بعزم وكلاء مودريتش على نقله إلى إيطاليا، في ظل صمت تام من قِبل اللاعب.
ومن المنتظر أن يعود مودريتش، الأربعاء 8 أغسطس/آب 2018، من عطلته الصيفية، حتى يوضح نواياه وموقفه من فكرة الانتقال إلى نادي إنتر ميلان. وقد اكتفى اللاعب خلال الفترة الماضية، بفسح المجال لوكلائه من أجل التفاوض مع النادي الإيطالي بدلاً منه. وتماماً كما فعل وكيل اللاعبِين الشهير خورخي مينديز مع كريستيانو رونالدو، يسعى وكلاء اللاعب الكرواتي إلى تحقيق أقصى عائد مادي، وتجاهل الضغوط المدريدية لإبقاء أفضل لاعب في كأس العالم 2018.
وقد أعلن وكلاء مودريتش موقفهم بشكل قطعي، مؤكدين أن الوقت قد حان لينتقل أفضل لاعب لديهم إلى نادٍ آخر، بعد أن تُوِّج بجائزة الأفضل في كأس العالم 2018 ودخل ضمن قائمة أفضل 10 لاعبين من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا). وقد أظهر اللاعب، الذي سيبلغ 33 من عمره في غضون أيام، أنه لا يزال قادراً على العطاء بأرضية الميدان. وفي ظل المستوى الاستثنائي الذي ظهر به مودريتش في كأس العالم، ولَّدت الأخبار الجديدة شعوراً بالألم الشديد في صفوف عشاق الفريق الملكي، الذين لطالما أحبوا "المايسترو"، بعد أن اكتشفوا أنه يفكر في الرحيل إلى إنتر ميلان.
ومن غير الواضح ما إذا كان الحديث عن هذا الانتقال مجرد إشاعات؛ بسبب حرارة موسم الانتقال الصيفي، أم أنه خطوة جادة. من جهتها، تحاول إدارة ريال مدريد التأكد من صحة هذا الأمر، بأسرع وقت ممكن، من أجل إيجاد حل لهذا النقص الحاد في وسط ميدان الميرنغي، خصوصاً مع اقتراب رحيل زميله الكرواتيّ ماتيو كوفاسيتش إلى نادي تشيلسي. فبعد خروج زين الدين زيدان وكريستيانو رونالدو، سيكون من الصعب تقبُّل خروج هذا الساحر البلقاني بالنسبة لأحباء النادي وبقية اللاعبين.
وتشير المصادر إلى أن مودريتش بصدد التفكير في العرض الذي أحضره وكلاؤه من مدينة ميلانو، حيث يمكن وصف العرض بـ"المغري" بالنسبة له وبـ"المهين" بالنسبة لنادٍ بحجم ريال مدريد وتاريخه. ويسعى النادي الإيطالي العريق لضم مودريتش مقابل مبلغ اعتبره الكثيرون متواضعاً، مقارنة بالأرقام الفلكية التي بتنا نشاهدها في هذه الفترة الأخيرة. فلن تزيد قيمة الصفقة على 15 مليون دولار في شكل إعارة لمدة موسم واحد، مع إضافة 20 مليون دولار لضم اللاعب بشكل نهائي.
إضافة إلى هذا المبلغ المثير للسخرية مقابل لاعب يُعتبر الآن أفضل وسط ميدان بالعالم، يفكر الإنتر في دفع أموال مودريتش من خلال معادلة مالية تعتبر خرقاً لقواعد اللعب المالي النظيف التي وضعها الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. ويخضع النادي الإيطالي في الوقت الحالي لمراقبة الاتحاد الأوروبي، الذي يهدد باستبعاده من المسابقات الأوروبية كاف، علماً أنه قد ضمِن بالفعل مكاناً في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم بعد غياب دامَ 6 سنوات.
وبسبب المراقبة المالية التي يفرضها "اليويفا" على الإنتر، لا يمكن للنادي الإيطالي دفع مبالغ كبيرة للنجم الكرواتي، أو حتى تغطية مرتبه السنوي. وفي ظل غياب الموارد المالية، لجأت إدارة النادي إلى طرق ملتوية لإتمام الصفقة، حيث ينوي ملّاك النادي الصينيون تمرير التمويل اللازم لهذه الصفقة، من خلال عقد رعاية مع الشركات التي يملكونها. ويُعتبر هذا الأمر ممنوعاً قانونياً، حتى إنه يعد بمثابة تناول المنشطات في مجال الاقتصاد الرياضي.
وفي الوقت الحالي، يخضع فريق باريس سان جيرمان الفرنسي للتحقيق بسبب الممارسات نفسها، على خلفية عقود الرعاية التي تم توقيعها مع دولة قطر، بين مالك النادي واللاعبَين نيمار ومبابي. وإذا أصر فريق الإنتر على ضم مودريتش بهذه الطريقة، فسيتقدم ريال مدريد بشكوى حول خرق قواعد اللعب المالي النظيف. ولكن قبل الوصول إلى هذه النقطة، يرغب النادي الملكي في الاجتماع بمودريتش وسماع رأيه.
عقد يمتد إلى سنة 2024 وراتب خياليّ
يمتد العقد الذي عرضه فريق الإنتر، إلى فترة 4 سنوات، مع دفع مبلغ 10 ملايين دولار كراتب سنوي، إضافة إلى إمكانية قضاء موسم أخير في الدوري الصيني مقابل مبلغ مالي ضخم، وهذا يمثل عرضاً مغرياً بالنسبة لمودريتش، بعد أن حقق كل النجاحات الممكنة في مدريد. ويستند هذا العرض المغري، بشكل خاص، إلى الألقاب الأوروبية الأربعة التي حققها مودريتش مع الريال منذ سنة 2014. وفي ظل التتويجات المختلفة التي سجلها هذا اللاعب في رصيده، يُعتقد أن الانتقال إلى دوري آخر أقل ضغطاً ومنافسة يمثل فرصة ممتعة بالنسبة له، خاصة من الناحية المالية.
وينتهي عقد مودريتش مع ريال مدريد في سنة 2020، وفي إنتر ميلانو يمكن أن يمتد العقد المعروض عليه إلى سنة 2024. وفي ضوء المشاكل التي واجهها مع مصلحة الضرائب بإسبانيا، والمشكلة التي يواجهها أيضاً في بلده، بخصوص الإدلاء بشهادة كاذبة فيما يتعلق بقضية فساد في الكرة الكرواتية، قد تشجع كل هذه العوامل مودريتش على الهرب إلى إيطاليا، مع العلم أنها الظروف ذاتها التي شجعت كريستيانو رونالدو على الانتقال إلى يوفنتوس.
وفي مدريد، تصر إدارة الفريق على توجيه الاتهامات إلى وكلاء اللاعب، على اعتبار أنهم مسؤولون عن محاولات نقله إلى إيطاليا، طمعاً في العمولة التي سيحصلون عليها. ومن جانبه، يبدو بيديا مياتوفيتش، المستشار والصديق المقرب من مودريتش، متورطاً بشكل خاص فيما يحدث.
وتسبب الحديث عن هذه الصفقة في أزمة كبيرة داخل أسوار النادي الملكي، حيث تأتي هذه الأخبار لتعمِّق مخاوف المشجعين بشأن مستقبل النادي، في ظل رغبة عدد من أعمدة الفريق في الرحيل، خاصة بعد رحيل كريستيانو رونالدو وزين الدين زيدان. والآن، من المتوقع أن تعرض إدارة الريال على مودريتش زيادة في راتبه كمحاولة أخيرة لإبقائه، حيث يكمن الجانب الأهم في إعلان اللاعب رفضه عرض إنتر ميلانو بشكل صريح.