هل تعلم السر وراء “موضة” أندية كرة القدم لتكوين فرق نسائية وبناء ملاعب جديدة؟ وسيلة للتحايل على قوانين اللعب المالي النظيف

هل الهدف هو تقديم فرصة للجنس الآخر للمشاركة في اللعبة الشعبية الأولى في العالم، أم أن في الأمور عملية تحايل

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/27 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/28 الساعة 06:33 بتوقيت غرينتش
Swedish defender Petronella Ekroth signs for Juventus Women

أعلن نادي مانشستر يونايتد في شهر مارس/آذار 2018، تكوين أول فريق نسائي لكرة القدم في تاريخه؛ لينضم إلى الأندية الكبرى التي سبقته إلى ذلك خلال فترة قصيرة، ما فتح الباب لتساؤلات حول الأهداف الحقيقية التي دفعت تلك الأندية لتكوين فرق نسائية فجأة.

هل الهدف هو تقديم فرصة للجنس الناعم للمشاركة في اللعبة الشعبية الأولى في العالم، أم أن في الأمور عملية تحايل ما، بهدف الاستفادة من قانون اللعب المالي النظيف؟

انتشار واسع

وانضم مانشستر يونايتد إلى عدد كبير من الأندية في إنكلترا مثل تشيلسي ومانشستر سيتي، فيما أبدى ريال مدريد نيته تشكيل فريق لكرة القدم النسائية قوي للسيطرة على المسابقات مثل فريق الرجال الذي يصول في القارة الأوروبية، بعدما فاز بمسابقة دوري أبطال أوروبا 3 مرات متتالية.

لكن منافسه التقليدي برشلونة الإسباني سبقه بالفعل منذ زمن حين أسس الفريق في العام 1988، فيما نجح بايرن ميونخ الألماني في تأسيس فريق سيداته في السبعينيات من القرن الماضي.

وبالرجوع إلى السنوات الأخيرة تبقى الريادة لنادي ليون الفرنسي الذي استطاع الفوز بمسابقة دوري أبطال أوروبا للنساء 5 مرات، آخرها الموسم الماضي، فيما يأتي بعده فرانكفورت الألماني برصيد 4 بطولات.

ومع تزايد الاهتمام بالكرة النسائية بسبب قوانين اللعب المالي النظيف قد يفتح ذلك الطريق أمام فرق جديدة للدخول إلى الساحة.

ومع إدراك برشلونة لأهمية الكرة النسائية اصطحب فريق السيدات إلى الجولة التحضيرية في الولايات المتحدة الأميركية من أجل لعب عدد من المباريات الودية مع فرق تشيلسي ومانشستر سيتي من إنكلترا ومونبيليه الفرنسي.

قانون اللعب المالي النظيف.. سبب انتشارها؟

وضع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" قوانين اللعب المالي النظيف لإضفاء مزيد من النزاهة والعدالة على المنافسة، خشية أن تخرب الأموال كرة القدم في القارة العجوز. فما أسهل أن يشتري ملياردير أي فريق ويدفع مليار دولار أو أكثر للسيطرة على أوروبا من خلال شراء اللاعبين، لذا كانت القوانين صارمة.

بدأ الاتحاد الأوروبي يدرك حجم التحايل الذي لجأت إليه الكثير من الأندية من أجل ضخ أموال لشراء لاعبين، وهو ما يهدد ميزانيتها بالإفلاس وذلك مثلما حدث مع لاتسيو الإيطالي مطلع الألفية.

وكان الاتحاد الأوروبي يهتم – بداية من العام 2011 – بوضع ضوابط تجبر الأندية على أن تتساوى الإيرادات مع المصروفات داخل الموازنة، لكنه اكتشف اتجاه بعض المسؤولين إلى الاستعانة بالقروض لتسديد الفواتير والأجور والالتزامات المادية؛ لذا أشعل ذلك المصباح الأحمر داخل أروقة "يويفا" لتبدأ التعديلات.

بدأت قوانين اللعب المالي النظيف تدرك خطورة القروض على الأندية، لذا قررت إجراء تعديل في العام 2013 يضمن ألا تفوق الإيرادات المصروفات أو الديون التي يجب على النادي دفعها.

لكنه اكتشفت أيضاً وجود خلل في نشاط الأندية، فلم تعد الأندية تنفق على تجديد الملاعب أو الاهتمام بالناشئين؛ لذا أجرى تعديلاً جوهرياً يسمح بإنعاش البنية الأساسية للأندية وضخ استثمارات جديدة.

الفرق النسائية وأكاديميات الناشئين.. ميزة!

سمحت قوانين اللعب المالي النظيف للأندية في العام 2015 بعدم إدراج البنود المالية المرصودة لدعم الكرة النسائية وأكاديميات كرة القدم وبناء الملاعب ضمن الميزانية الخاصة بالأندية، ما دفع الكثير من الأندية لإنشاء فرق للكرة النسائية وأيضاً بناء الملاعب.

وقد لجأ يوفنتوس الإيطالي لبناء ملعبه "يوفنتوس آرينا" (تحول اسمه لاحقاً إلى أليانز آرينا)، كذلك أتلتيكو مدريد الذي نقل ملعبه من "فيسيني كالديرون" إلى "واندا متروبوليتانو"، ولن تكون الأرباح مدرجة في الميزانية، وبالتالي يمكن الاستفادة منها في شراء اللاعبين.

وبالنسبة لبرشلونة، فبجانب أنه يملك أكبر أكاديمية لكرة القدم في أوروبا، بدأ يستثمر أكثر في الكرة النسائية، وأيضاً حصل على موافقة من الجمعية العامة الخاصة به على إنشاء مشروع "سباي بارسا" والذي يهدف لزيادة عدد الجمهور في ملعب "كامب نو" وزيادة عدد أماكن انتظار السيارات وارتفاع نسبة المساحات الخضراء داخل النادي لمتعة أكثر لأعضائه.

كما كشف عن إنشاء ملعب يحمل أسم أسطورته الهولندي يوهان كرويف سيلعب عليه الفريق الرديف وفرق الشباب.

وجاء هذا التعديل ليؤكد أن قوانين اللعب المالي النظيف تتبدل وتتغير بسهولة بحيث يمكن استخدامها كأداة لتنشيط الاستثمارات في الأندية أو الانفاق على البنية الأساسية أو دعم أكاديميات كرة القدم والكرة النسائية أو بناء الملاعب، أو حتى الإنفاق على مشاريع استثمارية مثل بناء المراكز التجارية والتي يهدف ربحها إلى دعم الأندية في نهاية المطاف.

عندما اضطروا للتفرقة!

اضطر الاتحاد الأوروبي للتفرقة بين الأندية المملوكة لرجال أعمال مثل باريس سان جيرمان الفرنسي، وتلك التي تملكها جمعيات عامة مثل برشلونة وريال مدريد، وذلك خلال الميزانيات الخاصة بالنادي من أجل اتخاذ القرار بمشاركة النادي في دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي.

ويقوم "يويفا" بمراقبة ميزانية النادي المشارك في دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي في آخر 3. سنوات ويجب على النادي المملوك لجمعية عمومية ألا تزيد خسائره في آخر 3 ميزانيات متتالية عن 5 ملايين يورو، بينما الأندية التي يملكها رجال أعمال فيجب ألا تزيد الخسائر عن 30 مليون يورو، وذلك من أجل تشجيع رجال الأعمال على ضخ الاستثمارات في المؤسسات الرياضة.

وابتدع الاتحاد الأوروبي ما يسمى بالحالة الخاصة، وذلك من أجل دفع المستثمرين لضخ أموال في الأندية الراكدة، مثلما حدث مع ميلان الإيطالي حين قرر رجال أعمال من الصين الاستثمار فيه حيث يتوقف تنفيذ بنود اللعب المالي النظيف لفترة حتى يمكن شراء لاعبين، ومن ثم المنافسة من جديد على البطولات والألقاب وخلال تلك الفترة يجري الاتفاق بين "يويفا" وإدارة النادي الجديدة على خطوات يجب إتمامها كي يستمر دون عقوبات.

ذراع العدالة

لا تهدف قوانين اللعب المالي النظيف إلى استقرار الأندية وحسب، وإنما يجب أن تعم النزاهة المالية على كرة القدم. فيمكن بسهولة أن يتقدم رجل أعمال بعقد رعاية لنادي يصل إلى 3 مليارات يورو عبر إحدى شركاته على سبيل المثال، ويمكنه أن يجلب من خلال ذلك العقد أفضل اللاعبين في العالم، لكن ذلك يؤثر في مصير سوق الانتقالات وعدالة المنافسة لذا بدأت ذراع "يويفا" تتدخل.

وبدأ الاتحاد الأوروبي يتخذ بعض الصلاحيات بحيث يضع خبراء لتقييم عقود الرعاية وهل هي منطقية بالمقارنة بشعبية النادي واستثماراته الحقيقية أم أن هناك خداعاً لإقناع "يويفا" بوجود إيرادات تبدو في الحقيقة غير منطقية ليغلق بذلك الباب على وجه من وجوه الفساد.

ومن بين القرارات التي يمكن أن يتخذها الاتحاد الأوروبي عن طريق قوانين اللعب المالي النظيف هي حرمان بعض الأندية من قيد عدد من لاعبيها خلال منافسات دوري أبطال أوروبا أو الدوري الأوروبي، حيث سيعمل ذلك على إزالة المخالفات المالية بعدم وجودهم. وبالتالي سيجعل المسؤولين يفكرون عشرات المرات قبل الإقدام على شراء لاعبين لن يستفيد النادي منهم في المسابقات الأوروبية.

السهم الناري

أزعجت صفقة انتقال البرازيلي نيمار دا سيلفا من برشلونة إلى باريس سان جيرمان مقابل 222 مليون يورو الاتحاد الأوروبي. وعلى الفور جرت مراقبة حسابات النادي ولكن لم يكن هناك أي مجال لتوقيع عقوبات فقد كانت الميزانية منضبطة.

وقد احتاط باريس سان جيرمان للصفقة، خاصة أن معدل نمو الإيرادات كان يسمح له بالانتقال إلى نادي العاصمة الفرنسية، لكنه يدق حاليا ناقوس الخطر مع تحويل عقد كليان مبابي من إعارة إلى شراء مقابل نحو 180 مليون يورو. فهل يمكن لباريس سان جيرمان أن يقدم ميزانيته للعام المقبل خالية من أي مخالفات مالية؟

هناك أعين ساهرة في ملعب "الأمراء" لضبط إيقاع الموازنة؛ كي يشارك في دوري أبطال أوروبا دون أي مشاكل بسبب قوانين اللعب المالي النظيف ويمكن في حال شعر بأي مشاكل مالية أن يبيع لاعباً أو اثنين ليتخلص من الأزمة برمتها.

ولكن تبقى صفقة نيمار هي أول سهم ناري يشعل سوق الانتقالات الصيفية، ويظهر كيف يمكن أن تشتعل أسعار اللاعبين إذا ما جرى فتح الباب أمام دفع مبالغ قياسية في لاعب أو اثنين.

تحميل المزيد