تخيل مباراة بلاعبين من سوريا والعراق وأفغانستان والمغرب.. سالونيك اليونان تستقبل اللاجئين بالرياضة

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/17 الساعة 11:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/17 الساعة 11:53 بتوقيت غرينتش

كان سليمان، البالغ من العمر 23 عاماً، لاعب كرة قدم محترفاً في دمشق، حيث كان يلعب في صفوف نادي الوحدة، فريق الدوري الممتاز الذي يُعد واحداً من أقدم الأندية الرياضية في سوريا.

الآن هو أحد اللاجئين السوريين في اليونان، ولكن كرة القدم تمنحه الأمل من جديد.

"أنا ألعب كرة القدم مذ كنت في السادسة من عمري، وكنت في صفوف نادي الوحدة لمدّة 10 سنوات، إلا أنني اضطررت للتوقّف بسبب الحرب"، هكذا يروي سليمان قصّته مع كرة القدم في حديثه مع موقع DW الألماني، 14 يوليو/تموز 2018.

هنا أكثر من مجرّد نادٍ رياضي أو فريق كرة القدم

وصل سليمان إلى اليونان في عام 2016، وظل في معكسر أدوميني المؤقّت على الحدود بين اليونان ومقدونيا، لمدّة 4 أشهر. وكان مؤهلاً للانتفاع من مشروع إعادة التوطين في الاتّحاد الأوروبي، إلا أنّه اختار العيش في مدينة سالونيك اليونانية لأنها تُذكِّره بوطنه.

وبدأ سليمان العمل مع إحدى منظّمات المجتمع المدني كمترجم، وعَلِمَ حينها بشأن حركة Aniko لكرة القدم، التي يصفها مؤسسها دان تيوما بأنها أكثر من مجرّد نادٍ رياضي أو فريق كرة القدم.

ويقول "كنت أعمل مع إحدى منظمات المجتمع المدني التي دعمت حركةAniko خلال تدريبهم، وأعجبني ما كانوا يفعلون، فأنت تستمتع، وتتدرّب، وتلتقي بأشخاص جدد".

وهناك تجربة شخصية وراء تأسيس الحركة

 و Aniko التي يعني اسمها باليونانية "أن تنتمي"- هي مجموعة شعبية أسسها كلٌ من دان تيوما، وجيس جونسون الذي بدأ العمل كمتطوّعٍ في بلدة كاليه الفرنسية قبل الانتقال إلى اليونان في صيف عام 2015.

وبعد التطوّع في مهام ووظائف أخرى بمدينتي يسبوس وسالونيك، تبيّن لهما أن الموقف الراهن يُعد مشكلةً طويلة الأمد كما لاحظا أن حاجات اللاجئين تتغيّر. وقررا تأسيس حركة لكرة القدم تهدف إلى مساعدة اللاجئين على الاندماج في المجتمع اليوناني. وفي خريف عام 2016، انضم إليهما توماس فارينز، مدرب Aniko الذي شاركهما تلك الرؤية.

يقول تيوما للموقع الألماني: "إن كرة القدم تبني جسوراً، إنها تروّج للسلام؛ فعندما انتقلت أنا إلى إنكلترا من جبل طارق، كنت غريباً، وكانت كرة القدم هي مفتاح اندماجي بالمجتمع في المملكة المتحدة، وقد نجح الأمر معي، فلماذا إذاً لن يفلح مع الآخرين؟".

لدينا لاعبون من سوريا والعراق وأفغانستان والمغرب

"كرة القدم للجميع" هي فعالية شهرية أسسها دان وجيس وتوماس لجمع شمل الناس. والفكرة بسيطة؛ تنظيم فعالية، وفتح أبوابها لمجتمع سالونيك الذي يُرحِب بالجميع.

ويرى دان أن تلك الفعالية بإمكانها تحطيم الحدود بين أولئك الذين يعيشون في المجتمع، كما بإمكانها مساعدتهم على أن يصبحوا أعضاءً أكثر نشاطاً فيه.

وإذا حكمنا وفقاً لما كان عليه الحال بإحدى الفعاليات على أرض الملعب، نرى أن الأمر يسير على ما يرام! فاللاجئون من سوريا، وأفغانستان، والعراق، والمغرب، واليونان، والكاميرون، وإيطاليا، وغيرها من البلدان والسكان المحلّيون انتظروا تقسيمهم في فرقٍ. وقسَّمهم دان، وألقى عليهم حديثاً ملهماً، ثم بدأت المباراة.

الهدف الأساسي لحركة Aniko هو الجمع بين الناس من أعراق وأديان وأجناس وأعمار مختلفة، ومنحهم الشعور بأنهم ينتمون إلى مكان ما. فبينما يصيح اللاعبون بلغاتهم الخاصة، يبدو أن الجميع يتواصلون بدون أي مشكلة.

يقول سليمان "إنها ليست مشكلة إذا لم تفهم لغة شخص آخر، فنحن نتواصل بلغة الجسد".

ولا يزال هدف Aniko أكثر طموحاً من ذلك بكثير. فعلى الرغم من أن فعالية "كرة القدم للجميع" ليست فكرة جديدة، يخطط الفريق الذي يقف وراء حركة Aniko لتجديد الفكرة لكي تصل إلى المجتمعات على صعيد دولي.

ويقول تيوما "نحن حقاً نريد أن تصبح فعالية كرة القدم للجميع عِماداً أساسياً، وأن تندمج مع الحكومات، والبلديات، والمدن في أنحاء العالم ليتمكّنوا من إدارة هذه الفعالية مرّة كل شهر. إنها رؤية كبيرة، ولكنها حقاً شيءٌ نريد تحقيقه ونؤمن به حقاً".

ونحاول تغيير حكاية اللاجئين بكرة القدم

أولئك الذين يلعبون في صفوف حركة Aniko يرون كرة القدم جزءاً مهماً من حياتهم اليومية؛ فبدلاً من البقاء في المنزل دون فعل أي شيء، تكون لديهم الفرصة للخروج، والالتقاء بآخرين، واللعب. ويقول الكثيرون من بينهم إن كرة القدم تبدو وكأنها تجلب معنى لحياتهم الحالية، فهي تنقذهم من أخطر عدو لهم وهو الفراغ.

نارسيس، وهو لاجئ كاميروني يبلغ من العمر 25 عاماً، وصل إلى "كرة القدم للجميع" متأخراً وانتظر إلى نصف الوقت للانضمام إلى المباراة. ويقول: "كرة القدم بمثابة إلهاء بالنسبة لي.. إلهاء عن مشاكلي. فعندما ألعب، أتمكّن من النوم جيداً خلال الليل". وشأنه شأن الكثيرين على أرض الملعب؛ ينتظر نارسيس قرار السلطات في طلب لجوئه.

أمّا زيتوني، المغربي الشاب البالغ من العمر 32 عاماً، فقد ظل في اليونان منذ 5 سنوات، إلا أنه يعتقد أن طلب اللجوء الذي تقدّم به سيُرفّض. وعلى الرغم من الضغوط اليومية التي تصاحب انتظار قرار مثل هذا، يبدو وكأنه ينسى كل شيء عندما يلعب.

ويقول: "أكون سعيداً عندما ألعب كرة القدم، خاصة بعدما انضممت لحركة Aniko، لأني قبلها لم أكن أفعل أي شيء؛ وقتي قبلها لم يكن شيئاً، أما الآن فهو مليء.. أنا أحظى بكل شيء مع Aniko.

بل إن بعضهم يخطط لتحقيق أحلام كبيرة

كحركة شعبية صغيرة، تكافح Aniko من أجل تأمين التمويل حتّى تواصلَ برنامجها الذي يتضمن التدريب الأسبوعي وغيره من الفعاليات. ومع ذلك؛ ليس لديهم نيّة للتوقّف، بالنظر إلى الفَرقِ الذي أحدثوه في حياة الناس في غضون أشهر قليلة فحسب.

مُجتبى، وهو أفغاني عمره 18 عاماً، يعيش في مخيّم للاجئين منذ عامين. ويتدرّب في صفوف Aniko منذ 6 أشهر، لديه أحلام كبرى؛ فهو يريد أن يصبح أفضل لاعب كرة في العالم.

وقال مجتبي في حديثه لـ DW قبل أن يعود مسرعاً إلى أرض الملعب: "علينا أن نواصل ببطء وبالتدريج، أنا أتدرّب مع Aniko ومع فريق آخر، إلا أن خطّتي هي محاولة الانضمام إلى فريق أريس اليوناني".

والانضمام إلى فريق احترافي يوناني ليس بالأمر السهل، لأن اللاجئين ليس لديهم الأوراق التي يحتاجها اتحاد كرة القدم، لا سيّما أولئك الذين لم يُمنَحوا بعد حق اللجوء. ومع ذلك، سينضم سليمان القادم من سوريا قريباً إلى نادي إيراكلس، أحد أقدم وأشهر الأندية في مدينة سالونيك.


اقرأ أيضاً 

العثور على بطاطس تشارلز داروين المثيرة للجدل داخل حجرة تخزين في جزيرة بتشيلي

وُلدت في قرية، وتحمل شهادة الدكتوراه.. تعرَّف بالصور على الرئيسة الحسناء التي أبهرت العالم في المونديال

علامات:
تحميل المزيد