إذا كنت من مشجعي كرة القدم الراغبين في مشاهدة كأس العالم بأمّ عينك يوماً بدلاً من مشاهدتها من خلف الشاشات جالساً على الأريكة، فاحرص على إدراج موعد البطولة التالية؛ والمقررة في غضون 4 سنوات أو 3 سنوات ونصف السنة للدقة، في تقويمك الشخصي.
وافتح دفتر مهامك الشخصية وقم بتدوين مونديال "قطر 2022" ضمن قائمة أعمالك التي يتوجب عليك إنجازها. أخبِر الجميع بأنَّك ذاهب. ابدأ في توفير النقود، وكن مستعداً عندما يُفتح باب حجز تذاكر البطولة.
ذلك لأنَّه من المرجح أن تكون بطولة كأس العالم القادمة هي أكثر بطولة مواتية ومميزة للمشجعين نشهدها منذ فترة طويلة، وربما على الإطلاق. نعم، إنَّها في قطر.
ونعم، من المرجح جداً أن تكون سمعت بعض الأشياء غير الجيدة عن قطر، مثل: أنَّ الحرارة هناك مرتفعة بشكلٍ قاسٍ جداً، أو أنَّه لا يمكنك الحصول على الجعة هناك، أو أنَّ بعض سياساتها تتسم قليلاً بأنَّها قمعية.
هناك أيضاً ما يشاع على نطاق واسع بشأن مخالفات ومزاعم فساد انطوى عليها ملف الترشيح القطري، وبعض الغضب من أنَّ الولايات المتحدة فشلت في استضافة البطولة بسبب ذلك.
يتحدث تقرير صحيفة USA Today عن كل ذلك، لكن إليكم السبب الذي يجعل هذه البطولة حلماً للمشجعين.
بدايةً، قطر دولة صغيرة، أصغر من ولاية كونيتيكت الأميركية، وروسيا أكبر منها بـ 1478 مرة. إنَّها، وبفارق كبير، أصغر دولة ستستضيف البطولة في التاريخ، كما أنها لم تتأهل إلى النهائيات من قبل. لكن هذا الحجم الضئيل هو ما يجعلها مثالية للمسافر الذي يراعي التكلفة والوقت.
يَبعُد أكثر ملعبين متباعدين، "البيت" و"الوكرة"، أحدهما عن الآخر مسافة 90 ميلاً (144.8 كيلومتر تقريباً). أمَّا في بطولة هذا الصيف، التي حققت نجاحاً مدوياً، فكانت المسافة بين ملعبي كالينينغراد وإيكاترينبرغ 893 ميلاً (1437 كيلومتراً تقريباً) وخطاً قارياً فاصلاً.
هذا يعني أنَّ المشجعين في قطر لن يواجهوا المشكلات النمطية المتمثلة في إعاقة العوامل الجغرافية لهم. ومن الناحية النظرية، يمكنهم حضور أي مباراة في أي يوم معين، أو حتى حضور أكثر من مباراة.
لم يكن الأمر كذلك في روسيا، باستثناء أولئك الذين يتمتعون بإمكانات مدهشة أو حظ جيد أو حساب لا ينفد من النقود.
أحبَّ المشجعون من جميع أنحاء العالم بطولة روسيا، وكلنا نأمل أن يحبّوا البطولة التي ستُنظَّم في الولايات المتحدة (بالاشتراك مع كندا والمكسيك) في العام 2026. لكنَّهم بالتأكيد سيقضون الكثير من الوقت في التنقلات، مثلما فعلوا هنا في روسيا.
في قطر، من المحتمل أن تكون الأجواء مشابهة لأجواء دورات الألعاب الأولمبية؛ إذ سيكون معظم المشجعين متجمعين بمكانٍ واحد. كان هناك لمحة من ذلك في روسيا، حيث كانت موسكو بمثابة قاعدة رئيسية لعشرات الآلاف من المشجعين، الذين سافروا بتكلفة باهظة إلى مدن أخرى من هناك. وقد أضاف الحضور الحيوي المُفعم بالحماسة لأعداد هائلة من مشجعي أميركا الجنوبية لمسة مبهجة إلى يونيو/حزيران 2018.
قد تكون مسألة استيعاب جميع المشجعين في العاصمة القطرية، الدوحة، مشكلة، ربما يجري معالجة جزء منها عن طريق إرساء سفن عملاقة في الميناء وتحويلها إلى فنادق أو أماكن للتنزه. وقد يتم طرح خيارات أخرى مثل إنشاء مدن خيام بالصحراء المجاورة، وهو ما من شأنه توفير شعور حماسي بالمغامرة، إضافة إلى الرفاهية التامة.
أما بالنسبة لدرجة الحرارة، فهذه تكون مشكلة فقط إذا اعتُبِرت حرارة الصيف الروسي هذه المرة مشكلة. فقطر دولة حارة بشكل خانق في الصيف.
لكن سيجري تنظيم البطولة بفصل الشتاء. ووقتئذ تكون البلاد دافئة مع نسمات من الهواء العليل.
وكانت التقارير عن سجل قطر في حقوق الإنسان فيما يتعلَّق بالعمال المهاجرين أقل تداولاً بشكل كبير في الأخبار بالآونة الأخيرة، بعد أن قامت قطر بالاستجابة لطلبات الاتحاد الدولي لكرة القدم بشأن أوضاع العمال المهاجرين على أراضيها. ومن المرتقب أن تزداد التدقيقات والمراقبة حول أوضاع العاملين مع اقتراب موعد انطلاق البطولة.
أمَّا عما إذا كان الزوار المحتملون سيرضون عن ذلك أم لا، فهو أمرٌ عائد إليهم. وسواء كانوا مستعدين لاتخاذ قرار بشأن تحديد زيارتهم لبطولة كأس العالم وفقاً لهذه القضية، فإنَّها مسألة شخصية أيضاً. لكن إحدى الحقائق المؤسفة هي أَّنه كان من الممكن لعشاق الرياضة في جميع أنحاء العالم أن يجدوا أسباباً إنسانية أو اجتماعية ليمتنعوا عن معظم الأحداث الرياضية الكبرى الأخيرة.
وإذا كنت متصالحاً مع نفسك حقاً، يمكنك إدراج بطولة كأس العالم والأولمبياد الصيفي الذي سيقام على السواحل الأميركية قبل قدوم العقد المقبل ضمن قائمة هذه الأحداث الرياضية.
أما إذا كنت متعطشاً لرؤية كأس العالم عن قرب وبشكل شخصي، فيجب عليك فعل ذلك. فالبطولة التي تُمثِّل أعظم عروض كرة القدم هي مزيج رائع من البهجة والإنسانية والتميز الرياضي.
وإذا كنت تهتم بالسياسة لكن ليس إلى حد السماح لها بعرقلة تجارب حياتك، وإذا كانت لديك الفرصة لرؤية أفضل الأمور الترفيهية، ولست تخطط لكسب اليانصيب في السنوات الأربع القادمة، فربما لدى قطر ما تبحث عنه.