يطالب الكثير من محبي كرة القدم بمنح صانع ألعاب المنتخب الكرواتي لوكا مودريتش جائزة الكرة الذهبية، بغض النظر عما سيحدث في نهائي كأس العالم 2018 الذي يجمع منتخب بلاده بفرنسا.
فالفوز بدوري أبطال أوروبا مع ريال مدريد الإسباني للمرة الثالثة على التوالي، وقيادة كرواتيا إلى نهائي كأس العالم، هو الإنجاز الكروي الأبرز لعام 2018، ويجب مكافأته في هذا الصدد بما ستكون المرة الأولى التي تُمنَح فيها الجائزة لشخص لا يُدعى ليونيل ميسي أو كريستيانو رونالدو منذ العام 2006 حين فاز بها البرازيلي كاكا.
تقول صحيفة Daily Mail البريطانية إن مودريتش لن يفتقر إلى الدعم في إسبانيا، حيث كانت تُقرَع الطبول من أجل رونالدو وميسي، في كتالونيا، لعقدٍ كامل.
إذ لم يصل ميسي لأفضل حالاته في الموسم الماضي من الدوري الإسباني إلا متاخراً، لذا لا يمكن أن يكون في السباق. ورَحَلَ رونالدو عن ريال مدريد، لذا ستكون هناك دفعة من الإعلام المساند لمدريد للوقوف خلف مودريتش.
وقد يحصل اللاعب البالغ من العمر 32 عاماً حتى على بعض الدعم غير المتوقع من برشلونة؛ فمودريتش في نهاية المطاف هو اللاعب الذي كان عليهم ربما التوقيع معه في 2013 بدلاً من تركه يذهب لخصومهم.
وإذا فاز مودريتش بكأس العالم، فسينضم إلى مجموعة صفوة مكونة من 8 لاعبين فقط استطاعوا الجمع بين ثنائية المجد مع فريقهم ومنتخبهم من قبل.
ففي العام 1974، فاز سيب ماير، وبول برايتنر، وهانز جورج شوارزنبيك، وفرانز بيكنباور، وغيرد مولر، وأولي هونيس بكأس العالم مع منتخبهم ألمانيا الغربية بعد فوزهم مع ناديهم بايرن ميونخ بلقب دوري أبطال أوروبا.
وفي العام 1998، فاز كريستيان كاريمبو مع ريال مدريد وفرنسا، وفي العام 2002 فعلها روبرتو كارلوس مع البرازيل وريال مدريد.
ويوم الأحد 15 يوليو/تموز، سيكون لدى رافاييل فاران الفرصة لتحقيق الأمر ذاته مع فرنسا وريال مدريد، لكنَّ إنجاز مودريتش سيكون أعظم؛ فكرواتيا لا يوجد بها إلا نحو 800 لاعب فقط محترف بصورة كاملة لكرة القدم وأكثر من 4 ملايين نسمة بقليل فقط يشجعونهم.
وإذا تُوِّج مودريتش بلقب الأفضل في العالم في نهاية العام، فإنَّ رونالدو نفسه قد لا يمانع كثيراً. إذ يحظى القليل من اللاعبين في غرفة تبديل الملابس في ريال مدريد باحترامٍ عام مثل الذي يحظى به اللاعب الذي قاد كرواتيا إلى الأمام في 3 مباريات مُنهِكة في أدوار خروج المغلوب، واضطُروا في كل مرة فيها لتعويض الفارق بعد تقدم الخصم، لكنَّهم لم يشكوا أبداً في أنَّ الأمر ممكن.
ومودريتش قوي الجسد والعقل. إذ قال لصحيفة El Pais الإسبانية الماضي يونيو/حزيران، "أظنُّ أنَّ كثيراً من الأشياء التي حدثت لي في كرواتيا وأنا طفل صغير تركت بداخلي شعوراً أنَّني لا يجب أن أتوانى أبداً".
وهو لا يتحدث أبداً عن صراع البلقان، لكنَّ التقارير تفيد بأنَّ جدَّه – الذي كان مقرباً جداً منه – قُتِل في الحرب وفرَّت عائلته إلى مدينة زادار، حيث عاش في مجموعة من النُزُل قبل أن يجدوا سكناً دائماً.
يتذكَّر يوسيب بايلو، رئيس أول نادٍ لعب فيه مودريتش على الإطلاق (نادي إن كيه زاردار)، طفلاً يركل الكرة في جدار موقف السيارات التابع لنُزُل الشباب. ويقول يوسيب "كان قصيراً ونحيفاً بالنسبة لسِنّه، لكن كان بإمكانك أن ترى فيه شيئاً خاصاً".
ذهب مودريتش، الذي يتمتع بتنافسية شديدة، إلى هذه البطولة مؤمناً أنَّه يستطيع حمل كرواتيا على كتفيه طوال الطريق. وعندما سُئِل عن أبطاله قبل بداية البطولة قال، "بوبان، أول قائد لمنتخب كرواتيا. لقد حمل شارة القيادة في فترة دقيقة جداً من عمر البلاد لأنَّها كانت قد حصلت على استقلالها للتو".
الآن هو مَن يحمل تلك المسؤولية، وعلى الرغم من سحابة المحاكمة الوشيكة بتهمة الشهادة الزور التي تحيط برأسه، لم يكن هناك من هو أكثر تركيزاً من مودريتش على ما يحدث هنا والآن في روسيا.
إنَّه لأمرٌ كبير أن نطلب من كرواتيا المُنهَكة بعد 3 مباريات استمرت كل منها 120 دقيقة النهوض ومقارعة الفريق الفرنسي الذي يضم لاعبين من أمثال أنطوان غريزمان وكيليان مبابي يمكنهم الفوز بالمباراة في لحظة تألق.
لكن على مودريتش أن يذهب إلى الملعب مساء الأحد وهو يعلم أنَّه حقَّق بالفعل أكثر مما حقَّقه أي لاعب آخر في العالم في العام 2018، بمَن في ذلك لاعبين اثنين جعلا من الكرة الذهبية منافسةً خاصة بينهما طوال العقد الأخير.