تحدَّث مدرّب المنتخب الإنكليزي لكرة القدم غاريث ساوثغيت بحماس عن البدايات المتواضعة لكثيرٍ من أفراد فريقه وجيله الذي لم يحقق ألقاباً، مشيراً إلى أن ابتعادهم عن منصات التتويج لا يعني أنهم "يعبثون" كونهم يدافعون عن ألوان أندية مثل بولتون أو بارنسلي أو ليدز يونايتد.
لكنَّ هذه الأندية نوادٍ عملاقة إذا ما قورنت بأنديةٍ مثل دارلينغتون والفريتون تاون، أو نادي بورتون ألبيون، أو نادي كارلايل يونايتد، تلك الأندية التي تعلم فيها جوردان بيكفورد حراسة المرمى.
من بين كل قصص الصعود المفاجئ لصفوة كرة القدم التي تُكوِّن هذا الفريق الإنكليزي، لا توجد قصة مثيرة للإعجاب ومفاجئة مثل قصة بيكفورد. كان أول ظهور دولي له في نوفمبر/تشرين الثاني 2017، بل إنه دخل نهائيات كأس العالم 2018 وفي رصيده 3 مبارياتٍ دولية فقط.
تقول صحيفة The Independent البريطانية، إن الكثيرين لم يتوقعوا تواجده في روسيا، ناهيك عن تميُّزه كحارس مرمى المنتخب الإنكليزي، بل إن البعض ذهب إلى اعتباره أحد أفضل لاعبي "الأسود الثلاثة" في البطولة.
وتعتبر ضربة جزاء الكولومبي كارلوس باكا التي تألق بيكفورد في إنقاذها الثلاثاء 3 يوليو/تموز، واحدةً من أفضل اللحظات في هذه البطولة بالنسبة للإنكليز، وتقترب منها في الجودة قفزته إلى أقصى أسفل يمينه لصد الكرة الملعوبة من السويدي فيكتور كلايسون الأحد 8 يوليو/تموز.
يتحلى بيكفورد بكل سمات حارس المرمى الدولي بالمفهوم الحديث؛ فلديه ردود فعل رشيقة، وهو مندفع في بناء اللعب بعد الإمساك بالكرة، ودقيق في تمريراته الطويلة لزملائه البعيدين، وسلس في تمريراته القصيرة للاعبي الدفاع. يبدو بيكفورد طبيعياً ومثالياً في حراسة المرمى، وهذه أفضل حالاته على الإطلاق!
من ناحية، يعتبر هذا صعوداً ملحوظاً في مدةٍ زمنية قصيرة. فبيكفورد ذو الـ 24 عاماً ما زال صغيراً بالنسبة لدور حارس المرمى.
لكنَّ بالنسبة لبيكفورد نفسه، فالفرق بين النهاية الجادة لكأس العالم وسنوات تعلمه في الدوري الأول والثاني وحتى في الدوري المحلي ليس كبيراً كما تظن.
بيكفورد قال عقب الفوز على السويد ضمن منافسات الدور ربع النهائي السبت 7 يوليو/تموز، "لعبتُ الكثير من المباريات في الدوريات الأدنى، ولا أشعر أنَّ الدوري الممتاز أو اللعب في هذا الفريق (إنكلترا) يختلف كثيراً. بطريقةٍ ما تكمن الصعوبة في اللعب في دوري الدرجة الثانية والدوري المحلي".
مازال بيكفورد يتذكر الرحلات الشاقة البعيدة في أثناء لعبه في سنين الإعارة، كان يلعب في الفرق التي يرسله إليها نادي سندرلاند من أجل تطوير مستواه، لأنَّه كان يجد اللعب في فريق الشباب سهلاً جداً، واحتاج لتعلم المزيد عن الجانب الآخر من اللعبة. وبدون هذه السنوات التي قضاها في نادي دارلينغتون ونادي الفريتون، لم يكن سيصبح في موقعه الآن يستعد للعب مباراة تحديد صاحب المركز الثالث على العالم.
ورد بيكفورد على السؤال حول ما إن كان هناك فرقٌ كبير بين اللعب في الدوريات الأدنى وكأس العالم قائلاً، "لا، ليس تماماً. يمكنك أن تقول ذلك عندما يعمل الشخص كهربائياً أو أشياءً كهذه. الأمر كله يتعلق بالتعلم، وهذا ما فعلته في هذه الدوريات. ثم عندما تصعد إلى المسرح الكبير، عليك أن تؤدي، وهذه كرة القدم، وأنا استمتع بها وحسب".
لم يكن الأمر دائماً بهذه المتعة، "فأماكن مثل ريكسهام ومباريات العودة في ساوثبورت، عندما لم يكن بها الكثير من الناس. وأنت فتًى صغير وتتعرض للمضايقات. هذا هو ما يعلمك، وهذا ما تضحك عليه الآن. وعندما تتلقى الكثير من الانتقادات، حينها فقط تتحسن. عندما يكون هناك 500 مشجع فقط في الملعب، يمكنك سماع كل شيءٍ يقولونه، كل كلمة صغيرة تقال. هذا هو ما يحولك من طفلٍ إلى رجل".
وبحسب الصحيفة البريطانية، فإن فكرة مغادرة بيكفورد لفريق سندرلاند على سبيل الإعارة جاءت عندما لاحظ مارك برودو مدرب حراسة المرمى لفريق الشباب وكيفين بال أنَّ بيكفورد يُصاب "بالملل" مع فريق الشباب، وأنَّه "تجاوز" مرحلة اللعب مع المراهقين من سنِّه. لذا ذهب "ليدبر له صفقةً ما"، ليلعب مع رجال كبار، كثيرٌ منهم شبه محترفين، حتى يحظى بالمعايير والمخاطر اللازمة ليتطور.
وقال بيكفورد، "كنتُ صغيراً فقط، لذا كنتُ أتعلم ما يتعلق بإدارة المباراة وأشياءَ كهذه. كانت هذه هي المهمة الصعبة. هذا ما يجعل المباراة أسهل لأنَّك تفهمها أكثر".
الآن، بكل الخبرة التي معه، يتحدث الناس عن بيكفورد باعتباره من أفضل الحراس في كأس العالم، رأساً برأس مع حارس مرمى فرنسا وتوتنهام الإنكليزي هوغو لوريس وحامي عرين بلجيكا وتشيلسي الإنكليزي تيبو كورتوا. ويتحدث هو عن تلك المقارنات بالصراحة والثقة اللذان يظهران في حديثه دائماً.
يقول بيكفورد، "يظن الكثير من الناس أنَّني ما زلتُ صغيراً، لكن هذا موسمي الثاني في الدوري الإنكليزي الممتاز، وأنا لا أشعر أنَّني بعيدٌ عنهم لهذا الحد. أنا مجرد شاب عادي. وهذه فقط كرة قدم".