"كان عاماً رائعاً.. توجنا فيه بكأس العالم للمرة الأولى في تاريخنا، وشهد ميلاد كيليان مبابي".
ديديه ديشان – مدرب المنتخب الفرنسي لكرة القدم في تعليقه عن العام 1998.
يبدو أن ديشان كان محقاً عندما قال هذه الكلمات عن "قطار الإكسبريس" الجديد.. كيليان مبابي.
فبعمر الـ 19 فقط يقود مبابي فرنسا للعبور على حساب الأرجنتين في دور الثاني من كأس العالم 2018 بتسجيل لهدفين. في عمر الـ 19 فقط يراوغ 4 لاعبين، ثم يحصل على ركلة جزاء في مباراة دور الـ 16.
في عمر الـ 19 فقط يظهر مبابي بثوب البطل، مرتفعاً فوق كل النجوم على أرضية الميدان، ويسجل هدفين يقتلان الحلم الأرجنتينيّ، ويحول ليونيل ميسي ورفاقه إلى ركام تذروه الرياح.
في عمر الـ 19 فقط، ينقذ مبابي المدرب ديدييه ديشان من المقصلة، ويحمل أحلام الفرنسيين على أكتافه، عابراً بهم ببراعة ورشاقة يحسد عليها.
ليحصل بعدها على أعلى تقييم من بين جميع اللاعبين من قبل موقع Who Scored المتخصص.
مرة أخرى، ترمي فرنسا حملها على أكتاف الشاب الصغير، حينما واجهت أوروغواي في الدور ربع النهائي.
لم يقدر المنتخب الفرنسي على اختراق الدفاعات السماوية، حتى تدخل "سوبرمان" الصغير، وبدأ في مراوغة كل من يقابله، منطلقاً كالسهم في المساحات، خالقاً الكثير من المشاكل لقلبي الدفاع دييغو غودين وخوسيه ماريا خيمينيز.
لم يسجل مبابي هذه المرة، لكن كل من شاهدوا المباراة يدركون أنه لولا وجوده على أرضية الميدان، لواجه "الديوك" صعوبة جمّة للمرور إلى الدور نصف النهائي. هذا تبلور بحصوله على أعلى تقييم من كافة مواقع التحليل الرياضيّ المتخصصة.
شاذلي كان يعرف.. ولكن!
"بعيداً عمَّا يفعله ميسي، لم أشاهد لاعباً في حياتي يفعل ما يفعله مبابي في سنه الصغيرة هذه. لم نفكر حتى الآن في كيفية إيقافه، ولكننا ندرك جيداً خطورته".
– ناصر شاذلي، لاعب منتخب بلجيكا في حديثه عن كيليان مبابي قبل مباراة نصف النهائي بين بلجيكا وفرنسا.
حتى إدراك خطورته لم يكن كافياً ليمنع خطورة الفرنسيّ الصغير الذي قام بـ 7 مراوغات ناجحة، أكثر من أي لاعب آخر على أرضية الميدان، ومنح 6 تمريرات حاسمة، واستخلص الكرة 3 مرات خلال مواجهته أمام الدفاع البلجيكيّ.
لم يسجل مبابي في هذه المباراة أيضاً، لكن كيف جاء الهدف الفرنسيّ الوحيد في المباراة؟
من ضربة ركنية، جاءت على إثر تمريرة "خيالية" من الغزال الصغير إلى المهاجم أوليفييه جيرو، الذي أهدرها بغرابة شديدة.
مرة أخرى، سينصفه المحللون والمتخصصون بإعطائه التقييم الأعلى في المباراة، متفوقاً على النجم إيدين هازارد بفارق ضئيل.
من اليوم ولاحقاً، لا يجب أن نقول مبابي، ولكن قُل "قطار الإكسبريس الجديد"، برشاقة تيري هنري يركض مبابي كالغزال على أرضية الميدان، وبحسم تريزيغيه يسجل الأهداف بلا هوادة، أضف إلى ذلك مهارة بالغة في المراوغة والانطلاق والقوة في الالتحامات.
مبابي هو أفضل موهبة ظهرت منذ ظهور كريستيانو رونالدو وميسي على الساحة الكروية، لا أدري كيف للاعب في سن الـ 19 أن يكون هكذا!
كيف سيصبح عندما يبلغ الـ 25 من عمره؟
قلنا في موضوع سابق إنه إذا قُدر لفرنسا الفوز بالمونديال فسيكون بفضل مبابي، وحينها سيكون على المدرب ديدييه ديشان أن يتشارك معه راتبه والجائزة المالية، وربما يعطيه الميدالية الذهبية أيضاً.
ومباراة بعد مباراة، يُثبت مبابي أن الرهان عليه كان هو القرار السليم والصحيح. فصاحب الأصول الكاميرونية يبرهن خلال البطولة أن أموال السيد ناصر الخليفي الذي دفعها لجلبه من موناكو إلى باريس سان جيرمان كانت في محلها، وأن الاستثمار الحقيقي الذي قام به النادي هو شراؤه لمبابي وليس لنيمار.
على كل، فليحبس العالم أنفاسه خلال السنوات القادمة، منتظراً الفرنسي المهاجر، كيليان مبابي.
على الهامش..
أتذكر أنني قد قرأت مقالاً لصحافي رياضيّ بصحيفة The Gurdian البريطانية، يقول فيه إن باريس سان جيرمان يقوم باستعراضات على أرضية الميدان أغلب الوقت أثناء مبارياته بالدوري الفرنسي، عندما يهزم خصومه بنتائج 7-0 و8-0.
أعتقد أن مبابي عليه أن يضبط نفسه أكثر من ذلك، وأن يتوقف عن الحركات الاستعراضية والاستفزازية عندما يتقدم "الديوك" في النتيجة، حتى لا يكون لدينا نسخة معدلة من نيمار؛ تهتم بالاستعراضات واحتلال واجهة المجلات بدلاً من احتلال منصات التتويج.