كافاني وسواريز.. ثنائي أوروغواي الذهبي تربطهما صداقة عمرها 31 عاماً!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/07 الساعة 19:44 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/08 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
Soccer Football - World Cup - Group A - Uruguay vs Saudi Arabia - Rostov Arena, Rostov-on-Don, Russia - June 20, 2018 Uruguay's Luis Suarez and Edinson Cavani before the match REUTERS/Marko Djurica

رغم خروج منتخب أوروغواي من الدور ربع النهائي على يد فرنسا، فقد شكَّل لويس سواريز وإدينسون كافاني أفضل ثنائي في كأس العالم 2018.

الرابطة العاطفية بين اللاعبين بدت أقدم وأقوى من مجرد شراكة على أرضية الميدان، فكلاهما وُلد في مدينة سالتو الأوروغوانية ولا يفصل بين تاريخ ولادة اللاعبين سوى 3 أسابيع فقط. وخلال 4 مباريات لعبوها معاً، حلما بإعادة اللقب الغائب عن العاصمة مونتيفيديو منذ العام 1950، إلّا أن القطار توقف بيد الفرنسيين.

كل شيء حدث في 6 ثوان فقط، كافاني يرسل كرة تقطع مسافة 60 ياردة، من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار، كان لويس سواريز في انتظارها ليتلقَّفها على صدره، ثم يلمسها 3 مرات لترويضها وتعديل وضعية جسده، ثم يرسلها قذيفة في شكل كرة عرضية على رأس كافاني، الذي امتلك ما يكفي من الشجاعة لتحويلها إلى الشِّباك.

ثم يظهر كافاني بالصورة مجدداً، حينما نظر إلى شريكه في الهجوم وكأنه يشكره على تمريرته التي كانت في غاية الدقة والسرعة، وقد التحق به كافاني للمشاركة في الاحتفال.

شهدت هذه البطولة تسجيل العديد من الأهداف الجميلة، مثل الصاروخ أرض/جو الذي أطلقه الظهير الأيمن لمنتخب إسبانيا ناتشو فرنانديز في الشباك البرتغالية، والاستقبال الخرافي للكرة واللمسة الأخيرة الرائعة من ليونيل ميسي، في مباراة الأرجنتين ضد نيجيريا.

لكن تظل اللعبة الثنائية بين كافاني وسواريز في مرمى البرتغاليّ روي باتريسيو مؤهلة لتكون أحد أجمل الأهداف؛ لما فيها من تناغم وانسجام بينهما.

في دور المجموعات وفي الدور الثاني، شاهدنا سواريز وكافاني يؤديان سيمفونية متكاملة، أظهر خلالها اللاعبان العالميان أفضل مستوى لهما هذا الموسم. وإن كان عشاق كرة القدم قبل ذلك مهووسين بالحديث عن ليونيل ميسي، وكريستيانو رونالدو ونيمار جونيور، بالإضافة إلى الـ "قطار الإكسبريس" في هجوم المنتخب الفرنسي كيليان مبابي، فإن الوقت حان للتركيز على مهاجمي منتخب أوروغواي حتى وهُم خارج البطولة.

تمتلك أوروغواي فريقاً يبدو ممتلكاً عوامل الفوز باللقب الأغلى في كرة القدم العالمية، بفضل الشراكة النارية في الخط الأمامي بين كافاني وسواريز. فالثنائية التي سجلها كافاني ليُرسل رونالدو وزملائه إلى أرض الوطن منذ دور الـ 16، جعلت حصيلة أهداف هذا الثنائي في المشاركات الوطنية ترتفع إلى 98 هدفاً، حيث سجل سواريز إلى حد الآن 58 هدفاً، وكافاني 45 هدفاً، من بينها 12 هدفاً من صناعة سواريز.

لكن غياب هذه الثنائية عن مواجهة فرنسا جعلتنا نرى سواريز وحيداً في الكثير من اللقطات، وعيناه تائهتان تحاولان إيجاد كافاني في مكان ما على أرضية الملعب.

قد تكون أرقام الثنائي وحدها مثيرة للإعجاب، ولكن هناك أمر أكثر إدهاشاً في تاريخ هذا الثنائي. فقد تبين أن كافاني وسواريز، صانعي التاريخ والفرحة في أوروغواي، ينحدران من المدينة نفسها، وهي مدينة سالتو، وقد وُلدا في تاريخين متقاربين تفصل بينهما 3 أسابيع فقط، في بداية سنة 1987.

وربما كان مقدراً لهما أن يلعبا معاً في يوم من الأيام. وقبل أن يكبرا ويحققا النجاح، كان والداهما، رودولفو سواريز ولويس كافاني، يلعبان الكرة أحدهما ضد الآخر بالدوري المحلي في سالتو، ثاني أكبر مدينة بأوروغواي بعد العاصمة مونتيفيديو.

وفي الطريق نحو المجد والشهرة، سلك اللاعبان طريقين مختلفين، فقد توجه سواريز نحو هولندا خلال سنوات المراهقة، حيث لعب مع غرونينغين قبل أن ينتقل إلى آياكس أمستردام ثم ليفربول، ثم إلى فريقه الحالي برشلونة. أما كافاني، فقد التحق بفريق باليرمو الإيطالي، ثم انتقل بعد ذلك إلى نابولي، ويلعب الآن مع باريس سان جيرمان.

من المؤكد أن اللاعبين يمتلكان روحين مترابطتين، تجمع بينهما الرغبة والإرادة في تقديم أفضل ما لديهما من أجل إسعاد الشعب اللاتينيّ. ويمثل كل من سواريز وكافاني، اللذين يعملان بشكل متناسق وكأنهما جزآن من آلة واحدة، رمزاً للفخر والفرح لدى الشعب الأوروغوياني الذي يعشق بلاده تماماً كما يعشق كرة القدم، بعد أن حقق اللاعبان اللقب في كوبا أميركا سنة 2011 ووصلا إلى الدور نصف النهائي من كأس العالم لسنة 2010.

يعتبر كل المحللين أن نجاح منتخب الأوروغواي خلال السنوات الأخيرة، سببه المباشر هو الحصيلة التهديفية العالية للثنائي كافاني وسواريز.

والجدير بالذكر أن الأوروغواي فازت بكأس العالم بمناسبتين، في دورتي 1930 و1950، وتاريخها حافل بالإنجازات ويزخر بالنجوم، إلا أن الثنائي الهجومي الحالي يشكل استثناء، باعتبار أن كافاني وسواريز هما الثنائي الوحيد الذي سجل في 3 دورات كأس عالم مختلفة. 

ولكن عدم مشاركة كافاني ضد فرنسا، في المباراة التي أقيمت على أرضية ملعب "نيجني نوفغورود"؛ بسبب معاناته من إصابة في العضلة الخلفية للساق، تعرَّض لها في أثناء تحقيقه الانتصار ضد البرتغال- قللت من حظوظ المنتخب السماويّ أمام نظيره الفرنسي، الذي استطاع الفوز بالفعل 2-0 ليضمن مقعده في الدور نصف النهائيّ.

هذه الرابطة عبَّر عنها مدافع فريق باريس سان جيرمان، عندما قال في أحد التصريحات الصحفية: "إن القاسم المشترك بيننا هو المنتخب ورغبتنا في تمثيل بلادنا ومدينتنا بأفضل صورة ممكنة. أنا ولويس (سواريز) صديقان، ومنتخب السيلستي يمثل عائلة حقيقية بالنسبة لنا".

وتفاعلاً مع السؤال عمن هو الأفضل بينهما، قال كافاني: "هل تعتقدون أنني أفضل منه؟ إننا مختلفان، لويس يلعب باندفاع بدني كبير، وهذا أمر مثير للإعجاب، فهو يستخدم جسده للتغطية على الكرة بشكل مذهل، كما أنه يمتلك قدرة كبيرة على المراوغة، أما أنا فلا أعتمد كثيراً على القوة البدنية".

ولكن هذه التصريحات المتواضعة لا يمكن أن تنفي ما يتمتع به كافاني من مهارة لا تقل شأناً عن سواريز.

خرج منتخب أوروغواي من نهائيات كأس العالم ولكن من الباب الكبير، بعدما نال احترام الجميع، وارتبط الأطفال في العالم بثنائية كافاني وسواريز في كأس العالم، التي يمكن أن تكون الأخيرة لكل منهما.

تحميل المزيد