بلجيكا والبرازيل: فصلٌ من فصول كرة القدم الجميلة.. وهذه الأسباب!

عربي بوست
تم النشر: 2018/07/06 الساعة 22:25 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/07/06 الساعة 22:25 بتوقيت غرينتش
Soccer Football - World Cup - Quarter Final - Brazil vs Belgium - Kazan Arena, Kazan, Russia - July 6, 2018 Brazil's Neymar is consoled by Belgium's Vincent Kompany at the end of the match REUTERS/Toru Hanai

مباراة كرة قدم من "الزمن الجميل"، مباراة إعادة تعريف كرة القدم. هذه المباراة تلخص معاناة أولئك الذين لا يشاهدون كرة القدم ولا يعرفون لذّتها ورونقها.

كرة القدم تلك التي تجعل الأدرينالين يتدفق في العروق ثم تشعر وكأنك من يركض في الملعب، الفرحة والحزن في النهاية لن يغيرا من حقيقة التجربة المثيرة في شيء؛ الحقيقة التي تقول إننا شاهدنا مباراة يمكنها أن تلخص معظم جوانب كرة القدم من حيث الجمال والسرعة والقوة والتكتيك والإثارة والحماسة.

هذه المباراة هي نسخة معدلة من مباراة نصف نهائي كأس العالم 1998 بين هولندا والبرازيل. مباراة الليلة التي جمعت بلجيكا والبرازيل في مباراة تليق بنهائي لكأس العالم وليس مجرد مباراة في الدور ربع النهائي. 

أصل المتعة.. المشاكل

لكن كل هذا الجمال والمتعة ما كان ليصدر إلّا من بعض المشاكل الفنية لدى المدربين. ونبدأ بالمنتخب البرازيلي، الذي استيقظ في منتصف الشوط الأول ليجد نفسه في ورطة حقيقية، بعد هدف كيفن دي بروين الصاروخي، ليصبح متأخراً 0-2.

المشكلة البرازيلية لم تظهر في هذه المباراة فقط؛ بل هي معضلة ملازمة للمنتخب البرازيلي طوال البطولة بشكل واضح ومستمر.

المنتخب البرازيلي دائماً ما يبدأ الشوط الأول بشكل سيء أو بمستوى متوسط، ثم يتدارك تيتي، مدرب البرازيل، الأوضاع ويبدأ في التغييرات الفنية والتكتيكية بالشوط الثاني والتي آتت أكلها في المباراة أمام المكسيك في الدور الثاني، ومن قبلُ أمام المنتخب الكوستاريكي في دور المجموعات، وفي كلتيهما فازت البرازيل 2-0 بأهداف محرزة في الشوط الثاني.

هذه المرة كان المنافس هو المنتخب البلجيكي، الذي استطاع استغلال تفوُّقه وتسجيل هدفين، وليس بالمنتخب السهل الذي يمكنه أن يفقد التوازن أو أن ينهار أمام المد البرازيليّ.

لكن الحقيقة هي أن المدرب البرازيلي استطاع إيقاف كل الهجمات البلجيكية المرتدة ببراعة شديدة مع تطبيق ضغط عالٍ على خط الوسط البلجيكي؛ لاسترداد الكرة في أسرع وقت ممكن.

كما استطاع خلق مساحات في عمق الدفاعات البلجيكية، حتى وصل اللاعبون إلى النقطة التي لا يقدر تيتي على التدخل فيها، وهي وجودهم أمام المرمى ومواجهتهم مع الحارس المتألق تيبو كورتوا، حينها انبرى راقصو السامبا في تضييع الفرص واحدة تلو الأخرى وكأنهم غير مصدقين حصولهم على هذه الفرص، ليضيّعوا الحلم البرازيلي بأيديهم.

في الشوط الأول، أكل روبيرتو مارتينيز، مدرب منتخب بلجيكا، الأخضر واليابس وسيطر على الميدان بالطول والعرض؛ اكتساح بلجيكي في جوانب المباراة كافة؛ ثنائيات هوائية وصراعات أرضية وتمريرات صحيحة ودقيقة، وتصويبات على المرمى. لكن الجميل أن المنتخب البلجيكي يقوم بكل هذا من غير امتلاكه نسبة استحواذ كبير على الكرة. معادلة صعبة للغاية، لكن وجود دي بروين وناصر الشاذلي جعلها تبدو سلسة وسهلة للغاية. عن طريق تمركزهما الصحيح دائماً على أرضية الميدان ونقلهما الكرة بسرعة في الحالة الهجومية مع ارتداد خياليّ في الحالة الدفاعية، لدرجة أن ناصر الشاذلي لم يستطع إكمال المباراة؛ لما بذله من جهد خياليّ طيلة فترة وجوده على أرضية الميدان. 

كما لا يمكن نكران دور المهاجم روميلو لوكاكو في هذه المباراة، الرجل كان مركز انطلاق الهجمات البلجيكية المضادة تماماً، كما دور الفنان إيدين هازارد، الذي قدم مباراة قوية للغاية ليذكرنا بقيمته التي لا تضاهى في السوق العالمية.

نيمار ملك بلا عرش

هذه هي آفة نيمار الكبرى، البرازيلي أصبح ملكاً متوَّجاً قبل أن يقدِّم ما يعادل موهبته، قبل أن يقدِّم للعالم ما ينتظره منه أو نصف ما ينتظره من موهبة بحجم البرازيلي.

العالم لا ينتظر من نيمار مراوغة جميلة أو لقطات استعراضية، هذا يمكن رؤيته في الكثير من المقاطع الموجودة على اليوتيوب. العالم وعشاق السامبا كانوا ينتظرون أن يقود نيمار منتخب بلاده إلى التتويج باللقب العالمي للمرة الـ6، أن يحاول لا أن يكتفي بالـ"غطس" في منطقة الجزاء بشكل مثير للغثيان.

في أحد اللقاءات التلفزيونية لبطل العالم فرناندو توريس رفقة المنتخب الإسباني، سأله المذيع: "ما هو أخطر شيء على لاعب كرة القدم: المال أم الشهرة؟".

ردَّ توريس: "بل الإطراء المبالغ به، هذا يقتل اللاعب. يجعله يعانق السماء بينما هو يمشي على الأرض".

هذا ما حدث مع نيمار بالضبط، يعامله الجميع  باعتباره ملكاً متوَّجاً على عرش الكرة بينما هو لم يخض المعارك بعد!

الجميع هنا تعود على الصحافة، قطاع كبير من الجماهير والمدرب؛ بل وحتى زملاؤه في المنتخب. لن تنسى الذاكرة الجماهيرية ما حيت تلك اللقطة غير المبررة عندما حمل متوسط الميدان باولينيو "الملك" نيمار على كتفيه كأنه أحرز كأس العالم بالفعل، رغم أن ما قد أحرزه كان مجرد هدف في مباراة الدور الـ16.

انتهت رحلة نيمار والبرازيل في محطة بروكسل، ليفسح المجال أمام الحلم البلجيكي للانطلاق.

تحميل المزيد