إن كنت قد تابعت مباريات كأس العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، فمن المحتمل أن تكون قد لاحظت مبالغة المهاجم البرازيلي نيمار دا سيلفا في الدحرجة على أرض الملعب بشكل متكرر بينما يصرخ من شدة الألم، ثم يقف على قدميه بعدها بثوان معدودة سليماً معافى!
في أغلب الأحوال، عندما يكون كلا الفريقين بحاجة ماسة إلى النقاط الثلاث تكون النتيجة متعادلة، تتركز جهود اللاعبين على إسكان الكرة بالشباك. ولكن بمجرد تسجيل الهدف، تبدأ الحيل بالظهور، إذ يبدأ الفريق الذي سجل الهدف بالمماطلة قدر الإمكان، والسقوط على الأرض بكافة الأشكال الأكروباتية والبهلوانية التي تشعرك أثناء سقوطهم وأنه قد تم قنصهم من قبل أحد رجال المافيا من المدرجات، كل هذا من أجل تضييع الوقت. كل هذا من أجل تضييع بعض الدقائق على الفريق الخصم.
موقع FiveThirtyEight لفت إلى مشكلة الافتقار للدقة في احتساب الوقت المستقطع. فبصرف النظر عن المدة التي يستغرقها الشوط فعلياً، فإن الحكم سيمنح الكثير من الوقت الإضافي. ومن ثم، سيميل اللاعبون بوضوح إلى المماطلة في اللعب طالما أن الوقت يمر بلا انقطاع. لكن هذه الاستراتيجية تنجح، ويمكن أن تصنع الفارق بين الفوز والخسارة.
عندما تم جمع البيانات والإحصائيات الناتجة عن مراجعة جميع الأوقات التي توقف خلالها اللعب أثناء مباريات كأس العالم، استطعنا ملاحظة بعض الظواهر.
على سبيل المثال، يستغرق الفريق المتقدم وقتاً أطول في أداء أبسط المهام مقارنة بالفريق الخاسر، مثل أن يقوم الحارس بتسديد ضربة مرمى، فقد يستمر في توجيه الإشارات لأفراد فريقه ويحثهم على الاستمرار، حتى لو كانوا في مكان بعيد من الملعب. أما اللاعب الذي يترك المباراة فإنه يسير نحو خط التماس أبطأ من عجوز في الثمانين يسير إلى صندوق البريد. أو قد يُستبدل قائد الفريق الذي لا يعود باستطاعته معرفة كيفية وضع شارة القيادة على ذراع القائد الجديد. كل هذه الأمور معتادة، ولكن ما هو مقدار الوقت الذي تستغرقه هذه الأساليب؟
قام موقع FiveThirtyEight بتحديد 5 أنشطة أساسية يتحكم عن طريقها اللاعبون بجريان المباراة: رميات التماس، ضربات المرمى، الضربات الركنية، الضربات الحرة، والتبديلات. وجد فروقاً واضحة في السرعة بعد تحليل البيانات البالغ عددها 4529 في هذه الفئات من مباريات دور المجموعات الـ 48: الفرق المتقدمة في المباريات تستغرق وقتاً أطول بنسبة 34% لإتمام هذه الأنشطة مقارنة بالفرق المنافسة.
كيف تستنزف المنتخبات الوقت؟
الوقت الذي تستغرقه أنشطة كرة القدم الاعتيادية في كأس العالم يتوقف على نتيجة المباراة وما إذا كانت الفرق متقدمة أو متعادلة أو متأخرة.
حيث تستغرق الفرق المتعادلة وقتاً أقل في إتمام هذه الأنشطة الروتينية مقارنة بالفرق المتقدمة، ولكنه وقت أطول مقارنة بالفرق المتأخرة.
في العديد من مباريات المجموعات، يكون الدافع لدى الفرق في المباراة هو إنهاء المباراة بالتعادل للاحتفاظ بنقطة واحدة، ومن ثم فإن هذه الفرق تستفيد من المماطلة وادعاءات السقوط. تلقي هذه العينة أيضاً الضوء على المباراة ككل، إذ تتزايد ممارسات إضاعة الوقت هذه مع اقتراب الدقيقة التسعين التي تمثل نهاية المباراة. عندما نظرنا إلى الأنشطة التي تتم بعد الدقيقة الستين فقط، زاد هذا الفارق بنسبة 43% بالنسبة للفرق الفائزة مقارنة بالفرق الخاسرة.
للنظر على وجه التحديد إلى الفرق الأكثر مهارة في استنزاف الوقت للحفاظ على تفوقها، احتجنا أولاً أن نستبعد الفرق التي احتفظت لوقت قليل بموقع الصدارة في دور المجموعات أو لم تحظ بالصدارة. على سبيل المثال، احتفظ الفريق الألماني الذي يريد الدفاع عن لقبه بموقع الصدارة لدقيقتين فقط من الـ 295 دقيقة التي لعبها، وانقضت إحدى هاتين الدقيقتين في الاحتفال بهدف توني كروس الذي وضعه مباشرة في مرمى السويد. من ضمن الفرق الـ 32 التي تبارت في المنافسات، حظي 16 فريقاً على الأقل بـ 25 رمية تماس وضربة مرمى وضربة ركنية وضربة حرة واستبدال أثناء الوقت الذي تصدروا فيه المباراة. تحظى الضربات الحرة عموماً بالنصيب الأوفر لأنها متكررة الحدوث وقد تتضمن أيضاً وقتاً منقضياً في الإعداد لها.
أبطال إضاعة الوقت
ترتيب الفرق المتبارية في كأس العالم حسب الوقت الذي تستغرقه في إتمام أعمال روتينية بكرة القدم أثناء تقدمها في المباراة، مقارنة بمتوسط الوقت المنقضي في هذه الأعمال بالنسبة لجميع الفرق، بصرف النظر عن النقاط.
LENGTH OF TIME (SECONDS) ABOVE/BELOW AVERAGE |
||||||
COUNTRY |
CORNERS |
FREE KICKS |
GOAL KICKS |
SUBS |
THROW-INS |
TOTAL AVG. TIME ABOVE/BELOW ALL TEAM AVG. |
Peru |
+2.2 |
+7.9 |
+8.6 |
+15.0 |
-1.9 |
+6.1 |
Serbia |
+11.2 |
+5.4 |
+8.8 |
+20.0 |
+2.0 |
+5.7 |
Sweden |
+13.7 |
+2.9 |
+0.7 |
+25.0 |
+3.7 |
+5.7 |
France |
+5.1 |
+8.6 |
-0.1 |
+10.3 |
+4.2 |
+5.6 |
England |
-1.3 |
+9.3 |
-0.3 |
+11.5 |
+2.3 |
+4.0 |
Senegal |
+16.4 |
+0.1 |
+1.1 |
-5.3 |
+8.2 |
+3.7 |
Mexico |
-0.3 |
+2.9 |
+3.0 |
+12.0 |
+0.9 |
+2.8 |
Portugal |
+7.7 |
+3.1 |
-0.1 |
+4.7 |
+1.8 |
+2.3 |
Uruguay |
+4.9 |
+3.9 |
+2.3 |
-4.2 |
+0.7 |
+1.9 |
Spain |
-1.3 |
-0.2 |
-2.2 |
+5.4 |
+5.0 |
+1.7 |
Russia |
+8.8 |
+4.8 |
+0.7 |
-14.8 |
+1.1 |
+1.2 |
Croatia |
+6.5 |
-3.1 |
+4.7 |
-8.9 |
+3.3 |
+0.5 |
Belgium |
+4.2 |
-0.8 |
-2.8 |
+9.0 |
+2.0 |
+0.1 |
Japan |
+13.7 |
-0.4 |
-6.9 |
-18.0 |
-0.6 |
-1.4 |
Brazil |
-6.7 |
-0.9 |
-3.6 |
-3.3 |
+1.4 |
-2.0 |
Poland |
-6.8 |
-7.3 |
-7.4 |
-17.8 |
+0.0 |
-5.6 |
كان ترتيب الدول حسب الوقت كالتالي: تصدرت بيرو بـ 6,1 دقيقة، وتلتها صربيا والسويد ثم فرنسا، إنكلترا، السنغال، المكسيك، البرتغال، أورغواي، إسبانيا، روسيا، كرواتيا، بلجيكا، اليابان، البرازيل، بولندا، وكان عنصر الوقت بالنسبة للدول الثلاثة الأخيرة سلبياً أي كان لمصلحة الفريق المنافس، حيث برع الفريق المنافس لبولندا في إضاعة 5,6 دقيقة، وهذه الأرقام تخص الفرق التي قامت بـ 25 عملاً روتينياً على الأقل أثناء احتلالها لصدارة المباريات في دور المجموعات فقط.
من بين الفرق الثمانية التي ما زالت تناضل للفوز بكأس العالم، كانت فرنسا والسويد هما الأكثر فعالية في استهلاك الوقت، بمتوسط 6 ثوانٍ إضافية تقريباً لكل نشاط مقارنة بمتوسط استهلاك الوقت لجميع الفرق سواء كانت خاسرة أو رابحة أو متعادلة. وقد ماطل كلا الفريقين بأشكال مختلفة: كان فريق السويد بطيئاً في قيامه بالاستبدالات وتنفيذ الضربات الركنية، بينما كان فريق فرنسا بطيئاً بشكل خاص في ضرباته الحرة ورميات التماس. من المثير للاهتمام أنه بالرغم من الاهتمام السلبي الذي حظي به نيمار ومنتخبه البرازيل بسبب إضاعته للوقت بالسقوط والتمثيل، كانت البرازيل واحدة من بين ثلاثة فرق في عينتنا التي أتمت أعمالها الروتينية الخمسة بنفس المتوسط المعروف لها أثناء احتلالها لصدارة المباراة. ولم يحتل فريق بولندا صدارة المباريات -وهو الفريق الأسرع في أداء المهام أثناء احتلاله للصدارة- إلا بعد استبعاده بالفعل من التأهل إلى دور الـ 16.
وبالنظر إلى دور المجموعات ككل، وعبر كل السيناريوهات، هناك لحظات متعددة من المماطلة الأسطورية تستحق الذكر. عندما أرادت إيران الخروج بالتعادل السلبي ضد إسبانيا، استغرق المدافع إحسان حاج صفي 48 ثانية في الدقيقة الخامسة والثلاثين لمجرد رمي الكرة لاستئناف اللعب. وعندما كانت تونس تتصدر نتيجة مباراتها مع بنما بهدفين لهدف قبل نهاية مباراتها النهائية بالمجموعة بوقت قصير، انتظر حارس المرمى التونسي كما لو كان سيسدد ركلة مرمى قبل أن يتم استبدال الهداف وهبي الخزري ويخرج أخيراً من الملعب، الأمر الذي استنزف 103 ثوان من وقت المباراة.
حققت إنكلترا التي ستواجه السويد في دور ربع النهائي، قدراً ملحوظاً أيضاً من الوقت المستنزف أثناء مباراتيها في دور المجموعات اللتين كانت تتصدر فيهما في النتيجة. استغرق آشلي يونغ وقتاً طويلاً بشكل ملحوظ في ركلة حرة استغرقت 95 ثانية عندما كان الفريق متفوقاً على منافسه منتخب تونس، كما احتاج كيران تريبير إلى 70 ثانية لإعداد ضربة ركنية ضد بنما في مباراة إنكلترا الثانية. وقد أدت هذه الضربة الركنية إلى هدف جون ستونز، مما منح إنكلترا الصدارة، ومن ثم فقد استغلوا هذا الوقت جيداً.
نتج كل هذا الوقت الضائع على الرغم من الراحة النسبية التي اتسم بها دور المجموعات. فما بالك لو وجد أي من هذه الفرق نفسه متقدماً في النتيجة في مباراته في دور الثمانية يوم الجمعة أو السبت، توقعوا إذن مشاهدة أرفع درجات فن استنزاف الوقت.
ويجب أن يتم وضع حد لما يحدث، بأن يتم توجيه الحكام لمعاقبة اللاعبين المماطلين ومدعي الإصابة كي لا يتم الاعتياد على هذه الحركات المشينة واعتبارها جزءاً من لعبة كرة القدم.