حقق المهاجم الفرنسي كيليان مبابي أبرز مساهمة له خلال أهم المراحل، عندما أصبح أول لاعب يافع يسجل هدفين في مباراة بالدور الثاني في كأس العالم، بعد أن حقق أسطورة القدم البرازيلية بيليه نفس الإنجاز في العام 1958.
بتسجيله لهدفين وبفضل أدائه المرعب، لمع نجم مبابي في الملعب خلال المباراة التي فازت فيها فرنسا على الأرجنتين 4-3 السبت 30 يونيو/حزيران ضمن ثمن نهائي كأس العالم 2018، فلمع نجمه متجاوزاً أنطوان غريزمان وبول بوغبا، بل وحتى ليونيل ميسي.
ولا يعد ذكر اسم مبابي كأحد أفضل اللاعبين أمراً جديداً بالنسبة له، لكن تعتبر الإشادة به في هذه المباراة بالذات أمراً مفهوماً، خاصة بعد أن أصبح أول لاعب يافع يسجل أهدافاً عديدة خلال البطولة، منذ أن حقق مايكل أوين مع إنكلترا ذلك في نهائيات كأس العالم 1998.
وبحسب تقرير لصحيفة Daily Mail البريطانية، فإن لا شيء يؤثر إيجاباً على مكانة لاعب كرة القدم أكثر من تقديمه أداءً رائعاً في كأس العالم، كما فعل مبابي في "كازان آرينا". وخلال الشوط الأول من المباراة، لفتت لياقة مبابي البدنية الأنظار، حيث كانت حديث أول 25 دقيقة من المباراة.
خلال الهجمات المضادة للمنتخب الفرنسي، عمد الشاب الفرنسي ابن الـ 19 عاماً إلى معاقبة مدرب المنتخب الأرجنتيني خورخي سامباولي بشكل متكرر نظير لعبه بخط دفاع متقدم بشكل مبالغ فيه، وذلك بفضل سرعته الفائقة وقدرته على مباغتة المدافعين من الخلف.
ولكن بفضل ذكائه، غيّر مبابي مركزه في الجناح مع أنطوان غريزمان، ليتقدم في العمق ويتجاوز بسرعته الفائقة كلاً من خافيير ماسكيرانو وماركوس روخو وإنزو بيريز. وقد ساهمت لياقة هذا اللاعب اليافع في تسجيل فرنسا للهدف الافتتاحي، بفضل جريه لمسافة 45 ياردة، تاركاً روخو وراءه، وملتقطاً كرة طائرة حيث اقتحم الوسط الدفاعي في تحدٍ مغامر، دون أن يتمكن مدافعو الخصم من إيقافه.
وفي وقت لاحق، فكر بول بوغبا سريعاً في أن يمنح مبابي ركلة جزاء ثانية. ثم مرة أخرى كانت لمسته رائعة لا تشوبها شائبة، حيث حاول المراوغة على نمط ليونيل ميسي ولكنه سقط خارج منطقة الجزاء.
ولم يكن من الممكن مقارنته حتى مع زملائه المهاجمين الذين يكبرونه سناً، فرغم تسجيل غريزمان للهدف الافتتاحي للمباراة من خلال ضربة جزاء، فضلاً عن تمكنه من تهديد شباك المنتخب الأرجنتيني من خلال ركلة حرة تصدت لها العارضة، فإنه لم يكن مؤثراً في المباراة نسبياً.
وكانت أهم لحظات غريزمان في المباراة، عندما ترك المدافع خلفه على الجناح وقام بتسديدة خاطئة لتستقر الكرة بين أيدي حارس مرمى منتخب الأرجنتين فرانكو أرماني. أما مبابي فكان يشكل تهديداً أكبر على المنتخب الأرجنتيني بالمقارنة مع غريزمان الذي يكبره بـ 8 سنوات.
وإن كان غريزمان قد حاول مجاراة نسق لعب المهاجم اليافع، بدا أوليفيه جيرو من جانبه عاجزاً عن الحراك وثابتاً في مكانه عندما شغل نفس الخطة جنباً إلى جنب مع مبابي.
وكان مهاجم نادي تشيلسي يشغل خطة لاعب وسط محوري، لكن معظم فرص المنتخب الفرنسي في الشوط الأول كانت متأتية من الهجمات المعاكسة، لتتناسب أكثر مع نسق مبابي وغريزمان. وعندما أتيحت الفرصة لجيرو، أضاعها هذا الأخير بسبب عدم اشتراكه مع زملائه منذ بداية الهجمة.
وعلى النقيض تماماً، كان مبابي في حالة تأهب لتسجيل الهدف الذي رجح كفة المباراة لصالح المنتخب الفرنسي، لتصبح النتيجة 3-2. ورداً على هجمة مرتدة، انقض مبابي على الكرة الضائعة، ليحول مسارها بقدمه اليسرى ويقوم بتسجيل هدف لصالح منتخبه من مسافة قريبة. وقد مثل ذلك خطوة ذكية وحاسمة أظهرت حماسه تجاه اللعبة.
أظهر مدرب المنتخب الفرنسي، ديدييه ديشان، ولائه للاعب جيرو، لكن السؤال هو كم كانت لتمثل فرنسا خطراً أكبر في حال التحق كريم بنزيمة مرة أخرى بصفوف الفريق، أو إذا أعطيت الفرصة لأنتوني مارسيال ليلعب في خط الهجوم؟ وقد ظهر جيرو في بعض الأحيان معزولاً تماماً، ومحاصراً من قبل مدافعي منتخب الأرجنتين، الذين لم يتركوا له فرصة للتواصل مع كل من غريزمان ومبابي.
وبمجرد أن اشتد نسق المباراة، قدم جيرو مساهمة كبيرة. وبصفته لاعب وسط محوري، قام بتمرير الكرة لمبابي الذي كان من الصعب إيقافه ليقوم بتسجيل هدفه الثاني في المباراة والرابع للمنتخب الفرنسي. ومع إضطراب خط دفاع منتخب الأرجنتين، وجد جيرو لنفسه فرصة جيدة، ليقوم بتسديدة استقرت بجانب الشباك في زاوية يصعب على الحارس إمساكها.
لكن بغض النظر عن ذلك، أثبت مبابي أنه مهاجم كبير بالنسبة للمنتخب الفرنسي، ويجب على فرنسا أن تعتمد عليه خلال الثلاث أو الأربع مونديالات القادمة. وما يعتبر الأكثر تشويقاً بالنسبة لمشجعي الديوك أو أي شخص آخر أن الأفضل لم يأت بعد.