قد يركض البعض إلى خطِّ التماس ويحتفل بانزلاقٍ درامي على ركبتيه، بينما يختار آخرون أكثرُ رشاقةً الشقلبةَ في الهواء بشكل أكروباتي، أو الشقلبة الخلفية بشكل يخطف الأبصار.
لكن، هناك لاعبون آخرون تدفعهم الفرحة الغامرة إلى الاحتفال بأهدافهم بطرقٍ غير تقليدية قد تلفت انتباه الحَكم، أو الجماهير، أو حتى الاتحاد الدولي لكرة القدم.
هذا ما حدث مع الثنائي السويسري غرانيت تشاكا وشيردان شاكيري اللذين غُرِّما على طريقة احتفالهما التي اختاراها للاحتفال بفوز منتخبهما على صربيا 2-1 في كأس العالم 2018.
كلا اللاعبين قدِم من عائلة ألبانية الأصل كانت موجودة في "يوغوسلافيا" سابقاً، حيث شنَّ الصرب ما يشبه بحملات التطهير العرقي لفرض النظام على ألبان كوسوفو، ما كانت لتنتهي لو تدخُّلٌ عسكري من حلف الناتو في العام 1999.
هذا الاحتفال القادم من العاصمة الألبانية تيرانا يمكن تسميته احتفال "النسر المزدوج" الذي يُثير الصرب.
أشار اللاعبان بعد التسجيل، بإشارةٍ تُمثِّل النسر الموجود على العَلم الألباني، والتي قال عنها النقاد إنها يمكن أن تشعل توتُّراتٍ بين الصرب القوميين وذوي الأصول الألبانية.
ما هي القوانين الناظمة للاحتفال بالهدف؟
رغم أن اللاعبِين أحرار في إظهار الأعلام الوطنية أو الشعارات – شاكيري نفسُه يرتدي حذاءً يحمل عَلم سويسرا على إحدى فردتيه وعَلم كوسوفو على الفردة الأخرى-، فإن هناك قاعدةً تُجرِّم "استفزاز الجمهور العام".
ينص القانون التأديبي للاتحاد الدولي لكرة القدم بوضوح على أن "أيَّ شخصٍ يستفز الجمهور العام في أثناء المباراة، يُوقَف مباراتين ويُعاقَب بغرامةٍ قدرها 5 آلاف فرانك سويسري (5056 دولاراً أميركياً) على الأقل".
وتنص الهيئة التي تسنُّ قوانين كرة القدم، "مجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم"، على أنه يجب إشهار بطاقة صفراء لأيِّ لاعبٍ "يشير أو يتصرَّف على نحوٍ مستفز أو ساخر أو مُحرِّض".
في النهاية، أُدِينَ شاكا وشاكيري بذنبٍ واحد؛ هو "التصرُّف غير الرياضي". وعليه، لم يتلقيا أيَّ عقوباتٍ بالإيقاف، ولكن وُقِّعَت عليهما غرامات تُقدَّر بـ 10 آلاف فرانك سويسري (10112 دولاراً أميركياً) لكلٍّ منهما، في حين سيدفع قائد الفريق، ستيفان ليختشتاينر، غرامةً قدرها 5 آلاف فرنك سويسري (5056 دولاراً أميركياً).
إشارات سياسية تضر أصحابها
في حين لم يُمنَع أيُّ لاعبٍ من المشاركة في كأس العالم بسبب الاستفزاز، شهدت كرة القدم على مستوى الأندية قدراً كافياً من الاحتفالات السياسية التي استدعت قراراتٍ تأديبية ونقداً لاذعاً من كبار مسؤولي الرياضة في العالم.
في العام 1997، أظهر مهاجم نادي ليفربول الإنكليزي روبي فاولر، دعمه لعمال الموانئ المُضرِبين في المدينة، بعد تسجيل هدف في مرمى بران النرويجي.
رفع قميصه ليكشف عن قميصٍ تحته كُتب عليه "500 عامل من عمال الموانئ في ليفربول بلا عمل منذ 1995". فُرض على اللاعب، الذي كان سيصبح من بين هدَّافي ليفربول التاريخيين، غرامةً قدرها 900 جنيه إسترليني (1189 دولاراً أميركياً)؛ بسبب طريقة احتفاله.
وتنص قوانين اللعبة صراحةً على أنه "لا يجب على اللاعبين إظهار ملابس داخلية عليها جُمَل أو صور سياسية".
وآخر تلك المواقف المثيرة للجدل، كان عندما عوقِبَ المهاجم الفرنسي نيكولا أنيلكا بعد احتفاله بهدفه بإشارة "كونيل" – يُقال إنها تحية نازية معكوسة – عندما كان يلعب مع وست بروميتش آلبيون الإنكليزي.
وقال أنيلكا إنه قد فعل هذا دعماً للممثل الكوميدي الفرنسي المثير للجدل ديودوني مبالا مبالا، الذي نشر هذه الإشارة واتُّهِمَ بمعاداة السامية.
أوقف اتحاد كرة القدم الإنكليزي اللاعب 5 مباريات وألزمه بدفع غرامة قدرها 80 ألف جنيه إسترليني (105.650 دولاراً أميركياً)، قبل أن يقوم الفريق الإنكليزي بالاستغناء عن خدماته.
الأحكام والقوانين المنظمة للإحتفالات
تفتح الإشارات السياسية عادةً النيران في وجه صاحبها بالنهاية. لكن بعض الاحتفالات المبدعة في كأس العالم 2018 ما زالت تنجح في إثارة الدهشة والإعجاب مع التزامها بقوانين "فيفا".
تنص الأحكام واللوائح المنظِّمة للعبة الأكثرِ شعبيةً في العالم، على أنه "يمكن للاعبين الاحتفال عند تسجيل هدف، لكن يجب ألا يكون الاحتفال مبالَغاً فيه". وتضيف: "الاحتفالات الطويلة غيرة مُحبَّذة، ويجب ألا تتسبَّب في ضياع الكثير من الوقت".
وعلى الرغم من هذه القاعدة، فإنه نادراً ما يُعاقَب اللاعبون بسبب احتفالاتهم المُطوَّلة خاصة الجميلة؛ فلقد انبهر مستخدمو الشبكات الاجتماعية الأحد 24 يونيو/حزيران 2018، بالفريق الكولومبي ورقصته الاحتفالية المعتادة في أثناء فوزه على فريق بولندا 3-0.
here for thiiiiiiiiis ???????????????????? pic.twitter.com/DWqCBoCric
— amadí ?? (@amadoit__) June 24, 2018
كما أظهر لاعب الوسط الإنكليزي جيسي لينغارد خيالاً خصباً في احتفاله المستوحى من لعبة الكمبيوتر "فورتنايت" بعد تسجيل هدف في مرمى بنما الأحد 24 يونيو/حزيران 2018.
يُظهر احتفال "رقصة إطلاق النار" تقليداً على اللعبة الشهيرة، التي يُقال إن لاعبي الفريق الإنكليزي من كبار المُعجَبين بها.
كلا الاحتفالين لم ينحرف عن قوانين "فيفا"، التي تنص على أنه يجب تحذير اللاعب من:
- التسلق على الجدار المحيط بأرض الملعب و/أو الاقتراب من الجمهور بطريقةٍ تُسبِّب مشكلاتٍ تتعلَّق بالسلامة و/أو مشكلاتٍ أمنية.
- الإيماء أو التصرُّف على نحوٍ مستفز أو ساخر أو تحريضي.
- تغطية الوجه بقناعٍ أو ما شابه.
- خلع القميص أو تغطية الرأس بالقميص.
- لذا، بافتراض أن اللاعبين المُتهلِّلين والمحترفين اجتنبوا هذه المحاذير، فهم أحرارٌ في التعبير عن فرحتهم بأيِّ طريقة يرونها مناسبة.
انتشرت نظريةٌ على الشبكات الاجتماعية بعد مباراة التعادل بين البرتغال وإسبانيا 3-3، ومباراة إنكلترا التي فازت فيها على بنما 6-1، تقول إنه يجب على لاعبٍ واحد على الأقل البقاء بأرض الملعب في حين يحتفل باقي الفريق، وإلا يمكن للفريق الخصم استئناف المباراة.
ظهرت هذه النظرية بعد انتشار مقاطع فيديو توضح بقاء جوزيه فونتي من فريق البرتغال وكيران تريبير من فريق إنكلترا بالملعب في أثناء احتفالات فريقيهما بينما كان باقي اللاعبين داخل المستطيل الأخضر.
لكنَّ هذا غير صحيح؛ لأن قواعد "فيفا" أوضحت الأمر تماماً؛ إذ ينص القانون على أنه "في كلِّ انطلاقةٍ للمباراة، على كل اللاعبين – ما عدا الذي يبدأ الانطلاقة – الوجود من منتصف ملعبهم"؛ لذا يمكن للاعبين الاطمئنان إلى أنهم يمكنهم مشاركة بقية الفريق الاحتفال بنشوةِ إحراز الأهداف، بأيِّ طريقة يختارونها.