كان منتخب السويد وطاقمه في حال صدمة، محاولين استيعاب ما جرى، عندما تمكن توني كروس من إنقاذ الـ "مانشافت" من غياهب اليأس إلى هستيريا السعادة الغامرة، بعد تنفيذه لركلة ثابتة أخرس بها ألسنة منتقدي المنتخب الألماني.
وكأن كروس لم يكتف بالهدف الذي سجله بقدمه اليمنى الحريرية لإسكات النقاد، ليقدم لاعب الوسط الألماني تصريحاً جريئاً شبيهاً بالضربة الحرة التي سددها نحو الزاوية العليا من مرمى خصمه قبل 18 ثانية من انتهاء مباراة خاطفة للأنفاس في سوتشي الروسية.
وتطرق كروس إلى الفوز الهام الذي حققه فريقه 2-1 في اللحظات الأخيرة على أرض ملعب "فيشت "الأولمبي قائلاً، "أشعر بأن انتقاد منتخبنا في الصحف يعد متعة كبيرة بالنسبة للعديدين. ولا يقدم لنا هؤلاء العون بما يكتبونه عنا، ولا بتحليلاتهم، واتهامهم لنا بغياب التناغم والانسجام. لكن لا أحد من هؤلاء سيمنحنا اللقب بكتاباته، حيث أن تحقيق اللقب يتطلب منا بذل الكثير من العرق الممزوج بالروح القتالية. كما أننا نستحق الوصول إلى النهائي".
عادة ما يعرف كروس بطبعه الهادئ خارج وداخل أرض الملعب، لكن من الواضح أن الانتقادات اللاذعة التي أعقبت هزيمة حامل اللقب بهدف أمام المكسيك لامست وتراً حساساً، ما جعل لاعب وسط ريال مدريد يخرج ما في داخله من غضب واستياء بعد أن جنّب فريقه تلقّي انتقادات أخرى أكثر قسوة. لكن، لم يكن كروس الألماني الوحيد الذي فعل ذلك في تلك الليلة.
وفي خضم فرحة انتصار كهذا، يصبح من الصعب ضبط النفس وتقييم المباراة بشكل مدروس. لذلك، عمد ماتس هوملز، المدافع الذي تغيب عن المباراة بعد تعرضه لإصابة في الرقبة، إلى تقديم تقييم للمستوى الحالي للمنتخب الألماني.
وقال هوملز، "قدمنا أداء أفضل من المباراة الأخيرة التي لعبنا فيها ضد المكسيك، إلا أنه لم يرتق بعد إلى المستوى المطلوب. ولم يكن الوضع مثالياً، لكن ذلك الهدف الذي جاء في اللحظات الأخيرة مثّل دفعةً معنويةً بالنسبة لنا. وعموماً، يمنحنا ذلك أملاً في التحسن".
وأضاف المدافع الألماني، "إذا استرجعنا هذه الأوقات، فهل من شأن هذا أن يمثل اللحظة التي قلبت الموازين وخوّلت لنا الفوز ببطولة كأس العالم؟ إن إنجازاً من هذا القبيل يمكن أن يكون له تأثير كبير. لكن، لا يمكننا التسرع والاندفاع، إذ أنه في حال ارتكبنا نفس الخطأ، الذي وقع خلال المباريات التي جمعتنا بكل من المكسيك والسويد، في مباراتنا مع كوريا الجنوبية، فلن يكون لهذا الانتصار أي معنى".
وقد تعكس هذه المباراة عزيمة المنتخب الألماني، لكنها أكدت مجدداً على وجود ثغرات كبيرة في دفاع الفريق، والتي ظهرت للعيان خلال مباراتها أمام المكسيك في موسكو، في حين لم تُكشف خلال مرحلة التصفيات، بعد أن تلقى الفريق إجمالي 4 أهداف خلال 10 مباريات فاز بجميعها.
ومن المرجح أن تدرس كوريا الجنوبية نقاط ضعف ألمانيا التي تمكنت كل من المكسيك والسويد من استغلالها بشكل فعال للغاية، واكتشاف أن فريق يواخيم لوف قد يتم اقصاؤه بمدينة كازان.
وسيعود هوملز للعب في المباراة القادمة، وقد يتبين أن غياب جيروم بواتينغ عن المباراة، بعد طرده لحصوله على بطاقة حمراء في مباراة السويد، قد يصب في صالح المنتخب الألماني. وفي الواقع، لم يعان أي اللاعبين خلال مواجهة السويد كما عانى قلب دفاع بايرن ميونخ، والذي تسببت الإصابات المتتالية في إعاقة مسيرته.
وتحدث مدرب منتخب آيرلندا الشمالية مايكل أونيل، الذي واجه ألمانيا في مناسبتين خلال التصفيات، كيف أن بواتينغ وهوملز يحتاجان إلى دعم من قبل لاعبي الوسط والظهيرين على حد سواء، وهذا صعبٌ ضمن خطة لوف الحالية.
وقد اعتمدت ألمانيا في مباراتها ضد السويد خطة لعب مقاربة لخطة 2-2-6، وفي حال قرر لوف مواصلة اعتمادها، فإن لاعب تشيلسي أنطونيو روديغر أو الشاب نيكلاس زوله، الذي عوض بواتينغ في فريق بايرن ميونخ وأثار إعجاب المتابعين بأدائه، يعدان الأنسب للعب إلى جانب هوملز.
وقد كان بواتينغ محظوظاً لعدم احتساب ركلة جزاء ضده بعد مرور 12 دقيقة فقط على بداية المباراة التي خسر خلالها المدافع الألماني الكرة 13 مرة، أي أكثر من أي لاعب آخر في المنتخب السويدي المنافس، فيما تمكن من استعادتها في مناسبتين فقط، واستخلص الكرة في حوالي 40% من الكرات المشتركة الـ 10 مع مهاجمي الفريق السويدي.
في المقابل، خسر زميله روديغر الكرة في 4 مناسبات فقط، واستعاد 7 كرات من الفريق الخصم، ناهيك عن فوزه بالكرة في حوالي 70% فقط من الكرات المشتركة الـ 9 مع مهاجمي المنتخب السويدي. ولم يساهم الأداء المخيب الذي قدمه بواتينغ في تحديد ملامح مستقبله المثير للجدل في ألمانيا، لكن مبلغ 44 مليون يورو الذي حدده فريق بايرن ميونخ كسعر نظير تعاقد الفرق الراغبة في ضم اللاعب يبدو سعراً مبالغاً فيه، خاصة بعد المستوى الباهت الذي ظهر به اللاعب خلال المبارتين اللتين خاضهما في مونديال روسيا.
وسواء حصل هذا الأمر خلال فعاليات كأس العالم الحالية أو في مسابقة قارية أخرى في المستقبل، فيبدو أن تغيير قوام الخط الخلفي للـ "مانشافت" أمر لا مفر منه. وقد صرح النجم الألماني المتوج بكأس العالم سنة 1990 لوثار ماتيوس، أن "جيروم لا يوفّر الأمان في الدفاع كما اعتاد في السابق. وكما هو الحال مع بعض اللاعبين الآخرين، يجب على لوف أن يفكر جدياً في ما إذا كان سيبقي عليه في التشكيلة الأساسية أم لا".