رفض الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" الإفصاح عن عدد اللاعبين الروس الذين خضعوا لاختبارات الكشف عن المنشطات، على خلفية بدايتهم المذهلة في كأس العالم 2018.
ولم يكشف الاتحاد الدولي عما إذا كانت قد أجرت أي اختبارات بعد تلك المباراة خاصة بعد أن تلقت مكالمة من أحد كبار المسؤولين عن مكافحة المنشطات في الرياضة، وذلك لنشر تفاصيل كل اختبار تم إجراؤه.
وكان الرئيس التنفيذي للوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات ترافيس تيغارت، صرح أنه يجب وضع روسيا تحت اختبار صارم للحفاظ على ثقة الجمهور في نزاهة كأس العالم. وحتى قبل انطلاق مباريات كأس العالم، كانت "فيفا" تتعرض لضغط كبير لضمان عدم تكرار فضيحة المنشطات الرياضية، عندما تسترت روسيا على الآلاف من الاختبارات الإيجابية خلال دورة الألعاب الأولمبية الشتوية التي عُقدت في سوتشي، وهو ما ساهم في تحسين أداء منتخبها الوطني.
وبعد أيام فقط من وصف المنتخب الروسي بأنه أسوأ فريق في كأس العالم، قدم لاعبو ستانيسلاف تشيرتشيسوف أفضل بداية على الإطلاق لدولة مضيفة، بل يمكن وصفها بأنها واحدة من أفضل الانطلاقات. وقد فاز المنتخب الروسي على السعودية ومصر بمجموع أهداف 8-1 في إطار مباريات المجموعة الأولى. ويعتبر تحقيق المنتخب الروسي لمثل هذه النتيجة الأول من نوعه منذ سقوط الاتحاد السوفيتي.
وأظهرت بيانات متعلقة بالمسافات المقطوعة وسرعة اللاعبين والفرق في كأس العالم، أن لاعبي روسيا قطعوا مسافات على أرضية الملعب أطول من أي فريق آخر خلال المباراتين اللتين خاضوها.
وفي حوار له مع قسم الرياضة في صحيفة The Telegraph البريطانية، أوضح تيغارت، الذي كشف عن تعاطي الدراج الأميركي الشهير لانس أرمسترونغ للمنشطات، أن التحسينات المفاجئة التي تحدثها "القواعد الدولية" على الساحة الرياضية يجب أن يتم التحقيق فيها دائماً. وتابع تيغارت أن "تقديم أحد الفرق لأداء استثنائي يتطلب إجراء اختبارات إضافية عليه".
في المقابل، رفضت "فيفا" التي وصفت المنتخب الروسي مراراً وتكراراً بأنه "من أحد أكثر المنتخبات التي خضعت للاختبارات قبل كأس العالم 2018″، الكشف عما إذا كانت مثل هذه الاختبارات قد تمت بالفعل. وقد أشار المتحدث باسمها إلى أنه "عندما يتعلق الأمر بالاختبارات التي تم إجراؤها خلال المسابقة، يرجى تفهم أننا لا نستطيع الإدلاء بأي تعليق".
خلال الأسبوع الماضي، حذّر تيغارت من أنه سيكون من "السذاجة" عدم تصديق أن روسيا قد تنتهك قواعد مكافحة المنشطات خلال المونديال الذي كان يجب منعها من استضافته، خاصة بعد أن تبين أنها نظمت برنامجاً للمنشطات أدى إلى تخريب أولمبياد لندن وسوتشي.
وقد أثبت التحقيق تورط التشكيلة الكاملة لروسيا في نهائيات كأس العالم 2014، في حين لا يزال عدد من اللاعبين يلعبون لصالح بلادهم في الوقت الراهن. وقد دفع ذلك "فيفا" لإجراء تحقيق في هذا الصدد. وفي مايو/أيار 2018، أعلنت هيئة إدارة "فيفا" الإغلاق الجزئي للتحقيق، حيث توصلت إلى "عدم توفر أدلة كافية" كي توجه تهماً لأعضاء الفريق الحالي بشأن انتهاك قواعد مكافحة المنشطات، على الرغم من أنها قالت إن التحقيقات بشأن اللاعبين الذين لم يتم اختيارهم لهذه البطولة ظلت "مستمرة".
حيال هذا الشأن، أفاد تيغارت أنه "عندما يتعلق الأمر باختبار اللاعبين الروس في نهائيات كأس العالم، يتعين على الفيفا الذهاب إلى أبعد من الأساسيات كي تجعل الجمهور يثق في قيامها بهذه العملية بالطريقة الصحيحة". لكنه حذر أيضاً من استخدام أداء الفريق لتوجيه هذه التهمة دون تقديم أدلة قاطعة.
وهناك الكثير من الأسباب المحتملة التي تقف وراء الأداء المذهل الذي يقدمه المنتخب الروسي حتى هذه اللحظة، على غرار خوضه للمباريات على ميدانه وفي بلاده، وهو ما قد يساهم في ارتفاع معدل الأدرينالين عند لاعبي الفريق. وأقل ما يمكن أن تتوقعه روسيا من لاعبيها هو تقديم أفضل ما لديهم لمحاولة تلميع الصورة السلبية التي اقترنت بأدائهم الفني.
وفي هذا الإطار، أضاف تيغارت، أنه "من غير العادل حقاً استخلاص استنتاجات حول أفراد أو فرق تقدم أداء جيداً. كما أعتقد أن الرياضيين في حاجة إلى نظام يحميهم ويؤكد صحة أقوالهم عندما يكونون موضع شك واتهام. وفي هذه الحالة، يمكنهم القول إن بلدانهم تطبق نظام المعيار الذهبي وتفرض عليهم اتباع أعلى المعايير، لذا لا يمكنك سوى تصديقهم".
وقال الرئيس التنفيذي للوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات، "للأسف، هناك بلدان على غرار روسيا، لا ينطبق عليها هذا الأمر، ولذلك، فهو عار على قادة كرة القدم وقادة ذلك البلد ألا يمنحوا لاعبي كأس العالم الفرصة ليثبتوا براءتهم ويؤكدوا التزامهم ببرنامج المعيار الذهبي". واستدرك تيغارت قائلاً: "لكن، نحن نعرف أن الأمر ليس كذلك، كما أننا على بينة بما حدث في الماضي القريب".
وتابع تيغارت أنه "لم يتضح بعد مدى تخلي روسيا عن مثل هذه الممارسات، علماً وأن هذا البلد لا زال ممنوعاً من خوض الألعاب الرياضية العالمية والرياضة الخاصة بالمعاقين لرفضها الاعتراف بالبرنامج الذي ترعاه الدولة. فعندما تبحث عن إحصائيات الاختبار الخاصة بها، تتيقن أنها لم تجرى بالطريقة الصحيحة، حيث لا نرى أي أسماء فردية للأشخاص الذين تم إخضاعهم للاختبار".
وأكد الرئيس التنفيذي للوكالة الأميركية لمكافحة المنشطات أن "ما حدث في الألعاب الأولمبية يمثل قضية في حد ذاته. ويظل السؤال الأهم هو ما الذي كانت تفعله روسيا ما بين الستة أشهر والاثني عشر شهراً الماضية؟ إنه لمن المؤسف أن يتم طرح مثل الأسئلة، إذ أنه أمر غير عادل بحق اللاعبين أنفسهم، وهو ما أكره حدوثه. ومن الواضح أن مثل هذه الممارسات تقع بسبب فشل قادة هذا البلد في مجال الرياضة، وبالتالي، لا علاقة للاعبين بالأمر".