لماذا لم تنظّم مصر رحلات للمشجعين عوضاً عن الفنانين كما فعلت الجزائر في 2014؟ إليك بالتفاصيل الفارق بين البلدين

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/21 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/21 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش

أثار تنظيم شركة we الحكومية المصرية، رحلات للفنانين المصريين إلى روسيا، من أجل مساندة المنتخب المصري في بطولة كأس العالم 2018 الجارية حالياً، غضباً جماهيرياً كبيراً.

واعتبرت الجماهير المصرية، أن وصول هذا الوفد من الفنانين وذويهم والشخصيات العامة، إلى فندق إقامة المنتخب المصري في مدينة سان بطرسبرغ الروسية، تسبب في خسارة الفريق 1-3 لمباراته الحاسمة أمام روسيا، في الجولة الثانية من المجموعة الأولى بالبطولة العالمية.

انظروا إلى الجزائر

وبالنظر إلى موقف الحكومة الجزائرية في المشاركة الأخيرة للخضر في المونديال عام 2014، والتي قدموا فيها أداء مبهراً، يتضح الفارق جلياً بين الموقفين المصري والجزائري.

فقد كان مختلفاً تماماً عما حصل مع المصريين، فقد نظمت الحكومة الجزائرية آنذاك رحلات مدعومة للمشجعين بأسعار مخفضة، من أجل مؤازرة الفريق في مونديال البرازيل.

وكانت الرحلات مقسمة إلى 3 مستويات لتناسب الأسعار العديد من الطبقات الاجتماعية، المستوى الأول يشمل 1250 مشجعاً يقيمون بفنادق 3 نجوم مقابل نحو 3500 يورو لكل مشجع، والثاني يشمل 600 مشجع يقيمون بفنادق 4 نجوم مقابل 4500 يورو، والثالث يشمل 150 مشجعاً في فنادق 5 نجوم بمقابل يصل إلى 7500 يورو.

وساهم وجود هذه المجموعة من المشجعين في تألق المنتخب الجزائري في مونديال البرازيل والتأهل إلى دور الـ16.

وبعد تجاوز دور المجموعات أعلن وزير الرياضة الجزائري آنذاك، محمد تهمي، التكفل بنفقات إقامة المشجعين الجزائريين في البرازيل

وقدم المنتخب الجزائري مشاركة أكثر من مميزة في المونديال الماضي، أداء ونتائج، إذ لعب في المجموعة الثامنة رفقة منتخبات بلجيكا وروسيا وكوريا الجنوبية، وصعد إلى الدور الثاني بعد احتلاله وصافة المجموعة بـ4 نقاط خلف المنتخب البلجيكي القوي.

وتأهل الفريق الجزائري إلى ثمن النهائي ليصطدم بنظيره الألماني الذي فاز باللقب فيما بعد.

ووقف محاربو الجزائر ندا قويا وعنيدا للمنتخب الألماني، وأضاعوا العديد من الفرص التي كانت كفيلة بفوزهم، وأجبروا الماكينات على دخول وقت إضافي.

ولكن الكرة ابتسمت للألمان في الأوقات الإضافية بعدما سجلوا هدفين عبر أندريه شورله ومسعود أوزيل مقابل هدف واحد عربي من توقيع عبد المؤمن جابو، ليودع الجزائريون البطولة وسط إشادة عالمية بأدائهم المذهل وخروجهم من الباب الكبير..

كيف وصل الفنانون المصريون إلى فندق المنتخب؟

 

وبالبحث عن كيفية حضور هذا الوفد وحجزه لغرف في نفس الفندق الذي تقيم به بعثة الفراعنة، تبيَّن أن شركة سياحية مصرية كبرى، دفعت مبالغ تزيد كثيراً على سعر الغرف من أجل حجز طابقين كاملين في الفندق.

وفور انتهاء مباراة مصر وأوروغواي التي شهدت أداء جيداً للفراعنة، سارعت الشركة ببيع جزء كبير من هذه الحجوزات لشركة we للاتصالات المصرية بمبالغ أكبر بكثير مما دفعته.

واختارت we المملوكة للدولة بعضَ الفنانين والسياسيين والإعلاميين والرياضيين السابقين، لتتكفل بسفرهم لروسيا، وإقامتهم هم وذويهم في الغرف التي اشترت حجوزاتها من شركة السياحة.

أما الجزء الآخر من الغرف المحجوزة فبيع لشخصيات عامة وبعض الجماهير بأثمان باهظة أيضاً.

وترى الجماهير أن هذا الوفد خلَّف فوضى كبيرة في فندق إقامة الفراعنة، ساهمت في نقص تركيز اللاعبين قبل المواجهة المصيرية، وأنه كان من الأولى بالشركة الحكومية أنها كانت تتكلف بتكاليف سفر مجموعة من الجماهير لتشجيع الفريق.

وكانت التكلفة العالية التي تحملتها we  مثار انتقاد شعبي كبير، خاصة في ظل القرارات الحكومية المتقشفة التي اتخذتها مصر مؤخراً، وفي القلب منها رفع أسعار المحروقات والمواد البترولية.

ويأتي هذا الإجراء في إطار برنامج إصلاح اقتصادي، بدأته مصر في 2014، يهدف إلى خفض دعم الحكومة لأسعار الطاقة، وحصلت بموجبه في 2016 على قرض بقيمة 12 مليار دولار على 3 سنوات من صندوق النقد الدولي.

وبلغت نسبة ارتفاع سعر البنزين من نوع "92 أوكتان" 35% ليسجل سعر اللتر 6.75 جنيه (37.9 سنت)، وبلغت نسبة ارتفاع كل من سعر الديزل وبنزين "80 أوكتان" أكثر من 50%، ليصل سعر اللتر إلى 5.50 جنيه (35 سنتاً)، على ما نشرته الجريدة الرسمية المصرية.

ويأتي هذا القرار بعد أيام من رفع أسعار الكهرباء بنحو 26%، ويترتب على ارتفاع أسعار الوقود دوماً ارتفاع أسعار آلاف السلع والخدمات المعتمدة على النقل.

 وفي يوليو/تموز 2018، بلغ التضخم مستوىً قياسياً بعد أن وصل إلى 35%، لكنه تراجع إلى 11.4% في مايو/أيار 2018.

وقرَّرت السلطات المصرية رفع أسعار تذكرة الركوب على شركات أتوبيس هيئة النقل العام وشركات النقل الجماعي للركاب، وسيارات الأجرة؛ وذلك لمعادلة زيادة أسعار الوقود.

يأتي ذلك رغم قرار الحكومة زيادة أسعار تذاكر المترو، في مطلع مايو/أيار 2018. وبموجب هذه الزيادة، بلغ سعر تذكرة مترو الأنفاق 3 جنيهات (17 سنتاً أميركياً) لعدد 9 محطات، و5 جنيهات لعدد 16 محطة، و7 جنيهات لأكثر من 16 محطة، وذلك ارتفاعاً من جنيهين فقط.

وفي ظل كل ذلك كان تنظيم رحلات حكومية للفنانين من أموال دافعي الضرائب، أمراً مستهجناً بالنسبة للمصريين.

ومن أبرز الفنانين الذين حضروا فيفي عبده وحسن الرداد وأشرف زكي وليلى علوي وأحمد عبدالعزيز وكريم فهمي وأحمد رزق.

وبحسب مصادر من داخل الفندق لـ"عربي بوست"، فقد طالب الأرجنتيني هيكتور كوبر، مدرب المنتخب المصري، أمن الفندق، بعزل اللاعبين في طابق واحد، وتخصيص مصاعد لهم لنقلهم من غرفهم إلى ممرات تؤدي لأماكن التدريب وصالة تناول الطعام، بعيداً عن الوفد الذي يثير إزعاجاً كبيراً، ويؤثر على درجة التركيز.

وبالبحث عن كيفية حجز هذا الوفد لغرف في نفس الفندق الذي تقيم به بعثة الفراعنة، تبيَّن أن شركة سياحية مصرية كبرى، دفعت مبالغ تزيد كثيراً على سعر الغرف من أجل حجز طابقين كاملين في الفندق.

وفور انتهاء مباراة مصر وأوروغواي التي شهدت أداء جيداً للفراعنة، سارعت الشركة ببيع جزء كبير من هذه الحجوزات لشركة we للاتصالات المصرية بمبالغ أكبر بكثير مما دفعته.

محاولة للاستغلال

ويتَّضح من قرار we، بالتكفل بسفر وفد الفنانين، أنها لم تكن تهتم كثيراً بالمنتخب المصري أو مساندته، وإنما قرَّرت اتخاذ هذا الإجراء كخطوة دعائية لها استغلالاً لاهتمام المصريين بهذا الحدث العالمي الكبير.

وأوضح موظف داخل الشركة تحفظ على ذكر اسمه، أن مسؤولي we  تفاءلوا بأداء منتخب مصر أمام أوروغواي، ومن ثم وضعوا خطة تسويقية بالترويج لاسم الشركة عن طريق التكفل بسفر الفنانين وتواجدهم مع الفريق في نفس الفندق، وذلك ليستغلوا هذه اللقطات المصورة إعلانياً حال كان الفراعنة تفوقوا على روسيا.

وأشار إلى أنه كان من المقرر إذا انتصرت مصر عمل حملة إعلانية في سياق أن "we كانت مع الفراعنة في مقر إقامتهم للمساندة، حتى تحقق النصر".

تحميل المزيد