لماذا فشلت الأرجنتين بكتيبة نجومها في الفوز على آيسلندا المغمورة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/06/16 الساعة 18:43 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/06/16 الساعة 18:43 بتوقيت غرينتش
Soccer Football - World Cup - Group D - Argentina vs Iceland - Spartak Stadium, Moscow, Russia - June 16, 2018 Argentina's Lionel Messi in silhouette before the match REUTERS/Carl Recine

انتهت مباراة المنتخب الأرجنتيني والمنتخب الآيسلندي بتعادل المنتخبين 1-1 وسط خيبة أمل كبيرة لمشجعي الـ "ألبي سيليستي" بهذه البداية السيئة أمام منتخب متواضع مثل منتخب الـ "فايكنغ"، لتزداد الشكوك حول قدرة الأرجنتين على المنافسة على اللقب، خاصة بعد حالة العجز الهجومي التي ظل عليها الفريق مدة 72 دقيقة دون إحراز أهداف.

لكن اللقطة الكبرى كانت على النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي، الذي أضاع ركلة جزاء في الشوط الثاني كانت كفيلة بإهداء النقاط الثلاث لأبناء خورخي سامباولي.

هل ميسي هو المتسبب في ضياع النقطتين وحده دون غيره؟

إلقاء كل اللوم على ليونيل ميسي هو الحل السهل لتفسير سوء أداء الفريق الأرجنتيني، لكنه لن يؤدي سوى إلى إغفال باقي المشاكل التي يعانيها المنتخب الأرجنتيني تحت قيادة سامباولي. صحيح أن "البرغوث" لم يكن في يومه ولم يصنع الفارق أمام منتخب جديد العهد بالمحافل الكبرى مثل منتخب آيسلندا.

لكن، تبقى معضلات الفريق الأرجنتيني أكبر من أن يتحملها ميسي وحده.

متجر المواهب الأرجنتيني

الفرق بين المنتخبات الأوروبية الكبيرة ومنتخب الأرجنتين، هو أن الأوائل يملكون الإصرار وإرادة الفوز، وهذا ما ميز، على سبيل المثال، كرة القدم الإسبانية التي تتطور باستمرار منذ أكثر من 10 سنوات عبر العمل الجاد والاستثمارات في المواهب الشابة مثل نظيرتها الأرجنتينية.

في المقابل، باتت الكرة الأرجنتينية متجراً لبيع المواهب واللاعبين الشباب وتصدير المواهب الصغيرة للخارج.

 المدرب.. رقصة بلا راقصين 

خورخي سامباولي قاد منتخب تشيلي للفوز بكوبا أميركا، وقدم موسماً متوسطاً مع نادي إشبيلية الإسباني وحقق التأهل لمنتخب بلاده إلى مونديال روسيا بعد معاناة كبيرة، ولكن خطته القائمة على بدء اللعب من الخلف والضغط العالي على الخصم قد لا تناسب إمكانات لاعبي المنتخب مثل ماركوس روخو (قلب الدفاع) ونيكولاس تاغليفيكيو (الظهير الأيسر).

وهذا ما حدث، عندما استطاع لاعبو المنتخب الآيسلندي استخلاص العديد من الكرات في مناطق المنتخب الأرجنتيني، مما هدد مرمى الفريق في عدة مناسبات بخلاف الهدف الذي تم تسجيله في مرمى الحارس ويلي كاباييرو.

كما أن إمكانات بيليا وماسكيرانو لا تسمح بفكرة بناء اللعب والاعتماد الكامل على التمريرات الأرضية الدقيقة من قدم لقدم، فكلا اللاعبَين لا يملك المهارة الكافية، سواء للمراوغة أو الاحتفاظ بالكرة تحت الضغط. هذا جعل المنتخب الأرجنتيني عرضة لهزائم كثيرة، سواء في المباريات الودية مثلما خسر من منتخب إسبانيا 6-1، أو خلال مشوار التصفيات المؤهلة إلى كأس العالم.  

كما أن اعتماد المدرب الأرجنتيني على ميسي وحده في عملية صناعة اللعب يجعل من المنتخب لقمة سائغة للمنافسين، الذين كل ما يجب عليهم هو مراقبة ميسي بصرامة؛ كي يحرموا المنتخب الأرجنتيني من تهديد مرماهم، مع عدم الاعتماد على الجوهرة الأرجنتينية باولو ديبالا حتى كورقة رابحة قادر على التسديد وصناعة الأهداف. أو كما يقولون في الصحافة الأرجنتينية بأن سامباولي يصر على "الرقص بلا راقصين".

هذا إضافة إلى أنه من الصعوبة أن تصنع فريقاً متماسكاً يملك هوية واضحة عندما تغير 6 مدربين في 8 سنوات.

الجانب الرقمي للمباراة

تشير الأرقام والإحصائيات الواردة من موقع Who Scored إلى أن تفوُّق المنتخب الأرجنتيني جاء في أغلب الإحصائيات الإيجابية والسلبية على حد سواء. فالأرجنتين هي أكثر تسديداً، واستحواذاً، وتمريراً، ومراوغةً، وفوزاً بالصراعات الهوائية، وحصولاً على الركنيات. كما أنها الأكثر فقداً للكرة والأكثر خسارة للتدخلات، وهي من أضاعت ركلة جزاء في المباراة بأقدام ميسي.

صحيحٌ أن المنتخب الأرجنتيني بدا متماسكاً أغلب فترات اللقاء، وظهر بشخصية مقبولة إلى حد ما، إلا أن المنتخب عانى القدرة على فك شيفرات التكتلات الآيسلندية في منطقة الجزاء بشكل واضح. هذا العجز تبلور في شكل عشوائية واضحة بالثلث الأخير من الملعب. فتارة يتم إرسال عرضيات إلى منطقة الجزاء الخالية من لاعبي التانغو، وتارة كان يتم التسديد في غابة الأقدام المتمركزة أمام المرمى الآيسلندي، هذا موضَّح في الصورة (2)، حيث إن نسبة تحويل التسديدات إلى أهداف هي (3%) فقط؛ إذ سدد لاعبو الأرجنتين 27 مرة وسجلوا مرة واحدة، مما يدل على الاستعجال وعدم التركيز في الجزء الأهم من الملعب.

كان الوضع أشبه بحالة من الفوضى، لن تنتج عن شيء وإن استمرت 100 عام، أو أن لاعبي المنتخب الأرجنتيني كانوا ينتظرون معجزة من السماء تُهديهم النقاط الثلاث بدلاً من أن يحاولوا تغيير نسق اللعب أو الطريقة ككل.

هكذا تماماً كان عقل المدرب سامباولي، يغير مركزاً بمركز، في عجز تام عن الإبداع، فقط ينتظر أن يهديه ليونيل شيئاً ما، لكن حتى ليونيل لم يكن في يومه رغم أنه أكثر من حاول على المرمى خلال اللقاء.    

صورة (1)

 

كان الاعتماد الجماعي الوحيد في المنتخب الأرجنتيني على ليونيل ميسي وأنخيل دي ماريا، عن طريق تمريرات تبدأ من ميسي في الوسط إلى أنخيل على الجهة اليسرى، في محاولات متكررة لخلخلة الدفاعات الآيسلندية المستميتة، لكنها باءت بالفشل؛ حيث إن نسبة الهجمات التي بدأت من عمق الملعب هي (33%)، في حين تلك التي تشكلت في الجبهة اليسرى هي (39%). كما أن راقصي التانغو لم يستطيعوا الاستفادة من الكرات الثابتة التي حصلوا عليها، حيث حصلوا على (10) كرات ثابتة لم تسفر عن أي خطورة.

 

صورة (2)
 
هذا ما توضحه أيضًا إحصائيات اللاعبين التي نشرها الموقع المتخصص والتي تقول بأن أغلب لاعبي المنتخب الأرجنتيني لم يكونوا في أفضل حالاتهم بينما قاتل لاعبو المنتخب الآيسلندي من أجل النقطة. 

صورة (3)

صورة (4)

في النهاية، ما زالت الفرصة سانحة أمام الأرجنتين لتعديل الأمور والذهاب بعيداً في البطولة، لكن يجب عليها أولاً تعديل الكثير من الفنيات؛ كي يستطيع الفريق العبور إلى الدور الثاني من النهائيات، وعلى سامباولي إعادة النظر في وضع أمثال باولو ديبالا على دكة البدلاء بلا أي دور تماماً. 

تحميل المزيد