مشروع لإعادة تشكيل الرياضة الجماهيرية الأولى في العالم، يسعى لتنفيذه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، ولكن يجابَه بمقاومة من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا".
"يويفا" قدَّم اعتراضاً فعلياً، يوم الأربعاء 16 مايو/أيار 2018؛ في محاولة قوية لوقف تنفيذ مشروع الاتحاد الدولي، الذي تقّدر قيمة التغييرات التي سيحدثها بنحو 25 مليار دولار، حسب تقرير لموقع ESPN الأميركي.
وخلال اجتماع أجراه المجلس الاستراتيجي لكرة القدم الأوروبية التابع لـ "يويفا" في مدينة ليون الفرنسية، التقى ممثلون عن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ورابطة الأندية الأوروبية، بالإضافة إلى منظمة بطولات الدوري الأوروبية التي تلعب دور مجموعة ضغط، والنقابة الدولية للاعبي كرة القدم المحترفين "فيفبرو".
وعلى جدول الأعمال الذي تدارسته هذه الأطراف، كان الموضوع الرئيسي هو مناقشة مقترح "فيفا" لتنظيم كأس عالم للأندية كل 4 سنوات، بمشاركة 24 فريقاً. كما سيتم النظر في مقترح الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي يقضي بإنشاء بطولة دوري الأمم العالمية على أن تدور فعالياتها كل سنتين.
الـ "فيفا" متعجل لاتخاذ قرار
من جهته، يبدو رئيس "فيفا" جياني إنفانتينو متعجلاً؛ إذ دعا إلى التوصل إلى قرار سريع بشأن هذه المسألة.
وذكرت صحيفة Financial Times البريطانية الأربعاء 16 مايو/أيار 2018، أن إنفانتينو سيدعو في الأيام المقبلة، إلى عقد اجتماع استثنائي لمجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم؛ لاتخاذ قرار نهائي بشأن هذا الاقتراح. لكن الرد الصادرعن "يويفا" كان قاطعاً.
فقد أفاد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان له، بأن "المجلس الاستراتيجي لكرة القدم الأوروبية أبدى بالإجماع تحفظات جدية إزاء الإجراءات الخاصة بإحداث تغييرات على مستوى كأس العالم للأندية وإنشاء بطولة دوري الأمم العالمية".
وجاء في نص البيان أن التوقيت المتسرع وعدم وجود بيانات واضحة، دفعا المجلس الاستراتيجي إلى التشديد على الحاجة لاتخاذ خطوات محددة تحترم الهياكل القائمة وهيئات صنع القرار التي تجمع جميع أصحاب المصلحة الرئيسيين.
لماذا لم يتشاور "فيفا" مع الأطراف المعنية؟ وما هي علاقة العرب والآسيويين بالأمر؟
مثَّل عدم لجوء "فيفا" إلى التشاور بشأن هذه المسألة أمراً مبهماً بالنسبة للعديد من الأطراف.
وتخطط مجموعة سوفت بنك اليابانية لإنشاء بطولة "كأس العالم للأندية السوبر" بقيمة 25 مليار دولار بعد اعتماد نظامها الجديد من الاتحاد الدولي لكرة القدم، بدءاً من العام 2021، حسب نقلت صحيفة المال الاقتصادية عن Financial Times البريطانية.
وتضم المجموعة مستثمرين من الصين والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة والإمارات العربية المتحدة، وتهدف إلى إعادة تشكيل الرياضة الأكثر شعبية في العالم.
وتأتي هذه الخطوة في ظل سعي "فيفا" لتأمين مستقبله المالي بأعقاب الفساد الذي أغرقها في أزمة بالسنوات الأخيرة.
وبطولة كأس العالم للأندية تُقام حالياً بمشاركة 7 فرق من جميع أنحاء العالم.
في حين يتضمن الاقتراح أن تقام هذه المسابقة كل 4 سنوات لتتويج أفضل نادٍ في العالم، كما ستضم 24 نادياً من القارات الخمس.
وستملك "فيفا" حصة بنسبة 51 في المائة بمشروع مشترك مع مجموعة شركات التمويل، حيث يضمن المستثمرون عائدات تبلغ 25 مليار دولار على الأقل.
رغم ما أُعلِن بشأن المستثمرين، فإن تفاصيل هوية الذين يمولون خطط مشروع كرة القدم الجديدة لم يتم الكشف عنها بشكل رسمي.
وفي رسالة وجهها إلى أعضاء "فيفا"، علل إنفانتينو تكتُّمه بالقول إنه ملتزم بشروط الاتفاق السري.
استراتيجية "فيفا" لتمرير الاقتراح رغم الاعتراضات
استراتيجية "فيفا" قائمة على مبدأ "فرِّق تسُد"، حسب الموقع الأميركي، حيث استقطب إنفانتينو أندية فردية مثل برشلونة وبايرن ميونخ وليفربول ومانشستر يونايتد وليفربول، بدلاً من إجراء حوار شامل عن طريق القنوات المنظمة على مستوى الأندية.
وحظيت مخططات إنفانتينو بموافقة مجلس إدارة برشلونة، الذي أصدر بياناً يتحدث فيه عن احتمال إجراء تجديد "مثير للاهتمام وشامل وديناميكي ورفيع المستوى" لكأس العالم للأندية.
ورغم ذلك، لم يتمكن جوسيب ماريا بارتوميو، رئيس نادي برشلونة وعضو المجلس الاستراتيجي لكرة القدم الأوروبية، من دفع نظرائه إلى دعم هذه التحركات خلال الاجتماع الذي أجري في ليون يوم الأربعاء 16 مايو/أيار 2018.
هل أوشك الصراع أن ينفجر؟
أثارت خطط ومقاربة الاتحاد الدولي لكرة القدم غضب كبار الشخصيات في أوساط كرة القدم الأوروبية، الذين حذروا بشكل خاص من أن التوترات القديمة بين "فيفا" و"يويفا" أصبحت على وشك الانفجار.
وصرح أحد هذه الشخصيات المرموقة، لموقع ESPN الأميركي، بأن "التوتر بين الطرفين سيبلغ مرحلة الثوران دون شك". وقد بدأت هذه التصدعات تظهر بالفعل.
وكشف إنفانتينو عن خططه لأول مرة عندما قام بتقديمها من جانب واحد في إطار اجتماع مجلس "فيفا" في بوغوتا عاصمة كولومبيا يومي 15 و16 من شهر مارس/ آذار 2018.
وعلمت مصادر تابعة للموقع الأميركي أن رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، ألكسندر تشيفرين، خاطب نظيره في الاتحاد الدولي لكرة القدم بحدّة في أثناء اجتماع الجمعية العامة لرابطة الأندية الأوروبية بروما، والتي حضرها كلاهما.
لماذا يعترض الكثيرون على الفكرة؟
لاقى قرار رئيس "فيفا"، الذي يقضي بتجنُّب الدخول في مناقشات فعلية مع أصحاب المصلحة، رد فعل رافضاً لمشروعه بشكل قاطع بالأمس الأربعاء 16 مايو/آيار 2018.
ويرجع ذلك بالأساس لكون هذا المشروع الجديد سيكون له تأثير هائل على تقويم المباريات الدولية، فضلاً عن كونه قائماً على بيع حصة كبيرة من مداخيل المسابقات الكروية المرموقة لفائدة مستثمري طرف ثالث مجهولين.
وأضاف الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في بيان له، أنه "يجب النظر في مثل هذه المقترحات على أنها جزء من التدخل بجدول المباريات على مستوى العالم بشكل شامل، ولا يمكن اتخاذ قرار بشأن مثل هذا المقترح بشكل منعزل".
لكن.. لماذا يعارض الاقتراح الاتحاد الأوروبي لهذا الحد؟
"مخططات الفيفا من شأنها إلحاق الضرر بدوري أبطال أوروبا الذي تنظمه اليويفا، ولا أعتقد أن محبي كرة القدم لا يدركون فداحة ما يعنيه هذا كله بالنسبة لكرة القدم في العالم"، هكذا قال أحد المصادر للموقع الأميركي.
وخلال مقابلة أجراها مع مجلة "كيكر" الألمانية لكرة القدم في 11 مايو/أيار 2018، قال تشيفرين إن "مستقبل اللاعبين على المحك".
وأضاف أن "الفيفا يتصرف بشكل مثير للشكوك. فقد عمد إلى مناقشة مخططاته مع مجموعة صغيرة من الأندية الأوروبية، ودعت إلى هذه النقاشات الفرق التي ترى أنها جديرة بالاهتمام فقط".
واستطرد تشيفرين أن "رابطة الأندية الأوروبية تمثل رابطة تجمع أندية أوروبا كلها، ولا تقتصر على 7 أندية فقط. هل تعتقدون أن فريقاً ألمانيّاً، وفريقين من إسبانيا وآخرَين من إنكلترا فقط تتمتع بالأهمية؟! يجب على الفيفا احترام جميع الأندية".
وحتى الآن، تمكَّن الاتحاد الأوروبي لكرة القدم من حشد مختلف أصحاب المصلحة داخل المجلس الاستراتيجي لكرة القدم الأوروبية، وهو ما يدل على قوة الموقف المشترك إزاء خطط الفيفا المستقبلية داخل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم. وستتم إحالة هذه المسألة إلى اللجنة التنفيذية للاتحاد الأوروبي، التي ستجتمع في كييف يوم الخميس 24 مايو/أيار 2018.