التقطا صوراً مع أردوغان، فقامت ألمانيا ولم تقعد.. ردود فعل غاضبة تجاه أوزيل وغوندوغان

تسبب ظهور لاعبي المنتخب الألماني مسعود أوزيل وإلكاي غوندوغان (المولودين في ألمانيا لعوائل تركية الأصل) في لقاء مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بضجة كبيرة في ألمانيا

عربي بوست
تم النشر: 2018/05/15 الساعة 17:02 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/05/15 الساعة 17:02 بتوقيت غرينتش

تسبب ظهور لاعبي المنتخب الألماني مسعود أوزيل وإلكاي غوندوغان مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بضجة كبيرة في ألمانيا، بحجة مساعدته على الدعاية للانتخابات الرئاسية القادمة.

والتقى اللاعبان الرئيس التركي الأحد 13 مايو/أيار 2018، في فندق Four Seasons بالعاصمة البريطانية لندن، حيث ظهرا وهما يهديانه قميصي ناديهما الإنكليزيين، آرسنال (أوزيل) ومانشستر سيتي (غوندوغان).

اللاعبان اتُهما  بـ "السماح باستغلالهما من الناحية السياسية في الحملة التي يخوضها أردوغان قبل الانتخابات الرئاسية التي ستجري الشهر القادم".

وكان غوندوغان كتب على قميص مانشستر سيتي الذي قدمه لأردوغان بالتركية بخط يده، "لأجل رئيسي الموقر، مع فائق الاحترام"، مرفقاً بتوقيعه.

مسؤولون رياضيون غير متفهمين لظهور اللاعبين مع أردوغان

وقال رئيس الاتحاد الألماني لكرة القدم راينهارد غريندل على تويتر يوم الإثنين، إن "الاتحاد الألماني يحترم بالطبع الوضع الخاص للاعبينا ذوي الخلفية المهاجرة. لكن كرة القدم والاتحاد الألماني لكرة القدم يدافعان عن قيم، لا يتم اتباعها بشكل كاف من قبل السيد أردوغان. لذا فليس من الجيد أن يسمح لاعبونا باستغلالهم لأجل مناوراتها الانتخابية".

واعتبر غريندل أن اللاعبين لم يساعدا جهود الاندماج التي يقوم بها الاتحاد الألماني عبر هذا التصرف.

من جانبه، عبّر مدير المنتخب الألماني أوليفر بيرهوف عن عدم تفهمه حيال ما قام به اللاعبان، مشيراً إلى أنه سيناقشهما حول ذلك، رغم أنه قال إنهما لم يكونا يدركان رمزية ومعنى هذه الصور. لكنه قال إنه ليس لديه شك بتاتاً كما كان الأمر في السابق في ولاء أوزيل وغوندوغان حيال اللعب مع المنتخب الألماني والالتزام بقيمهم.

وفي حلقة نقاشية سبقت الإعلان عن التشكيلة الأولية للمنتخب المشارك في مونديال روسيا ظهر الثلاثاء 15 مايو/أيار، علق غريندل مجدداً على الأمر، وقال إن البشر يمكن أن يرتكبوا أخطاء، لكن ينبغي أن يتعاملوا بشكل نسبي مع ذلك.

وأضاف أنه يعتقد بأن اللاعبين يدركان بأنهما ارتكبا خطأ، لكنه دعا إلى التعامل معهما باعتدال، قائلاً إن بعض ما قرأه في الإعلام الإلكتروني بدا له مبالغاً فيه، في إشارة للدعوات لعقابهما بشدة.

وأوضح أن ما هو مهم هو البقاء عند الخط الإرشادي المهم لعملهم، وهو الاندماج، الذي يعد مسألة أساسية لمستقبل كرة القدم الألمانية.

وأشار إلى أنه ليس من المهم موطن المرء أو لون بشرته أو دينه، بل التواجد في فريق على أساس القواعد الجماعية. وبين أن المشكلة في واقعة التصوير المذكورة في لندن في أنها لم تظهر التعايش مع بعضهم البعض بل استدعت ما يفرقهم، وثبتت بعض الأحكام المسبقة.

ويلمح غريندل بذلك إلى النقاش المتجدد حول ولاء اللاعبين ذوي الأصول المهاجرة للمنتخب، سيما وأن مسعود أوزيل لا يغني النشيد الوطني الألماني الذي ينشده زملاؤه قبل بدء المباريات. وكان سبق وأن دافع عن نفسه بالقول إنه يصلي لنفسه ولفريقه عوضاً عن ذلك.

ووصف بيرهوف من جانبه ما جرى بأنه مؤسف، وكان ينبغي عليهما أن يكونا واعيين لمعناه. وقال إنه تحدث مع اللاعبين ولم يكن ذلك واضحاً بالنسبة لهما، لأنها كانت فعالية كبيرة حضرها 400 شخص، منهم طلاب يذهبون للدراسة في الخارج.

وقال إنه ينبغي للمرء أن يفهم كيف يفكر الأتراك في هذا المجال، لكن من الناحية الثانية فإنه لم يكن من المرغوب التقاط هذه الصور. وبين أنهم سيتحدثون مع الاثنين لاحقاً، لكن مع اللاعبين الآخرين أيضاً، لافتاً إلى أنهم سيعملون لاحقاً على إعطاء معلومات للاعبين بأمور متعلقة بروسيا أيضاً.

وما زاد من حساسية الأمر بالإضافة إلى العلاقات السياسية المتوترة بين البلدين مؤخراً، هو حقيقة أن تركيا وألمانيا تتنافسان على تنظيم بطولة أوروبا 2024.

ونقل موقع Goal.com عن رئيس الاتحاد التركي لكرة القدم يلدرم ديميرورن رده على الألمان، بالتأكيد أن تصريحات رئيس الاتحاد الألماني غير مقبولة على الإطلاق، وأن توجيه ذلك الكلام إلى الرئيس التركي شيء خاطئ.

وقال إن نجوم كرة القدم سيكون مرحب بهم دائماً إن أرادوا مقابلة الرئيس ولكن الأمر ليس له دخل بالسياسة أو بتصويت بطولة يورو 2024 القادمة من قبل الاتحاد الأوروبي لكرة القدم.

الساسة من مختلف الأحزاب الألمانية غاضبون

وتوالت منذ يوم أمس ردود الأفعال السياسية على القضية، إذ وصفت المتحدثة في شؤون الهجرة في الحزب الليبرالي ليندا تويتبرغ، اللقاء الذي جمع أردوغان واللاعبين بأنه كان "مخالفة وهدفاً عكسياً ضد جميع الذين يكافحون لأجل لعب ديمقراطي نظيف في تركيا".

وقال جيم أوزدمير، الرئيس السابق لحزب الخضر وعضو البوندستاغ الحالي – ذو الأصل التركية أيضاً -، "الرئيس الاتحادي للاعب المنتخب الألماني يدعى فرانك-فالتر شتاينماير. والمستشارة أنغيلا ميركل، والبرلمان البوندستاغ الألماني".

وأضاف أنه يتمنى من اللاعبين التركيز على مباريات كرة القدم، "عوض تقديم هذه المساعدة المبتذلة في الحملة الانتخابية"، داعياً كلاً من أوزيل وغوندوغان إلى "مراجعة مفهومي الديمقراطية ودولة القانون مجدداً".

وقال شتيفان مولر ممثل الحزب المسيحي الاجتماعي في البرلمان، الذي عبر عن انزعاجه البالغ من الأمر، "على لاعبي منتخبنا الوطني أن يفكرا ملياً، فيما إذا كانا يريدان فعلاً أن يتم استغلالهما، من قبل مستبد في حملة انتخابية"، على حد تعبيره.

ونقلت صحيفة Bild الألمانية عن لاله أكغن، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي دعوتها لعقابهما بقولها، "ينبغي أن يُسمح للشباب الذين يقبلون شتاينماير كرئيس لنا فقط باللعب في المنتخب الوطني (الألماني)".

وكتب مقدم الأخبار في القناة الأولى الألماني قسطنطين شرايبر على تويتر معلقاً على الصور، "كل ما يمكن أن يسير على نحو خاطىء في أمور الاندماج في صورة واحدة".

غوندوغان يوضح موقفه

ورد غوندوغان أمس بعد ورود هذه التعليقات على ظهورهما مع الرئيس التركي، وقال إنهما لم يكونا يقصدان عبر هذه الصورة الإدلاء بتصريح سياسي، ناهيك عن القيام بحملة انتخابية. وبين أنهما كلاعبي منتخب وطني مؤمنان بقيم الاتحاد الألماني لكرة القدم، ويعرفان مسؤوليتهما.

وأوضح أنهما التقيا أردوغان على هامش فعالية نظمتها مؤسسة تدعم الطلاب الأتراك في الخارج، وأنه بالنظر للعلاقات الصعبة التي يعيشها البلدان لم ينشرا على حساباتهما بمواقع التواصل الاجتماعي حول ذلك اللقاء، متسائلاً فيما إذا كان يجب عليهما أن يتصرفا على نحو غير مؤدب مع رئيس موطن عوائلهما.

وبين أنه رغم النقد المحق الموجه لهم، إلا أنهما قررا انطلاقاً من احترام منصب الرئيس وجذورهما التركية (أيضاً كمواطن ألماني) بتقديم بادرة احترام. وأكد أن كرة القدم هي حياتهم وليست السياسة.

وذكرت صحيفة Welt ظهر الثلاثاء أنه وفقاً لمعلوماتها، تم إرسال بطاقة دعوة إلى لاعب ليفربول إيمري جان (ذو الأصول التركية)، لكنه لم يلب الدعوة، على عكس أوزيل وغوندوغان.

يذكر أن الحكومة الألمانية منعت ظهور مسؤولين سياسيين أتراك على أراضيها في مناسبات انتخابية منذ العام الماضي، ما تسبب في تراشق لفظي بين سياسيي البلدين. لذا أثار ظهور لاعبين ألمان مع مرشح رئاسي تركي كل هذا الضجة.

رغم ذلك، مدرب المنتخب يختارهما في التشكيلة الأولية للمونديال

وكان من بين الأسئلة التي تداولتها الصحافة الألمانية فيما إذا كان لهذا الإشكال تأثير على اختيار اللاعبين في التشكيلة الأولية للمنتخب الذاهب إلى روسيا هذا الصيف.

إلا أن القائمة التي صدرت الثلاثاء 15 مايو/أيار ضمت بالفعل اسمي غوندوغان وأوزيل، اللذين يمتلكان خبرة دولية كبيرة، حيث لعب الأول 24 مباراة دولية، والثاني 89 مباراة دولية. فيما لم تضم اسم إيمري جان الذي يعاني من إصابة منذ أشهر.

ورداً على سؤال في مؤتمر صحافي تلا الإعلان، فيما إذا كان قد فكر في فرض عقوبات عليهما أو حتى استبعادهما من التشكيلة، قال المدرب يواخيم لوف إنه لم يفكر في أي لحظة بالطبع في القيام بذلك.

وعندما تم سؤاله عن الكيفية التي عايش فيها أمس تطورات هذه القصة مع اللاعبين، سيما وأنه تعرف على الثقافة التركية سابقاً كونه درب هناك فريقي فنربهتشة وأضنة سبور، قال لوف إنهم كانوا أمس في خضم اختيار التشكيلة، وأنه تم إفهام اللاعبين من قبل الاتحاد الألماني لكرة القدم بأنه لم يكن تصرفاً ملائماً، لأنه عندما يلعب المرء لألمانيا يمثل البلاد وقيمه.

وقال إنه يظهر بعض التفهم لما فعلاه، لأن هناك قلبان ينبضان في صدور اللاعبين ذوي الخلفية المهاجرة أحياناً، وليس من السهولة التوفيق بينهما. وأضاف أن اللاعبين أفهماهم بأنهما لم يريدا أن يبعثا برسائل سياسية، وعبرا عن أسفهما لأن ذلك أدى إلى مثل هذا الغضب.

وبين لوف أنه على الصعيد الشخصي يمكنه القول، إن اللاعبين اللذين يعرفهما منذ فترة طويلة، من أصحاب الأخلاق الحسنة، وقدما الكثير لأجل الاندماج في البلد. وقال إنه يعتقد بأن ما حصل سيكون درساً لهما، وسيفكران في ذلك، مشيراً إلى أنهم سيتحدثون في الأمر عندما يلتقون الأسبوع القادم في المعسكر التدريبي.

تحميل المزيد