اعتبر باحثون مغاربة أن تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للدول التي لن تدعم الملف الأميركي لاستضافة نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2026، يشكل هدية لملف المغرب، بسبب مخالفته لقوانين الفيفا.
وقال الباحثون في تصريحات لوكالة الأناضول إن هذا التهديد يؤكد أن الملف المغربي أصبح يقلق الملف الثلاثي الأميركي.
وكان الرئيس الأميركي ترمب هدد الأسبوع الماضي، في تغريدة له عبر في موقع "تويتر"، الدول التي قد تعارض الترشح الأميركي، أو التي قد تصوت لمصلحة الملف المغربي، واصفاً موقف تلك الدول بـ"المخجل".
ويتنافس الملف الثلاثي، المكون من الولايات المتحدة الأميركية وكندا والمكسيك، لاستضافة مونديال 2026، مع المغرب.
The U.S. has put together a STRONG bid w/ Canada & Mexico for the 2026 World Cup. It would be a shame if countries that we always support were to lobby against the U.S. bid. Why should we be supporting these countries when they don't support us (including at the United Nations)?
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump) April 26, 2018
أزعجه ملف المغرب فلجأ إلى التهديد
وبعد أسبوع من التهديد المباشر للرئيس الأميركي، ما زال المغرب لم يصدر أي رد رسمي بخصوص الموضوع، في مقابل تنامي مخاوف الشارع من تأثير ذلك على حظوظ البلاد في استضافة مونديال الساحرة المستديرة.
ورأى الباحث المغربي في الشأن الرياضي محمد الماغودي، أن تغريدة ترامب تمثل "صفعة" للاتحاد الدولي لكرة القدم، الذي تؤكد مواثيقه منع تدخل السياسة في الرياضة".
وقال الماغودي إن تصريحات ترمب "تبيّن أن الولايات المتحدة الأميركية تجاوزت الاتحاد الدولي"، وأوضح أن "الملف المغربي "أصبح محرجاً للملف الثلاثي لأميركا وكندا والمكسيك"، وأن هذا الحرج دفع ترمب إلى "استعمال كل أساليب الترغيب والترهيب من أجل دعم ملف بلاده".
واعتبر أن تغريدة ترمب "تخدم الملف المغربي أكثر وأظهرت للرأي العام العالمي أن الحملة التي قام بها المغرب على المستوى الرسمي والشعبي كشفت أن هناك أموراً تحاك ضده"، وفق قوله.
لكن تغريدته قد تقوي حظوظ المغرب
واعتبر الماغودي أيضاً أن تغريدة ترامب "أعطت الشرعية للملف المغربي، وستجعل عدداً من الدول في العالم، تتحرك لمساندة ملف المملكة لاستضافة مونديال 2026".
من جهته، اعتبر إدريس عبيس، المحلل الرياضي المغربي، أن تصريحات ترمب تبقى مجرد تغريدة في موقع "تويتر" وليست موقفاً رسمياً، مؤكداً أنها تدخل ضمن استراتيجية لجس نبض الدول الداعمة للملف المغربي.
ولفت عبيس إلى أن المغرب قدم ملفاً متكاملاً ويواصل حملته من أجل تنظيم المونديال، مشدداً على أن استراتيجية الاتحاد الدولي لكرة القدم ستوضح ما إذا كان تدعيم الرياضة في الدول السائرة في طريق النمو مثل المغرب، أم ستبقى الدول العظمى مهيمنة على العالم مثل أميركا وكندا اللتين لا تمثل كرة القدم الرياضة الأولى بهما.
وأضاف أن غياب أي رد رسمي من المغرب على تغريدات ترمب يمثل "ذكاء"، لافتاً إلى أن العائق الذي يمكن أن يواجه ملف المغرب هو "استضافة قطر لمونديال 2022، والمغرب 2026 وهل سيكون عرقياً ولغوياً ودينياً"، في إشارة إلى تنظيمه لمرتين متتابعين بدولة عربية مسلمة.
أمّا يحيى السعيدي، الباحث المختص في التشريعات الرياضية، قال إن تغريدة ترمب لا تشكل أي تهديد للدول الداعمة لملف المغرب.
ورأى أن "ترمب رئيس دولة وهذا ملف بلاده ومن حقه أن يدافع عنه ولا أرى فيه أي تهديد"، حسب قوله.
وأضاف أن تداخل الرياضة مع السياسة أمر معروف منذ قديم الزمن، مشدداً على أن التداخل الحاصل "سيكون له تأثير على التصويت".
وأشار إلى أن توقيت إخراج ترمب هذا الموقف يثير التساؤلات، إلّا أنه أردف "هل يعلم ترمب مسبقاً أن ملف المغرب لن يتم إقصاؤه قبل التصويت؟"، كما اعتبر أن حديثه عن التصويت يؤكد هذا الطرح، خاصة أن أميركا لديها من الوسائل ما يمكنها من معرفة التفاصيل الدقيقة للملفات.
وأوضح المتحدث ذاته، أن موقف ترمب يبيّن أيضاً أن الملف المشترك "وصل إلى هذا المستوى من التخوف لأنهم يعرفون خبايا الأمور"، قبل أن يؤكد أن الملف الأميركي أيضاً قوي مقارنة مع الملف المغربي، بل إن أميركا أقوى بالنسبة للمغرب من الفيفا.
واتهامات بإعاقة فوز الرباط بتنظيم مونديال 2026
وتعرَّض رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، السويسري جياني إنفانتينو، لاتهامات بالتدخل في عملية اختيار الدولة المنظِّمة لنهائيات البطولة العالمية عام 2026، ومحاولته منع المغرب من الوصول لمرحلة التصويت؛ وذلك لتفضيله ملف التنظيم المشترك للبطولة، الذي تقدَّمت به الولايات المتحدة وكندا والمكسيك.
وقال مصدرٌ بارز في الاتحاد الدولي -لم يُفصح عن اسمه- لهيئة الإذاعة البريطانية BBC إنَّ إنفانتينو حثَّ فريق تقييم ملفات الاستضافة على إيجاد أدلة يمكن أن تمنع ترشح المغرب.
وزعم المصدر أنَّ "إنفانتينو كان متحفزاً لمنع المغرب؛ لأنَّه يفضل الملف الأميركي الشمالي بالنظر إلى القدرة المالية الهائلة التي يتميز بها على حساب منافسه الإفريقي".
ورغم عدم وجود أي إشارات إلى تقديم شكاوى ضد إنفانتينو السويسري-الإيطالي حتى اللحظة، فإن BBC تتوقع خضوعه للتحقيقات أمام لجنة الأخلاقيات بشأن مَيْله إلى ملف أميركا الشمالية في التصويت، الذي سيجري في العاصمة الروسية موسكو يوم 13 يونيو/حزيران 2018، خلال كونغرس "الفيفا" السنوي.
ورداً على هذه الادعاءات، قال متحدث باسم "الفيفا" للقسم الرياضي بهيئة الإذاعة البريطانية BBC: "صُممت عملية الترشح لاستضافة نهائيات كأس العالم 2026 لتقييم الملفات بناءً على معايير موضوعية؛ ومن ثم تجنب القرارات السرية وغير الموضوعية التي كانت تحدث في الماضي".
وأضاف قائلاً: "تتسم عملية الاختيار بالنزاهة والموضوعية والشفافية قدر الإمكان، وهو ما يتضح من خلال نشر كُتب ملفات الترشيح وكل وثائق الترشح ونظام النقاط".
وتأتي عملية الترشح لاستضافة كأس العالم، في الوقت الذي يواجه فيه الاتحاد الدولي عجزاً مالياً، بعد سنواتٍ من تسديد أتعاب قانونية باهظة نتيجة لتحقيقات وزارة العدل الأميركية بشأن عددٍ من المسؤولين الفاسدين بالاتحاد، كما يعاني "الفيفا" لمحاولة جذب رعاة رئيسيين لبطولة كأس العالم هذا الصيف في روسيا.
لذلك، يُعتَقَد أنَّ إنفانتينو يريد فوز الملف الأميركي الشمالي؛ لوعودهم بأنَّ تنظيمهم للمونديال سيجلب الكثير من الأموال، من نشاط اقتصادي بقيمة نحو 5 مليارات دولار أميركي، وسيوفر نحو 2.1 مليار دولار أميركي من إيرادات التذاكر وحدها.