الدوري الصيني “مقبرة” نجوم كرة القدم.. الكثير من المال، ونهاية الطموح!

تريد الموهبة والمجد، أم تريد مالاً كثيراً؟ تطمح لأن تلعب مع منتخبك في كأس العالم، أم ترغب في أن تمتلك مجموعة قصور فخمة؟

عربي بوست
تم النشر: 2018/04/23 الساعة 10:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2018/04/30 الساعة 07:21 بتوقيت غرينتش
Brazilian soccer players Hulk (L) and Oscar attend the 2017 SIPG Football Club's season mobilization of the Chinese Super League, in Shanghai, China February 13, 2017. REUTERS/Aly Song

تريد الموهبة والمجد، أم تريد مالاً كثيراً؟ تطمح لأن تلعب مع منتخبك في كأس العالم، أم ترغب في أن تمتلك مجموعة قصور فخمة؟

تلك هي الأسئلة التي تُطرح دائماً حينما يتلقَّى أحد نجوم الكرة في أوروبا أو أميركا الجنوبية عرضاً للعب في الدوري الصيني لكرة القدم، مقابل أجر خيالي. قد يبدو الأمر عادياً لو أن اللاعب سينتقل إلى نادٍ يلعب فيه كرةً احترافيةً تدعم موهبته وتُنمِّيها، لكن ما يحدث في الكرة الصينية عكس ذلك تماماً.

طموحات صعبة

هل سبق أن سألت كم مرةً وصلت الصين إلى كأس العالم؟ في الحقيقة لم تفعلها سوى مرةٍ واحدة فس صيف 2002، لعبت حينها مباريات الدور الأول فخسرتها جميعاً، ولم تستطع أن تُحرز هدفاً واحداً في المباريات الثلاث، وخرجت من البطولة دون تحقيق شيء.

يطمح الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى أن تصبح كرة القدم في بلاده مزدهرةً وقويةً كما هي الحال في أوروبا، لكنه حينما أراد أن يفعل ذلك لم يشأ التحرك منفرداً؛ بل جاء دور مؤسسات القطاع الخاص في الصين لتقوم بذلك الأمر.

وتخطط الصين لإنفاق 3 تريليونات يوان صيني (قرابة 480 مليون دولار) بحلول 2020 على كرة القدم، وهو ما يفترض أن يمثل وقتها 1% من إجمالي الناتج المحلي، في حين أن النسبة تشكل الآن 0.6% من إجمالي الناتج المحلي.

وقد بدا ذلك واضحاً في تحركات شراء الأندية الكبيرة، فالمؤسسات الصينية تستغل تعطش الأندية الأوروبية للأموال بسبب الأزمات المالية التي تواجه كثيراً من الأندية في الوقت نفسه الذي تمتلك فيه الصين فائضاً مالياً، نظراً لغزو منتجاتها جميع الأسواق المالية، وهو ما يراه المستثمرون الصينيون بمثابة استثمار في مصادر جديدة لتحقيق المكاسب المالية.

اشترت المؤسسات الصينية 14 نادياً من دول مختلفة، أبرزها أستون فيلا الإنكليزيين، وأتلتيكو مدريد الإسباني، وميلان الإيطالي. وقد بلغ إجمالي تكاليف شراء الأندية من قبل المؤسسات الصينية 2 مليار دولار.

لم تقتصر أهداف رجال الأعمال من شراء الأندية الأوروبية على تحقيق المكاسب المادية، بل عملوا أيضاً على تحقيق الشق السياسي بإرضاء رغبة رئيس الصين في رفع مستوى كرة القدم في الصين.

على سبيل المثال، بعد أن أعلنت شركة Suning الصينية استحواذها على إنتر ميلان، أعلن رئيس الشركة أن اللاعبين الصينيين سيتلقّون تدريباً في إنتر ميلان. كما أعلن وانغ جينالين، الرجل الأغنى في الصين، أن اللاعبين الصينيين سيستطيعون التدرب على كرة القدم في أتلتيكو مدريد الإسباني، وذلك بعد استحواذه عليه.

الاستثمار المدمر

استطاعت الأندية الصينية أن تشتري مجموعةً من اللاعبين المتميزين في الدوريات الأوروبية ودوريات أميركا الجنوبية، مثل كارلوس تيفيز لاعب بوكا جونيورز، وأوسكار لاعب تشيلسي الإنكليزي، وكاراسكو البلجيكي، وهالك البرازيلي المنتقل من زينيت سان بطرسبرغ الروسي، وغيرهم من النجوم. لكن الظاهرة الأبرز هي أنه وبعد أن ينتقل أي لاعب إلى صفوف الأندية الصينية، فإنه يفقد بالتبعية ميزة أن يكون واحداً من لاعبي منتخب بلاده في البطولات الدولية.

فمدربو المنتخبات يستبعدون اللاعبين المنتقلين إلى الصين، بسبب التدهور الحاد في مستوى كرة القدم هناك، وهو ما يمثل في الحقيقة كارثةً كبيرةً لأي لاعب في هذا الوضع، فالمشاركة في البطولات الدولية ككأس العالم وغيرها هي فرصة لتنمية المهارات واستعراض الأداء المتميز، للحصول على فرص احتراف في أندية عملاقة وكبيرة، لكن ما يحدث في الصين هو الحصول على الكثير من الأموال والقليل جداً من الموهبة والأداء.

واحدة من أبرز الأمثلة على ذلك، انتقال اللاعب البلجيكي كاراسكو إلى الصين، والذي كان بمثابة مفاجأة للجميع، وهو اللاعب الموهوب ذو الـ 24 عاماً، وقد انتقد مواطنه هازارد نجم فريق تشيلسي تلك الخطوة، واصفاً إياها بالمدمرة لكاراسكو، حيث إنه بتلك الطريقة لن يستطيع أن يكون ضمن صفوف المنتخب في كأس العالم. وقد ثارت الكثير من الشائعات حول موقف كاراسكو من اللعب هناك، بعدما تلقَّى هزيمة في أول مباراة له مع الفريق الصيني بثمانية أهداف لصفر، وهو ما كان أمراً مفزعاً للكثيرين ممن يشجعون كاراسكو، وينتظرون منه اللعب باحترافية.

المال لا يصنع النجاح

حصل كارلوس تيفيز عند انتقاله إلى فريق شنغهاي الصيني على أعلى راتب في التاريخ، في الحقيقة كان راتبه ضعف راتب ميسي ورونالدو، لكن النتيجة كانت مخيبة للآمال بشكل كبير، فلم يستطع تيفيز أن يقدم أداء يستحق التقدير في صفوف شنغهاي، وانتهى به الأمر وقد أحرز 4 أهداف فقط في 16 مباراة، ثم وبعد أن قضى هناك موسماً واحداً عاد مرة أخرى إلى فريقه بوكا جونيورز.

ورغم ذلك الراتب الخيالي، فقد صرَّح تيفيز قائلاً "إن اللاعبين في الدوري الصيني لا يعرفون حتى أساسيات كرة القدم".

كذلك بلغ راتب اللاعب أوسكار المنتقل من تشيلسي الإنكليزي إلى شنغهاي الصيني 400 ألف جنيه إسترليني، وعلى الرغم من ذلك لم يسمع أحد عن أي إنجاز استطاع أوسكار تحقيقه كروياً.

البرازيليون كلمة السر الضائعة

بلغ حجم الانتقالات من البرازيل إلى الصين في الفترة من 2003 إلى 2010 بحسب تقارير، نحو 134 صفقة انتقال، وتعدَّدت الأسماء الكبيرة المنتقلة إلى هناك، سواء خلال تلك الفترة أو بعدها، على سبيل المثال اللاعب هالك المنتقل من زينيت سان بطرسبرغ الروسي إلى الدوري الصيني، براتب أسبوعي قدره 320 ألف إسترليني أسبوعياً.

لكن وبرغم كل تلك الصفقات ما زالت الكرة الصينية على حالها، لا تستطيع أن تصل إلى مصاف الدوريات المتنافسة عالمياً، كما أن مستوى الكرة في الصين لم يتحسن بعد، ولم تستطع الصين أن تحقق أي إنجاز دولي في كرة القدم.

النجوم الكبار يحذرون

صرَّح لاعب خط وسط برشلونة تشافي هيرنانديز، أن اللعب في الدوري الصيني أخطر بكثير من الدوري الأميركي الذي يستقطب النجوم في نهاية مشوارهم الرياضي بعروض مالية مغرية؛ وذلك لأن مستوى الكرة في الدوري الأميركي منخفض، لكن الخطر في اللعب في الدوري الصيني هو أن الصين تستقطب اللاعبين المتميزين وهم في ذروة تألقهم الرياضي، وهو ما يتسبَّب في خسارة الكثير بالنسبة لهم. وأضاف أنه يجب على أوروبا أن تتعامل مع الأمر بجدية.

وقد كان رأي الهولندي أرين روبين نجم بايرن ميونخ مشابهاً، حيث قال "إنه لا يستطيع أن يفهم عقلية أولئك اللاعبين الذين ينتقلون إلى الصين في أواخر العشرينيات من عمرهم، فهذا ببساطة بمثابة القضاء على مشوارك المهني".

يشار إلى أن الدوري الصني نجح في استقطاب العديد من النجوم والمواهب الواعدة، أمثال الإيطاليين أليساندرو ديامنتي وغراتسيانو بيلي، والبرازيلي راميريز، والسنغالي ديمبا با.

علامات:
تحميل المزيد