مرّوا من هنا.
خرج معظمهم من قاعات الموت في سجون إدلب وصيدنايا وعدرا، وسجن تدمر الذي يصفه السوريون بالجحيم.
من ظلمات أبوزعبل وطرة وسجن العقرب، وكل أقسام الشرطة المصرية.
حملوا ذكريات الدم والمهانة من زنازين البرواقية والحراش وسجن وهران، وهم يعودون إلى شوارع الجزائر.
عرفوا التعذيب في سجون أبوغريب والكرادة وبادوش، وكانوا عراقيين يخضعون لتعذيب العراقي قبل الأجنبي.
وفي سجون 9 أبريل/ نيسان ومنوبة وباجة التونسية جرّبوا من الألم ما يفوق طاقة الإنسان.
وفي معظم الأحيان يخرجون متعطشين للثأر ممن سلبهم آدميتهم.
الأحدث في قائمة أمراء الإرهاب هو أبوبكر البغدادي، تخرّج من سجن بوكا الأمريكي في سوريا، المعروف بسمعته السيئة في تعذيب النزلاء.
ربما يجعل موت أبوبكر البغدادي من العالم مكاناً أفضل، هكذا قال الإعلام فجر يوم اغتياله في سوريا.
موته حقَّق العدالة لكل امرأة اغتصبها أفراد داعش، وكل صحفي قطعوا رأسه، وعشرات الآلاف من السوريين والعراقيين أساؤوا معاملتهم.
لكنَّ التطرف قصة ما زالت نهايتها بعيدةً، لأن البغدادي الجديد سيطلع علينا عاجلاً أو آجلاً.
سيطلع من سجن عربي ينتهك آدمية النزلاء.
من سلخانات التعذيب المنتشرة بكثافة من المحيط إلى الخليج.
للإرهاب آباء كثيرون: الظلم واللامساواة وضياع الأمل في المستقبل. الأفكار المتطرفة التي تعبر القرون، وتغزو عقول الشباب في أزمنة الهزيمة. الحروب العبثية التي تدمر أجيالا بلا هدف. الفساد والمحسوبية. الطائفية المريضة التي تُلغي الآخر وتسعى لمحوه من الوجود. أسباب كثيرة للإرهاب.
لكن يبقى القمع والتعذيب وانتهاك آدمية الإنسان في الصفوف الأولى من صنّاع الإرهاب، ورعاته، ومنتجيه على مر العصور.